كل ما يجري من حولك

ساجد الدوير إلى الغجر.. ورفاقه إلى ما بعد ما بعد الغجر

450
ساجد الدوير إلى الغجر... ورفاقه إلى ما بعد ما بعد الغجر

بعد 12 عاماً على رحيل شهيد الوعد الصادق، القائد محمد قانصو ساجد، استعاد لبنان يوم أمس ذكرى هذا الفارس الذي صال وجال في معظم جبال وأودية الجنوب منذ العام 1985 مطارداً الغزاة الصهاينة، يوم أمس كشف الإعلام الحربي التابع للمقاومة صوراً جديدة تعرض للمرة الأولى للقائد الشهيد ساجد الدوير وهو يقود اقتحاماً للموقع الشرقي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر الحدودية المحتلة، الذي نفذته المقاومة عام 2005، هذه الصور أتت لتذكّر بمعادلات الردع التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال أي حرب مقبلة مع العدو الإسرائيلي ومنها “حيفا وما بعد حيفا” أو معادلة “الجليل وما بعد الجليل” التي أجبرت الاحتلال على التفكير 1000 مرة قبل الإقدام على أي عمل عسكري ضد لبنان.

التذكير بمعادلة الجليل وما بعد الجليل

صور القائد الشهيد ورفاقه من داخل بلدة الغجر المحتلة، ذكرت بمعادلة الجليل وحول قدرة حزب الله على الدخول إلى الأراضي المحتلة وتحريرها من الدنس الإسرائيلي، فإذا حصلت الحرب التي لا يتمناها رجال المقاومة وإنما يستعدون لها، فإنها ستكون أمّ المعارك حيث إنها لن تنحصر فقط في أرض الطرف المقاوم كما جرى في كل الحروب الأخيرة مع الكيان الاسرائيلي بل تتعداها إلى الداخل المحتل، كما أنها لن تكون من جبهة واحدة كما في السابق بل ستنضم إليها جبهة الجولان المحتل الذي تحرّر منذ فترة وجيزة من الإرهابيين، ومن خلال هاتين الجبهتين سيدخل جنود المقاومة إلى العمق الفلسطيني مسافات قد تمتد إلى عشرات الكيلومترات، مناطق كثيرة ستتحرر في الأيام الأولى من الحرب كصفد وطبريا والناصرة ونهاريا وعكا وحتى مدن الخضيرة ونتانيا من الجهة الساحلية وغيرها، بمعنى آخر إن حزب الله سينقل المعركة البرية إلى أرض العدو أيضاً ما يفرض على العدو تغيير تكتيك المعركة نحو الدفاع بشكل كبير وهو تحوّل كبير سيربك حسابات العدو.

قدرات حزب الله القتالية منذ عام 2006

بعد عدوان تموز 2006 شهد الحزب نقلة كبيرة على الصعيد العسكري إذ طوّر قدرات جديدة، وخاصة بعد دخوله في المعارك ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، استطاع الحزب خلالها كسب الخبرة الكافية، وتحوّل من استراتيجية دفاعية التي كان يعتمدها في معاركه مع الكيان الإسرائيلي إلى استراتيجية هجومية.

وفي هذا السياق يقول المحللون صهاينة إن القيادة الإسرائيلية  كانت لا تهدف من الحرب الدائرة في سوريا إسقاط النظام فقط بل كانت تريد خلق حالة يتمّ فيها تغيير سلوك الدولة السورية الداعمة لحزب الله، وصولاً إلى هدف حصاره والقضاء عليه، إلا أن نتائج الأزمة السورية التي شارفت على الانتهاء لم تحقق ما كان يبتغيه الإسرائيلي منها، بل على العكس تماماً وجدت أنّ الحزب أطلق العنان لمقادير هائلة من القوة، وباتت طموحاته العسكرية مرئية وأكثر خطراً على وجود “إسرائيل” التي تولّدت لديها مشاعر مزدوجة من الحذر والإقدام على حرب جديدة معه.

