اليمن في مراكز الدراسات الغربية: التكنولوجية اليمنية تثبت فاعليتَها
اعتبر معهد «لوي» الاسترالي، أنه «مع استمرار النزاع المميت في اليمن، فإن مقدار المساعدة التي يقدمها الإيرانيون للحوثيين تظل قابلة للتخمين، على الرغم من أن التحالف الذي تقوده السعودية، يحرص على تصوير الحوثيين على أنهم عملاء، وليسوا حلفاء لإيران».
ولفت المعهد الاسترالي، إلى أنه «في الوقت الذي تؤكد فيه على الأدلة، نقل التكنولوجيا والأسلحة من إيران إلى اليمن، سواء عن طريق البر عبر عُمان، أو عبر البحر الأحمر، فقد أظهر اليمنيون أيضاً قدرتهم على الارتجال عند الضرورة»، مشيراً إلى أن «أكبر دليل على ذلك مقدرتهم على تحويل الصواريخ المضادة للسفن التي تطلق من على السفن إلى اليابسة».
كما أشار المعهد إلى أن «الطائرات المسيّرة تدخل أيضاً في مجال الابتكار، حيث نشر الحوثيون طائرات من دون طيار، كطائرات انتحارية، والتي تهدف إلى تدمير الرادارات الداعمة لأنظمة باتريوت الدفاعية المضادة للصواريخ التي تستخدمها المملكة العربية السعودية والقوات الإماراتية، وذلك من أجل السماح للهجمات للصواريخ البالستية التي يطلقها الحوثيون بفرصة أفضل لاختراق الدفاعات الجوية».
وبيّن المعهد الاسترالي أن «تسليح الطائرات الحوثية من دون طيار، واستخدامها كقدرة إستراتيجية وليست تكتيكية، قد يكون ابتكاراً إضافي على الأقل، إذا ما صحّت مزاعم وسائل الإعلام المؤيدة للحوثي، التي نشرت في شهر يوليو الماضي مقاطع فيديو حول ما قالت إن أحد الطائرات المسيّرة عن بعد، قد أسقطت قنابل صغيرة على القوات السعودية والإماراتية خلال المعارك».
وختم المعهد الاسترالي، بالتأكيد على أنه «مهما كانت الحقيقة، من حيث الحفاظ على دعم الناس في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فإن حملة عمليات المعلومات التي يشنها الحوثيون بأسطول طائراتهم من دون طيار، تثبت فعاليتها، وتثبت اليمن مرة أخرى، حتى للدول الإقليمية، أن جغرافيتها الطبيعية والبشرية تجعله أحد أصعب البيئات للقوات الغازية».
الضوء الأصفر لن يجنب أمريكا من التواطؤ
وفي سياق آخر، رأى معهد «لوفير» الأمريكي المعني بدراسات الأمن القومي، أن «الفرصة ما زالت متاحة أمام الولايات المتحدة للدفع بمفاوضات السلام في اليمن، حتى في الوقت الذي ينفجر فيه البلد، وينمو نفوذ إيران ويغرق حلفاء الولايات المتحدة في المستنقع».
وكشف المعهد الأمريكي عن أن «إدارة أوباما لم توافق على التدخل بشكل كامل عندما بدأت السعودية حملتها في اليمن، كما أنها لم تعارضه بقوة، واستقرت في النهاية على موافقة فاترة، وانخرطت في الوقت نفسه في حربها الخاصة في اليمن، لتعقّب إرهابيي هجمات الحادي عشر من سبتمبر».
وأشار المعهد إلى أن الولايات المتحدة «اتبعت سياسة مُربكة في اليمن أثناء فترة تولي إدارة أوباما»، مرجعاً سبب ذلك «لمحاولتها تحقيق التوازن بين المخاوف الإنسانية، والإحساس بأن التدخل قد يفشل، وبين الرغبة في إرضاء السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث ينظر هؤلاء الحلفاء إلى اليمن على أنها قضية إقليمية رئيسية، لأنهم قلقون بشأن النفوذ الإيراني هناك».
ولفت «لوفير» إلى أن «مجموعة الأزمات الدولية»، «قد وصفت سياسة الولايات المتحدة في اليمن بأنها ضوء أصفر»، مبيناً أن ذلك «مؤشر على ازدواجية الولايات المتحدة، التي تجاهلها الحلفاء بلا مبالاة، مدركين بأن الدعم الأمريكي سيظل قائماً، لكنهم سرعان ما أدركت أنها كانت على خطأ بعد أن تلقت السعودية صفعة معنوية رمزية قبيل مغادرة أوباما لمنصبه، بوقفه بيع القنابل الذكية إلى المملكة بسبب الحرب والأخطاء العسكرية المتكررة التي أدت إلى مقتل العديد من المدنيين اليمنيين».
