العفو الدولية : تدعو المجتمع الدولي للتحقيق في الانتهاكات وجرائم الحرب في اليمن
* العفو الدولية: مسار دموي مرعب للموت والدمار في تعز وعدن
* قوات التحالف تقاعست بشكل فادح عن اتخاذ الاحتياطات لتقليص أعداد الضحايا المدنيين
* استخدام الأسلحة “غير الدقيقة” من قبل المتصارعين على الأرض ساهم في زيادة أعداد الضحايا
* التقرير عن شهود عيان: ما حدث في المخا أشبه بيوم القيامة وفي لحج اختلطت أشلاء الإنسان والماشية
قالت منظمة العفو الدولية إن الحرب السعودية على اليمن خلفت “سلسلة دامية من الضحايا المدنيين”. داعية الأمم المتحدة لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في وقوع جرائم حرب .
وأوضح تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أمس أن أكثر من أربعة آلاف شخص، قتلوا في اليمن منذ بدء العدوان معظمهم من المدنيين.
ولفت التقرير إلى إن “جميع الأطراف المتصارعة قد تكون ارتكبت جرائم بحق المدنيين.
وقالت كبيرة مستشاري منظمة العفو الدولية لشؤون الأزمات دوناتيلا روفيرا ” يصور التقرير بتفاصيل مروعة سلسلة الدم والقتل والتدمير في تعز وعدن الناجمة عن هجمات مثيرة للرعب يمكن اعتبارها جرائم حرب “.
وأشارت دوناتيلا روفيرا إلى اضطرار المدنيين للفرار من الغارات الجوية السعودية وتبادل النيران بين الأطراف المتقاتلة .. داعية الأمم المتحدة لوضع لجنة دولية للتحقيق في “جرائم الحرب “.
ويحقق التقرير المكون من 30 صفحة في ثمان هجمات شنتها السعودية في شهري يونيو/ ويوليو/ الماضيين سقط فيها مئات الضحايا وفي مقدمته مذبحة المخا بتعز قتل فيها 141 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى جرائم أخرى نسبها التقرير للقوات المتصارعة على الأرض.
وكشف التقرير أن غارات كثيرة شنتها السعودية في اليمن استهدف المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وفي معظم الحالات، لم يكن يوجد أي هدف عسكري قريب من هذه المناطق المأهولة بالسكان ..
وأكد التقرير الذي نشر أمس على موقع المنظمة على تقاعس قوات التحالف باتخاذ الاحتياطات لحماية المدنيين وتقليص أعداد الضحايا منهم حيث قال: أثناء زيارة ميدانية إلى اليمن خلال شهري يونيو ويوليو 2015، أجرت بعثة منظمة العفو الدولية تحقيقات في تفاصيل ثماني ضربات جوية نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية وتسببت بمقتل 141 مدنياً على الأقل وجرح أكثر من 101 آخرين معظمهم من النساء والأطفال. وتُظهر الأدلة التي تم جمعها وجود نمط من الضربات التي تستهدف مناطق مكتظة بالسكان، بما في ذلك بعض منازل المدنيين وإحدى المدارس وأحد الأسواق وأحد المساجد. ولم يثبت في معظم هذه الحالات وجود هدف عسكري بالقرب من مكان وقوع الضربة.
وقالت دوناتيلا روفيرا: “لقد تقاعست قوات التحالف بشكل فادح عن اتخاذ الاحتياطات الضرورية لتقليص حجم الإصابات في صفوف المدنيين وفق ما تقتضيه أحكام القانون الإنساني الدولي. كما إن الهجمات العشوائية التي توقع قتلى أو جرحى بين المدنيين ترقى إلى مصاف جرائم الحرب”.
وواصفاً هوْل إحدى الهجمات على مجمع سكني يقطنه العاملون في محطة توليد الطاقة الكهربائية في المخاء بتاريخ 24 يوليو ، قال أحد السكان أن “الجثث والرؤوس” كانت مبعثرة في أرجاء المكان “الذي لفته ألسنة اللهب وغطاه الرماد” وقارن الموقف بمشهد من مشاهد “يوم القيامة” على حد تعبيره.
وأخبر شخص آخر من سكان المنطقة منظمة العفو الدولية أنه لا زالت تطارده ذكريات سيره في “برك الدماء والأطراف المقطوعة” التي تعود لأكثر من 20 ضحية.
