كل ما يجري من حولك

أبعد من جرائم حرب: من سيدافع عن ضحايا اليمن؟

315
أبعد من جرائم حرب: من سيدافع عن ضحايا اليمن؟

تتشابك خيوط الحرب اليمنية وتتعقد ظروفها يوما بعد ونحن نتجه نحو ذكرى عامها الرابع، هذه الحرب التي تحولت بعد مرور هذه الأيام إلى كابوس يأخذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نحو المزيد من الانعزال، وبما انه شكوكي بطبعه، نعتقد بأنه بدأ يشعر بأن الأزمة اليمنية التي رافقها أزمات سابقة ولاحقة كان له دور كبير في إحداثها، أصبحت تثقل كاهله وتؤكد له بأن الحل العسكري “لن يكون مجدياً” مهما طالت أيام هذه الحرب، وقصف المدنيين لإجبار مقاتلي اليمن على الاستسلام لم يجدي نفعا أيضا ولس هناك سبيل للحل سوى الحوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الخاصة.

دفع دولي نحو محاسبة المتورطين في مجازر اليمن

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورغم تحدثه عن علاقة بلاده الاستراتيجية بالسعودية، إلا أنه لا يستطيع أن يتخلص من سمته الأصلية بكونه “تاجر” يبحث عن المال أينما ذهب، ولا نستغرب أن يكون الضغط الذي تمارسه اليوم على السعودية فيما يخص المجزرة الأخيرة التي استهدفت حافلة ركاب كانت تُقل أطفالا في صعدة (شمالي اليمن)، يأتي ضمن هذا السياق، وإلا لكانت عاقبت واشنطن السعودية منذ مجزرة “الصالة الكبرى” التي راح ضحيتها المئات، رافقها بعض الادانات دون ان تحرك دولة سكاناً في اتجاه منع توريد الاسلحة إلى السعودية، والأسلحة التي قتلت المئات قبل عامين من الآن هي نفسها التي قتلت الأطفال قبل شهر، وهي أمريكية بطبيعة الحال.

اليوم واشنطن تقول انها تأخذ “على محمل الجد” تقريرا أمميا أشار الى “جرائم حرب” محتملة ارتكبت في اليمن من كافة أطراف النزاع وضمنها المملكة السعودية حليفة الولايات المتحدة، وقالت هيذر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “اطلعنا على تقرير مجلس حقوق الإنسان. إن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي التي أشار إليها هذا التقرير تقلق بشكل عميق الحكومة الأميركية”، وأضافت “نعتقد أن لاشيء يمكن أن يبرر مثل هذه الجرائم إذا كانت حدثت فعلا” داعية أطراف النزاع إلى “اتخاذ الاجراءات الضرورية للتوقي من مثل هذه الانتهاكات”، بحسب “فرانس برس”.

ومن جانبها وجهت وزارة الدفاع الأمريكية، تحذيرا للملكة العربية السعودية، بأنها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباراتي، لحملتها ضد جماعة “أنصار الله” في اليمن، إذا لم يُظهر السعوديون أنهم يحاولون تقليل عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات، ولكن من غير الواضح، إذا ما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يرى السعوديين كحليف رئيسي، سوف يقبل بتخفيض الدعم. وتقدم الولايات المتحدة حاليا إعادة تعبئة الوقود للطائرات السعودية في الجو، وبعض الدعم الاستخباراتي، رغم أنه لم يتضح أبدا إذا كانت الولايات المتحدة تقدم أي مساعدة في تحديد الأهداف، لكن الأسلحة التي تستخدمها الرياض في قصف اليمنيين أمريكية الصنع.

إذا لم تتم محاسبة المسؤولين عن المجزرة الأخيرة في “صعدة” والتي راح ضحيتها 51 شخصا بينهم 40 طفلا، وأوقعت 79 جريحا بينهم 56 طفلا، لن يكون هناك أمل في انهاء الحرب الدائرة في اليمن في المستقبل القريب والتي أدت إلى أفظع كارثة انسانية في العالم ودمرت بنى البلاد التحتيتة وشردت نسائها وأطفالها وجعلتهم من دون مأوى يعانون حر الصيف وبرد الشتاء ومصابين بأمراض شتى نتيجة عدم الرعاية الصحية، وستكون عدم المحاسبة بمثابة اعطاء ضوء أخضر لاستمرار القصف ضد المدنيين، فالادانات الشفهية لن تجدي نفعا وستسمح بتأزيم الأمور هناك.

التورط مع تنظيم القاعدة

قبل عدة اسابيع كشفت وكالة “أسوشييتد برس”، النقاب عن أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، أبرم اتفاقات سرية مع مقاتلي تنظيم “القاعدة”، ودفع لهم أموالا للخروج من مناطق رئيسية، كما أنه أبرم اتفاقات معهم للانضمام إلى “التحالف” الذي يقاتل جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) في هذا البلد منذ ربيع عام 2015، وذلك كله بعلم وتسهيل من الأميركيين، وحسب الاتفاق تم دفع المال لبعضهم لقاء مغادرتهم المدن والبلدات الرئيسية التي كانت تحت سيطرتهم في اليمن وترك آخرين ينسحبون مع كامل أسلحتهم ومعداتهم وعتادهم وكم كبير من الأموال المنهوبة، وفقا لما كشفه التحقيق. كما جند المئات منهم للانضمام إلى التحالف ذاته.

ألا تكفي هذه التقاري الموثقة لكبح جماح التحالف السعودي الاماراتي في قتل المزيد من المدنيين العزل في اليمن؟!.

الخميس الماضي اعترفت منظمة هيومن رايتس وتش، بإن الغارة التي شنها العدوان السعودي على مراسم عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء، يبدو أنها جريمة حرب، وأضافت المنظمة الدولية “إن الغارة على مراسم العزاء تؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية موثوقة في انتهاكات قوانين الحرب في اليمن”.
ونحن نضيف إلى ذلك بأن الحاجة اليوم ملحة اكثر إلى ملاحقة بن سلمان ووبن زايد في محكمة العدل الدولية، فكل التقارير المنتشرة تؤكد بالدليل القاطع تورط الاميرين في ارتكاب جرائم حرب في اليمن، وما يجري اليوم من محاولات سعودية لرمي كرة جرائم الحرب في ملعب أنصار الله، ونقل التهمة من على كتفها وإلقائها في الحضن اليمني لن يكون سوى هروب جديد من تحمل المسؤولية والفشل الذريع الذي شهده التحالف هناك وتبرئة جرائمهم، وكالعادة محاولة الاصطياد في الماء العكر.

*الوقت

You might also like