وفي المقابل، أكد المعهد على أن العلاقة بين الولايات المتحدة السعودية في عهد إدارة الرئيس ترامب «شهدت تطوراً ملحوظاً في بادئ الأمر، بعد أن سارع الأخير لرفع الحظر عن مبيعات القنابل الذكية للمملكة، والموافقة بشكل إيجابي على رؤية السعودية والإماراتية المتعلقة باليمن»، لكن المعهد عاد ليوضح «أنه وبالمجمل، لم تنحرف إدارة ترامب كثيراً عن أوباما، حيث رفضت مؤخراً طلباً للانضمام إلى الهجوم الحالي الذي تقوده دولة الإمارات على ميناء الحديدة الاستراتيجي غربي اليمن».
ورجّح «لوفير» أن «تدفع عملية الحديدة الوضع الإنساني في اليمن من مرحلة الكابوس إلى ماهو أسوأ، بسبب القتال والإبطاء المحتمل أو غير الموجود لإعادة الإعمار بعد الصراع، حيث الملايين من اليمنيين حياتهم مهددة بالخطر، في حين أن الحوثيين، الذين يعذبون المعارضين السياسيين، لا يبدو أنهم مبالين أيضاً ببؤس العديد من اليمنيين».
وشدد المعهد على «وجوب أن تتخلى الولايات المتحدة عن سياسة الضوء الأصفر في اليمن لصالح سياسة الضوء الأحمر»، مؤكداً على أنه «لا فوائد يمكن للولايات المتحدة أن تجنيها من دعم التدخل السعودي والإماراتي»، معتبراً أن «نهج الحلفاء هو هزيمة ذاتية»، ومحذراً من أن «الاستمرار في إتباع سياسة الضوء الأصفر، لن تُجنب تواطؤ الولايات المتحدة في الكارثة الإنسانية في اليمن فحسب، ولكنه يمكّن أيضاً كل من السعودية والإمارات من اتخاذ خطوات مدمرة في ذلك البلد».
ونوه المعهد الأمريكي إلى أنه «على الرغم من الحملة العسكرية السعودية الهادفة للحد من النفوذ الإيراني، فإن الأخيرة باتت حضورها أقوى في اليمن مما كانت عليه قبل التدخل، كما أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، قد استغل في بعض الأحيان، الفوضى للتوسع وما زال قويا رغم الجهود الإماراتية والأمريكية لمحاربته».
وذهب «لوفير»إلى القول «على الرغم من أن كل من الإمارات والسعودية، أنفقتا عشرات المليارات من الدولارات على هذه الحرب، فأن الكثير من اليمنيين يكرهونهما الآن بسبب الدمار الذي ألحقته الحرب»، مرجحاً في ذات الوقت أن «تستمر الحرب القائمة، حتى لو تحقق لهما النصر في الحديدة».
وأكد على أن عملية الحديدة «توفر فرصة لتجديد المفاوضات»، لكنه رجّح في المقابل «أن لا تستغل إدارة ترامب تلك الفرصة، على الرغم من أنها تمتلك نفوذاً هائلاً على حلفائها»، مشيراً إلى أن «سبب فشل المفاوضات مراراً وتكراراً، يعود لتعدد الجماعات المتنازعة فيما بينها، ولوجود عديد الانقسامات بين الأطراف المتنازعة، ولفقدان القوى الأجنبية السيطرة على العديد من وكلائها».
وعلى الرغم من إيراده لعديد الأسباب المعرقلة للعملية السياسية في اليمن، فإن المعهد الأمريكي، اعتبر أن «تعزيز السلام لا يزال قائماً، بالنظر إلى الوضع الخطير الذي يشهده هذا البلد، خاصة إذا ما أوقف حلفاء الولايات المتحدة حملتهم، حيث سينخفض نطاق وحجم العنف، وأنه وعلاوة على ذلك إذا ما حققوا الانتصار في الحديدة، فيمكن لهم الدخول في مفاوضات من منطلق قوة، مما يمنحهم غطاءً سياسياً للحد من تدخلاتهم، في الوقت الذي سيكون فيه خصومهم الحوثيين أكثر رغبة في التوصل إلى اتفاق».
وشدد «لوفير» في ختام تحليله على ضرورة «أن تدعم الولايات المتحدة جهود مارتن جريفيث، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، وترحب بجهود الوساطة الجديدة، ربما من دولة مثل عُمان التي يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً»، منوهاً إلى أنه «ما زال أمام اليمن طريق طويل للوصول إلى السلام والاستقرار، لكن على الأقل سوف يسير في الاتجاه الصحيح».
السلام الدائم سيحد من عودة ازدهار «القاعدة» «وداعش»
كشف «منتدى الأمن الأمريكي» (جاست سيكيورتي)، عن عملية مواجهة حدثت قبل بضعة أسابيع، بين تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، و«تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)، بالقرب من نقطة تفتيش في منطقة يمنية لم يسمها، مبيناً أن «هذه هي المواجهة الثانية، التي يتواجه فيها التنظيمين وبصورة مباشرة منذ أربع سنوات في اليمن».
