أفاد موقع «المونيتور» بأن المملكة العربية السعودية، تعاقدت مع أحد ألمع المحامين الأمريكيين من أجل «وقف (تمرير) مشروع قانون مقترح داخل الكونغرس، من شأن إقراره أن يسمح بمقاضاة الدولة المنتجة للنفط» أمام محاكم الولايات المتحدة، على خلفية السياسات النفطية المتبعة من جانب الرياض.

وأضاف الموقع الإلكتروني أن المملكة العربية السعودية، كلّفت شركة محاماة في واشنطن، يديرها تيد أولسون، وهو شخصية محسوبة على «الحزب الجمهوري»، وقد شغل سابقاً منصب المدعي العام إبان عهد جورج دبليو بوش، تولي ملف القضية، مشيرة إلى أن قيمة العقد الموقع بين الرياض، والشركة، تبلغ 250 ألف دولار، وذلك لقاء «تقديم استشارات»، و«نشر تحليلات قانونية» حول القضية، علاوة على «ممارسة الضغوط على المشرعين الأمريكيين، من أجل وقف (تمرير) مشروع القانون الرامي إلى جعل أعضاء منظمة أوبك، عرضة للمساءلة القانونية بموجب قانون مكافحة الاحتكار، المعمول به داخل الولايات المتحدة، إذا ما تبين تلاعبهم بالأسعار، وتواطؤهم بغرض التلاعب بإمدادات النفط».

وأردف الموقع أن العقد المبرم يلحظ إمكانية أن يتقاضى أولسون 100 ألف دولار شهرياً من قبل المملكة، في حال طلبت الأخيرة «توسيع العقد ليشمل عقد اجتماعات (بين أولسون)، والمشرعين الأمريكيين»، مضيفاً أن «احتمال تعرّض المواطنين السعوديين للمساءلة الجنائية، والمدنية (أمام المحاكم الأمريكية)، في ما يخص صفقات النفط، تسبب بقلق الرياض بشأن التأثير السلبي» الذي يحمله مشروع القانون المذكور، والمعروف باسم «قانون نوبك»، على العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، في حال تمريره.

وتابع «المونيتور» أنه «في حال بادر الكونغرس إلى رفع مشروع القانون إلى الرئيس ترامب، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إحراج الإدارة، في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى تعزيز علاقاتها مع الرياض» في مواجهة تنامي نفوذ طهران في الشرق الأوسط، وإلى «إعادة إحياء مجلس التعاون الخليجي، الذي يعتريه الوهن، والتناقضات» على وقع الأزمة الخليجية.

ولفت الموقع إلى أن مشروع «نوبك»، «يحظى بتأييد أعضاء من الحزبين (الديمقراطي، والجمهوري)، داخل الكونغرس، بغرفتيه»، في إشارة إلى مجلسي الشيوخ، والنواب، مبيناً أن رئيس لجنة القضاء في مجلس النواب بوب غودلاتي، رأى فيه خطوة «تأخر قدومها»، فيما أعرب النائب عن الحزب الديمقراطي جيري نادلر عن تأييده للمشروع، مشدداً على أنه «سوف يفسح المجال أمام تطبيق أحكام قسرية» إزاء أي مخالفة محتملة لبنود القانون.

وفي هذا الإطار، شرح غودلاتي للموقع أن «مشروع القانون (نوبك) سوف يخضع (بلدان) أوبك لقوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية، على نحو يجردها من الحصانة القانونية المعطاة لها، بموجب سابقة قانونية»، حين أصدرت إحدى المحاكم الأمريكية في العام 1979 حكماً يقر بالافتقار إلى الآليات القانونية المطلوبة من أجل مقاضاة «أوبك» على أراضي الولايات المتحدة.

وذكّر «المونيتور» بقانون «جاستا»، الصادر في العام 2016، والذي سمح لأهالي ضحايا هجمات الـ11 من سبتمبر برفع دعاوى قضائية ضد الجهات المتورطة في تلك الهجمات، للدلالة على أنها «ليست المرة الأولى، خلال الأعوام الأخيرة، التي تعكف فيها المملكة العربية السعودية على التصدي لتهديدات بمقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية»، موضحاً أن الرياض أنفقت مئات ملايين الدولارات من أجل منع إقرار القانون المشار إليه.

وفي معرض التعليق على محاولات تمرير قانون «نوبك»، أفادت كارين يونغ، وهي باحثة في «معهد أمريكيان انتربرايز»، الذي يعنى بدراسة الاقتصاد السياسي لبلدان الشرق الأوسط، أن «التهديد بمساءلة (رعايا الدول الأخرى)، عن طريق اعتماد مسار معين لمقاضاتهم أمام المحاكم الأمريكية، مع إمكانية مصادرة الأصول المالية العائدة لأفراد، وحكومات (أجنبية)، يشكل رافعة قوية، وخطرة جداً للنفوذ الأمريكي»، محذرة من أن «استخدام ذلك التهديد بصورة متكررة، إلى جانب إبقائه (سيفاً) مسلطاً على رقاب شركائنا الأمنيين، مثل المملكة العربية السعودية، يمكن أن يؤثر في مجالات التعاون الأخرى، وكذلك في القضايا المتصلة بأمن الطاقة».

وفي سياق متصل، لحظ الموقع المآرب السياسية المتوخاة من تمرير القانون، موضحاً أن «مؤيدي إقرار مشروع قانون نوبك يقولون إن ذلك من شأنه أن يمنح المفاوضين الأمريكيين نفوذاً أكبر من أجل حث بلدان أوبك إلى زيادة إنتاج النفط، على وقع العقوبات الأمريكية المرتقبة على صناعة النفط في إيران»، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من «الاتفاق النووي» مطلع العام الجاري.

بدورها، قالت آرييل كوهين، وهي باحثة في «برنامج الطاقة العالمي» لدى مؤسسة «المجلس الأطلسي» للبحوث، إن «قانون (نوبك)، هو أداة تفاوضية، ووسيلة ردع أكثر من أي شيء آخر، من أجل ضمان عدم قيام بلدان أوبك بالتآمر، أو محاولة قطع الإمدادات كما سبق لهم أن فعلوا في الماضي».

(العربي)