نتنياهو يهدّد لبنان.. الاحتمالات وتبعات الردّ
مرّة جدّيدة يهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزب الله، زاعماً وجود مصانع للصواريخ في محيط مطار بيروت الدولي.
ليست المرّة الأولى التي يلمّح فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستهداف العمق اللبناني عبر تأكيده أن “إسرائيل” لن تسمح لحزب الله بالإفلات دون عقاب، فقد جدّد من على منبر الأمم المتحدة “مسرحيّة الخرائط” التي أعادتنا إلى مسرحيّة “القنبلة النووية” قبل سنوات.
وبعيداً عن خرائط نتنياهو الافتراضيّة، بدا لافتاً هذه المرّة التحذيرات التي أطلقها وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف، عندما حذّر الجانب الإسرائيلي من توجيه ضربات محتملة على لبنان “بسبب الوجود المزعوم لصواريخ”، وفق ما ادّعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي حين اعتبر لافروف أن هذا الأمر يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، أكّد أن موسكو ستعارض بشدة مثل هذه الإجراءات.
“لازمة” نتنياهو التي يردّدها كلّ فترة، لا تلبث أن تخمد بعد تأكيد حزب الله على جهوزيته لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي مهما علا سقفه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد التعقيدات التي تواجه الكيان الإسرائيلي في الساحة السورية إثر استلام الأخيرة لمنظومة الـ “S300“: هل سينفّذ نتنياهو تهديداته؟ وماذا عن ردّ فعل حزب الله؟
أدرك حزب الله منذ نهاية حرب تموز عام 2006 التي ترسّخت فيها معادلة النار بالنار، أن الكيان الإسرائيلي لن يتوقّف عن أعماله العدوانيّة، وبالتالي عمد إلى ترسيخ قدراته العسكريّة مستفيداً من معادلة الردع القائمة، لكنّه أدرك في الوقت عينه أن الجيش الإسرائيلي سيعمد إلى خرق هذه المعادلة في يوم من الأيّام، وقد يكون هذا الخرق محدوداً من قبيل استهداف بضع مواقع عسكرية، أو خرقاً واسع النطاق يهدف لتعطيل البنيّة الصاروخيّة لحزب الله. وفي كلتا الحالتين، يؤكد أحد المطّلعين على تفاصيل الاستعدادات أن جميع السيناريوهات على الطاولة بدءاً من الردّ المماثل عبر استهداف المراكز العسكرية الاستراتيجية، ولاسيّما الصناعيّة منها، وليس انتهاءً بدخول قوات النخبة في حزب الله إلى “إصبع” (الجليل).
يضيف أحد المعنيين بالمواجهة مع العدو الإسرائيلي إن حزب الله اتخذ بالفعل جملة من الإجراءات التي ستستكمل خلال الأيام القادمة، وبالتأكيد سيتلقّى العدو إشارات هذه الإجراءات، ويتابع قائلاً: الرسالة الكاملة سيتلقّاها في الزمان والمكان المناسبين. ويضيف الرجل الذي بقي بعيداً عن الجبهة السوريّة: تبعات أي هجوم صاروخي ستصل لقائدي المنطقة الشمالية والوسطى في الجيش الإسرائيل، ومن خلفهم رئيس الأركان (غادي) إيزنكوت أو من يحلّ مكانة، قبل عودة الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها.
أدبيات السيد نصرالله تؤكد أن الردّ سيكون سريعاً وحاسماً، وهذا السبب الرئيسي في تجنّب الجيش الإسرائيلي شنّ الهجوم على لبنان خلال السنوات العشر الماضية، ولعلّ وجود الجنرال إيزنكوت صاحب “عقيدة الضاحية” في رئاسة الأركان خلال السنوات الماضية حال دون أيّ تهوّر يقوده نتنياهو أو ليبرمان نظراً لامتلاك إيزنكوت خبرات عسكرية واسعة حول حزب الله وقدراته النوعيّة منذ توليه قيادة المنطقة الشماليّة.
إذن، مسألة الهجوم الإسرائيلي لن تكون بهذه البساطة، فضرب مصنع هنا أو هناك لن يغيّر على الأرض شيئاً، خاصّة بعد تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امتلاك الحزب للصواريخ الدقيقة، ومن هنا يبقى الباب “موارباً” أمام خيار الهجوم الواسع الذي سيحمل عنوان: “كل ما يقع تحت استخدام حزب الله في لبنان سيُدمّر، من بيروت حتى آخر نقطة في الجنوب”، وفق تصريح الجنرال إيزنكوت.
في المقابل، الردّ على هذا الهجوم سيكون من هذا القبيل أيضاً ولا شكّ أنه سيكون الأقوى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولن يقتصر الأمر على تهديم المباني والقواعد العسكريّة، بل هناك منشآت استراتيجية وبنى تحتية حيوية ستصبح خارج الخدمة، باعتبار أن كلا الطرفين يدرك أن الوقت هو الخيار الحاسم في هذه الحرب، وبعبارة أدق، إن الحرب المقبلة لن تكون تصاعدية من جهة حزب الله كما كانت في حرب تموز، بل سيكون سقفها الأوّل مرتفع جدّاً لا يسمح لمجلس الوزراء المصغّر (الكابينت) بعقد جلساته حيث يريد، وبالتالي من يمتلك قدرة تحمّل أكبر سيكون المنتصر في هذه الحرب.
لا ندري هل سيقود إيزنكوت هذه الحرب خلال فترته المتبقّية إلى ديسمبر المقبل، أم إن الذي سيحلّ مكانه هو من سيفعلها، في ظل تصاعد معركة التعيين بين نتنياهو الذي يريد تعيين “الميجر جنرال إيال زامير ووزير حربه ليبرمان الذي مازال تائهاً بين مرشحين اثنين، هما الجنرال أفيف كوشافي والجنرال نيتسان ألون، وفي المقابل، لا ندري طبيعة ردّ حزب الله وتفاصيله، لكن ما هو مؤكد أن المقاومة لن تلتزم بأي خطوط حمراء بشأن الأمونيا والنووي”، كما أكّد السيد نصرالله سابقاً.