كشف موقع «ذي إنترسبت» أن وزير الخارجية الأمريكية السابق، ريكس تيلرسون، «تدخل لإيقاف خطة سرية، أعدتها المملكة العربية السعودية، بدعم إماراتي، ترمي بصورة أساسية إلى غزو قطر، وإخضاعها»، مشيراً إلى أن تلك الواقعة، التي تعود إلى صيف العام 2017، «ربما تكون قد لعبت دوراً رئيسياً» في تنحية الأخير من منصبه.

وأوضح الموقع الإلكتروني، نقلاً عن أحد عناصر «مجمع الاستخبارات الأمريكية»، ومسؤوليْن سابقيْن في وزارة الخارجية، أن الوزير تيلرسون، الذي يملك «تعاملات واسعة» مع الحكومة القطرية منذ كان مديراً تنفيذياً لشركة «إكسون موبيل»، أجرى اتصالات هاتفية مع المسؤولين السعوديين، حيث «دعا العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، ووزير خارجيته عادل الجبير إلى عدم مهاجمة قطر، أو تصعيد الأعمال العدائية ضدها». كما أفاد الموقع بأن تيلرسون «شجّع وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس على الإتصال بنظرائه في المملكة العربية السعودية، ليشرح لهم مخاطر مثل هذا الغزو»، وخصوصاً أن الدوحة تستضيف مقر القيادة المركزية للقوات الأمريكية، وقرابة عشرة آلاف جندي أمريكي في قاعدة «العديد».

وأضاف «ذي إنترسبت»، نقلاً عن مصدر استخباري أمريكي، ومصدر آخر مقرب من العائلة المالكة في الإمارات العربية المتحدة، أن «الضغوط» التي مارسها تيلرسون بشأن الأزمة الخليجية، «أفضت إلى تراجع محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي لبلاده، وذلك بدافع قلقه من أن الغزو سوف يلحق ضرراً» بالعلاقات السعودية – الأمريكية، في حين أفضت تلك الضغوط إلى «إثارة غضب محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، والحاكم الفاعل في بلاده».

وزاد «ذي إنترسبت» أن «عملاء استخباريين قطريين داخل المملكة العربية السعودية، إكتشفوا أمر الخطة (لاجتياح قطر) مطلع صيف العام 2017».

وأضاف الموقع، نقلاً عن مسؤول في الاستخبارات الأمريكية، أن «تيلرسون تحرك بعد قيام الحكومة القطرية بإبلاغه بالأمر، وإخطارها للسفارة الأمريكية في الدوحة بوجود الخطة»، قبل أن تصدر تقارير استخبارية أمريكية، وبريطانية بعد أشهر عدة، وتخلص إلى «تأكيد وجود خطة» للهجوم على الإمارة الخليجية الصغيرة.

وبحسب الموقع، فإن «الخطة، التي جرى تصميمها وإعدادها إلى حد كبير من جانب الأمراء السعوديين والإماراتيين، كان يرجح أن يصار إلى تنفيذها خلال أسابيع قليلة» من اكتشافها وقتذاك، بحيث كان من المقرر أن تقوم قوات برية سعودية بعبور الحدود البرية مع قطر، بدعم عسكري من الإمارات العربية المتحدة، بحيث تتقدم تلك القوات مسافة 70 ميلاً باتجاه العاصمة القطرية الدوحة، لمحاصرتها، بعد الالتفاف على القاعدة الأمريكية فيها، وتحييدها.

وفي معرض تعليقها على ما سبق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لـ «ذي إنترسبت» إن جميع الأطراف الخليجية، وطيلة فترة الأزمة، عمدت إلى «الالتزام صراحة بعدم اللجوء إلى العنف، أو العمل العسكري»، في حين أفادت متحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية للموقع بأن وزير الدفاع جيمس ماتيس «يجتمع، بصورة منتظمة، مع وزير الخارجية»، مشددة على أن «تفاصيل، ووتيرة تلك الاجتماعات تبقى سرية».

كما عبرت عن قلق بلادها من تداعيات النزاع الخليجي – الخليجي على «الأولويات الأمنية الإقليمية» لواشنطن، ادعية إلى «حل سلمي» للنزاع.

وأكمل «ذي إنترسبت» أن «خطة الغزو المشار إليها، تثير تساؤلات بشأن النزعات التدخلية لدى اثنين من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، وأكبر زبائنها في سوق السلاح»، شارحاً أن المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، «أظهرتا، على مدى الأعوام الأخيرة، استعدادهما لاستخدام القوة العسكرية في سبيل إعادة تشكيل السياسات الخليجية»، كما تظهر الاحداث في البحرين، واليمن.

وفي هذا المجال، أفاد روبرت مالي، مدير «مجموعة الأزمات الدولية»، بأن «المسؤولين القطريين واظبوا على إخباره منذ صيف العام 2017، أن بلادهم تعرضت للتهديدات باجتياحها». وأردف مالي، الذي شغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط، بأن هؤلاء المسؤولين «كانوا مقتنعين بأن المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة كانتا تخططان لهجوم عسكري ضد بلادهم، وأنه تم إجهاضه نتيجة لتدخل الولايات المتحدة».

ولفت «ذي إنترسبت» إلى أن «بعض المراقبين للشأن الخليجي، يتصورون أن الحافز وراء إطلاق مخطط الغزو، ربما يرجع، في جزء منه، لأسباب مالية»، وذلك بالنظر إلى تراجع مداخيل الحكومة السعودية على وقع «هبوط أسعار النفط منذ العام 2014»، و«انفاق البلاد لحوالي ثلث احتياطياتها منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز» إلى سدة الحكم في العام 2015، وهي احتياطيات كانت تقدر بحوالي 737 مليار دولار، إلى جانب «دخول الاقتصاد السعودي في حالة من الركود المؤلم».

هذا، وأشار الموقع، إلى أن انخفاض المداخيل النفطية للرياض، دفعها إلى «البحث عن سبل عدة لتحصيل الأموال»، من بينها محاولات بيع حصة في أسهم شركة «أرامكو» الحكومية، لافتاً إلى أنه، «لو قدّر للسعوديين النجاح في إحكام سيطرتهم على الدوحة، لكان من المحتمل أن يتمكنوا من اكتساب نفوذ في دولة، يقدر حجم صندوق الثروة السيادية لديها بـ 320 مليار دولار».

وفي الإطار عينه، توقف «ذي إنترسبت» عند حملة الاعتقالات التي قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نوفمبر من العام الماضي، ضد شخصيات من كبار رجال الأعمال، والأمراء داخل المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أنها جاءت «بعد أشهر من انهيار الخطة» للهجوم على قطر.

كذلك، أشار «ذي إنترسبت»، وبالإستناد إلى أربعة مصادر مطلعة، إلى وجود «حملة مستمرة، تقودها الإمارات العربية المتحدة، من أجل استفزاز قطر، ودفعها إلى تصعيد الأزمة» مع دول المقاطعة، واضعاً الانتهاكات المتكررة من قبل الطيران الإماراتي للمجال الجوي القطري في هذا السياق.