وأشار تقرير أعدته مجموعة “HLMG) “High Level Military Group)، والتي تضم كبار ضباط الاحتياط في جيوش أمريكا وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وإيطاليا، بالإضافة إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين في “إسرائيل” إلى أن قدرات الحزب العسكرية أصبحت كبيرة خاصة بعد قتاله في سوريا، واصفةً تجهيزاته العسكرية بأنها “قدرات عسكرية لدولة”.

كما شهدت الأعوام الماضية قيام الجيش الإسرائيلي ببناء ساتر اسمنتي كبير في بعض الأماكن على الحدود اللبنانية الفلسطينية، إضافة إلى تلاعبه بجغرافيا المنطقة، حيث قام بحفر الجور الكبيرة، ووضع الأسلاك الكهربائية وفخخ الحدود بالألغام والقنابل العنقودية وغيرها… كل ذلك في سبيل إعاقة مجاهدي المقاومة عن التقدم إلى الداخل الإسرائيلي ويعني بشكل غير مباشر فشل استراتيجية آلون الإسرائيلية التي تنص على نقل المعركة إلى أرض العدو أي المناورة والحركة على الخطوط الداخلية أو بمعنى آخر استراتيجية “الاقتراب غير المباشر”، وكذا الركون إلى عنصر المفاجأة أو المباغتة في العدوان أو الضربة الاستباقية والتي تُفْقد العدو توازنه معتمدةً على الحركة السريعة المفاجئة، وبالتالي لا يكون أمام الدول العربية سوى خيار الدفاع الاستراتيجي.

القلق الإسرائيلي

يقول قائد اللواء 300 في الجيش الإسرائيلي ألون مدناس إن “خبرة كبيرة يراكمها حزب الله في سوريا والأيام ستخبرنا إن كان المستنقع السوري أفاده أم أضره، لكن ما من شك بأنّ الخبرة التي يراكمها مقاتلوه في القتال بسوريا تثير قلقنا”. 

إذن هي كلمات لقادة العدو الإسرائيلي تبرز القلق الذي يعيشه الكيان وجنوده من تعاظم قدرات حزب الله في المنطقة، فجنوده حيث يجب أن يكونوا كانوا وسيكونون، ومن سوريا وصلوا إلى العراق فاليمن المحاصر، ويحققون الانتصار تلو الآخر، ولا يقف أمامهم شيء إلا ودمروه وهزموه، فكيف لا يمكنهم تحرير الجليل وما بعد الجليل أو تحرير فلسطين؟ سؤال لا يزال الإسرائيلي يبحث عن جواب عليه عبر مناوراته العسكرية الكثيرة منذ حرب تموز والتي كان آخرها الأسبوع الماضي التدرّب على تكتيك المعركة المزدوجة الجديد للقوات المناورة في الحرب المقبلة.

وبحسب صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية فقد شارك آلاف الجنود من قوات المشاة والهندسة والدبابات في المناورة التي أطلق عليها اسم “طاقم جدعون القتالي” نسبة إلى خطة جدعون المتعددة السنوية، وذلك في إطار استعدادات القوات البرية للحرب المقبلة التي قد تنشب مع حزب الله في لبنان.

وقال أحد الضابط الإسرائيليين المشاركين في المناورة “إن قدرات حزب الله العسكري قد تنامت خلال السنوات الأخيرة بفضل مشاركة قواته في الحرب الدائرة في سوريا، حيث إن التنظيم يتميّز اليوم بقدرته الكبيرة على الاختفاء والتمويه والحركة والمبادأة كما أنه يمتلك قدرات كبيرة في القيادة والسيطرة على ميدان المعركة”.

ختاماً.. لـ “لإسرائيل” نقول إن مثل “ساجد الدوير” و”الحاج عماد” وغيرهم من الشهداء… عشرات الآلاف من المقاومين الذين لا يهابون الموت، قد وضعوا من الصلاة في القدس هدفاً نصب أعينهم، وهم على استعداد للتضحية بأنفسهم وبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق ذلك، فمن منّا لا تنعشه نشوة الانتصار على العدو الإسرائيلي، ولا يدغدغه حلم تحرير فلسطين.

*الوقت

You might also like