واعتبر «جاست سيكيورتي» أن تلك المواجهة «تُعطي مؤشراً إلى أن العالم الجهادي في اليمن، مثله مثل الكثير من الأمور في البلاد، التي هي في طريقها إلى الانكسار».
وأشار المنتدى الأمريكي إلى أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، «أصبح أضعف الآن مما كان عليه في أي وقت، منذ تشكيله في العام 2009، وأن تنظيم داعش، الذي تمتع بلحظة قصيرة من الصعود في اليمن، انخفض وجوده، وبات يقتصر على عدد قليل من معسكرات التدريب وعدد متناقص من المقاتلين»، لافتاً إلى أن ذلك «يمثل أمراً جيداً، حيث كان من المفترض أن تكون الحروب مفيدة للإرهابيين».
ورأى «جاست سيكيورتي» أن اليمن «بلد شديدة الفوضى، ومربكة للغاية لإدارتها، كونها لديها العديد من المعارك حتى بالنسبة لمجموعات مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش، حيث تتقاتل جميع الأطراف مع بعضها البعض في هذه الحرب: الحوثيون، والحكومة اليمنية، والسعوديون، والإمارات، والولايات المتحدة»، موضحاً أن ذلك يعني عملياً أن «كلاً من تنظيم القاعدة وداعش يخوضان عدة حروب في وقت واحد، وبالتالي هما من يدفعان الثمن».
وأرجع المنتدى الأمريكي سبب اندلاع الصراع بين التنظيمين الجهاديين إلى «انتشار نقاط التفتيش التي تتبع التنظيمين في مختلف أنحاء البلاد، ما أضعف قدر القادة الرئيسيين على التواصل بسرعة أو فعالية مع قواتهم في الميدان، حتى باتت عملية الاتصال تستغرق وقتاً أطول للتنسيق»، لافتاً إلى أن «وفي بعض الأحيان خلال العام الماضي، بدت متناقضة تقريبا، حتى أن إحدى مجموعات القاعدة في جزء من اليمن كانت تقول شيئاً، بينما تقول جماعة أخرى من التنظيم في جزء آخر من اليمن شيئاً آخر».
وأوضح «جاست سيكيورتي» أنه نتيجةً كل هذه الفوضى والارتباك، هو التشرذم والتخلي، وبالتالي أصبح المقاتلون المحليون يأخذون الأمور بأيديهم بتعليمات أقل وأقل من القيادة المركزية لكل مجموعة»، معتبراً أن «هذا التصدع في القيادة هو ما أدى إلى القتال الأخير بين التنظيمين، بعد أن عاشوا لسنوات جنباً إلى جنب في البيضاء».
وعلى الرغم من اندلاع المواجهات الأخيرة بين التنظيمين، فأن المنتدى الأمريكي توقع «عدم استمرار هذه الحالة»، محذراً من أن كلا التنظيمين «يمكن أن يستعيدان نشاطهما، خاصة إذا أخذ بعين الاعتبار ما خلفته الحرب الوحشية التي أخذت منحناً مذهبياًَ أكثر من اللازم، وتطرف الكثير من الأفراد إلى درجة أنهم لن يضعوا أسلحتهم بمجرد انتهاء القتال، وبالتالي سيتواجد التنظيمان للترحيب بهم، على غرار ما حدث في العراق بعد انسحاب الولايات المتحدة في عام 2011».
واعتبر المنتدى الأمريكي أن «القاعدة وداعش معرضان للخطر في اليمن بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل»، مشدداً في المقابل على الولايات المتحدة أن «تفعل كل ما في وسعها للاستمرار في القضاء على هذه المنظمات مع الدفع في الوقت نفسه لوضع نهاية سريعة لهذه الحرب، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن تفعل ذلك بفكرة، أنه وبمجرد توقف القتال، ستقود الطريق بمساعدة إنمائية لمساعدة البلاد على العودة إلى الاستقرار، مع وضع في حسبانها أن ذلك لن يكون سهلاً وسريعاً».
وأكد «جاست سيكيورتي» في ختام تقريره على «ضرورة أن تتعامل الولايات المتحدة مع كل من التهديد المباشر والتهديد المستقبلي، والتراجع الحاد لتنظيمي القاعدة وداعش الموجودان، وأن تعمل أيضاً على منع المجندين الجدد من الانضمام إلى التنظيمين مستقبلاً»، محذراً من أنه إذا «فشلت في ذلك، فأن التنظيمين سينهضان من جديد، وعندما يفعلان ذلك، سيكونان أقوى بكثير مما هما عليه في الوقت الحالي».