كما تسببت إحدى هجمات قوات التحالف بتاريخ 9 يوليو بمقتل 10 افراد من عائلة واحدة بينهم أربعة أطفال لجأوا للاحتماء بإحدى المدارس شمال عدن عقب نزوحهم من منزلهم جراء القتال.
وقال والد ثلاث شابات قُتلن في الهجوم لمنظمة العفو الدولية: “لقد جئنا إلى هنا فراراً من الحرب. فلم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه”.
كما أوقعت إحدى الضربات الجوية غير المشروعة في 7 يوليو 11 قتيلاً بين المصلين في مسجد في الوهط شمال عدن. وذكر شهود عيان على ضربة جوية أخرى على أحد أسواق الماشية وقعت قبل يوم أيضاً في شمال عدن، تفاصيل مروعة للمجزرة هناك.
ووصف أحد الناجين من الضربة كيف تسببت إحدى الشظايا بشق بطنه ملحقةً أضراراً بأحشائه الداخلية. فيما وصف شاهد عيان آخر المشهد “بالمجزرة”، وأضاف قائلاً: “اختلطت أشلاء ودماء البشر والماشية مع بعضها البعض. لقد كان المشهد مؤلماً”.
وجاء في تقرير المنظمة أنها حققت في 30 هجوماً في عدن وتعز ما بين جماعة أنصار الله تساندها قوات الأمن والجيش والجماعات المسلحة المناوئة لهم وتسببت تلك الهجمات بمقتل 68 مدنياً وجرح 99 آخرين.
وقالت: اعتاد مقاتلو الطرفين استخدام أسلحة غير دقيقة التوجيه من قبيل صواريخ غراد وقذائف الهاون والمدفعية في مناطق سكنية مكتظة، في ازدراء صارخ لسلامة المدنيين. وقد ترقى مثل هذه الهجمات العشوائية إلى مصاف جرائم الحرب.
وأُطلقت الصواريخ المستخدمة في إحدى تلك الهجمات على حي المنصورة بعدن يوم 1 يوليو وأصابت فندقين يؤويان عائلات نازحة. ولحقت بآمال علي وطفلها البالغ من العمر 18 شهراً أسوأ الإصابات التي وقعت بين المدنيين في ذلك الهجوم. وقالت آمال متحدثة عن طفلها: “اخترقت الشظية رأسه وخرجت من عينه اليسرى متسببةً بضرر داخلي. وقد خسر عينه وهو يرقد الآن في غيبوبة”.
كما أصيب أربعة آخرون من أفراد عائلتها بينهم رضيعها الثاني البالغ من العمر 3 أشهر فقط. وتسبب الهجوم بإصابة امرأة تبلغ من العمر 55 عاماً بالشلل الكلي.
ويظهر أن معظم الهجمات قد أُطلقت من داخل الأحياء المكتظة بالسكان فيما يشكل انتهاكاً لأحكام القانون الإنساني الدولي. ووصف أحد السكان وضع المدنيين العالقين وسط القتال بقوله: “هم يتقاتلون فيما بينهم ونحن علقنا بينهم ولكن لا مكان آخر لنا نتوجه إليه”.
وقالت دوناتيلا روفيرا في تقريرها: “إن تقاعس جميع أطراف النزاع بشكل صارخ عن الحرص على تقليص حجم الإصابات بين المدنيين أثناء القتال قد عاد بتبعات كارثية على المدنيين بكل معنى الكلمة.
وإن الطبيعة البشعة لحجم الإصابات لتكشف الرعب الحقيقي وواقع الحرب المؤلم والأثر المميت طويل الأجل الذي تحدثه هذه الهجمات على المدنيين”.
وناشدت منظمة العفو الدولية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تشكيل لجنة دولية تُعنى بالتحقيق بشكل مستقل وحيادي في جرائم الحرب التي ارتكبت أثناء النزاع.
واختتمت دوناتيلا روفيرا تعليقها قائلةً: “على مرتكبي هذه الهجمات البشعة ضد المدنيين في اليمن أن يعلموا أنهم سوف يدفعون ثمن أعمالهم وأنه سوف تتم محاسبتهم على ارتكاب جرائم الحرب.
وإذا تقاعس المجتمع الدولي عن التحقيق مع مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى استمرار ارتكاب عمليات القتل والإصابة بحق المدنيين بلا هوادة”.