تحرير الأموال وإزاحة شلال.. تنازلات إماراتية لـ«ترويض الشرعية»
متابعات| العربي:
فقبل ساعات من طيرانه من مطار عدن إلى أبوظبي، قدّمت الأخيرة تنازلاً، من خلال الإفراج عن دفعة تُقدّر بـ170 مليار ريال، من الأموال التي تحتجزها منذ عدة أشهر في الميناء الخاضع لسيطرتها، تاركة لـ«الشرعية»، حرية تصريف المبلغ، دون قيد أو شرط، لتسقط الذريعة التي كانت أدواتها الإعلامية تدّعيها، بأن «الحَجْر» على هذه الأموال كان هدفه تفويت الفرصة على إهدارها أو نهبها أو توجيهها لدعم الجماعات الإرهابية.
ثمن آخر باتت أبوظبي على قناعة بضرورة تسديدة حتى تخفّف من منسوب توتر علاقتها مع «الشرعية» تمهيداً لـ«استيعابها أولاً والالتفاف عليها تالياً»، خصوصاً بعد خسارتها السياسية في أحداث سقطرى الشهر الماضي. بدأت ملامح هذا الثمن تتشكّل بتسريب أنباء عن قبول أبوظبي مناقشة فكرة الإطاحة بشلال شائع، من منصب مدير أمن عدن، بعد سلسلة إخفاقاته على الصعيد الداخلي، والتي توّجت باعتقال القيادي في «المقاومة الجنوبية» وليد الإدريسي، وما رافقها من إطلاق دعوات في مدينة المنصورة لمقاومة الإمارات، فضلاً عن ترجمة حالة الغليان الشعبي في مناطق نفوذ الإمارات على شكل حرق أعلام الإمارات والدوس على صورة محمد بن زايد، وتصوير المشهد وبثه للعالم أجمع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تقول مصادر متابعة لـ«العربي»، إن الإمارات بدت مقتنعة بضرورة إقصاء شلال، «لكن العقبة الوحيدة المتبقية على الموافقة النهائية على القرار تكمن في اسم خلفه». وتتحدت المصادر عن أن «الشرعية تدفع باسم أبو مشعل الكازمي، نائب مدير أمن عدن، لتولي المنصب».
والكازمي من قيادات «المقاومة» التابعة لهادي، وهو من أشد المعارضين لـ«الملجس الانتقالي الجنوبي» وسياسات الإمارات في عدن. في حين تبدو أبوظبي أنها تحاول الخروج بأقل الأضرار والاتفاق على صيغة لا تحدث هزة عنيفة على سمعتها المنهارة في الجنوب، وتؤدي لفضخ ممارساتها، بالذات في عدن. لهذا، تضغط لترشيح مهران القباطي، القيادي في «جهاز مكافحة الإرهاب»، مستثمرة علاقته التي تبدو طبيعية بالميسري، الذي وصفه بأنه «رجل دولة» وأن لا فرق بينهما، بعد قيادته حملة إزالة المباني العشوائية في عدن.
وفي السياق، تتزامن زيارة الميسري إلى الإمارات مع توجد قيادات سياسية جنوبية تاريخية فيها، يقال إن أبوظبي تحاول التقريب بينها للخروج برؤية مشتركة لتوحيد الصف الجنوبي في أي مفاوضات قادمة لإنهاء الحرب في اليمن.
ولكن مصادر معنية تؤكد لـ«العربي» أن هذه القيادات «لن تتفق لأن خلافاتها عميقة ويتحكّم صراع الزعامات في العلاقة بينها»، مشيرة إلى أن «حرص أبوظبي على استضافتهم، مجرد رسالة تخويف الشرعية من خطورة وصولهم لاتفاق تأريخي قد يمس الوحدة اليمنية، وقد يؤدي لتبخّر حلم هادي في تمرير مشروع الأقاليم الستة الذي أقر في مسرحية مؤتمر الحوار الوطني».
شعبياً، تبدو السخرية من الإرتباك الإماراتي في تعاملها مع «الشرعية» في طريقه إلى التصاعد. فبعد بعد أن تم الربط بين حصول أي شخص على منصب رفيع في حكومة أحمد عبيد بن دغر، بشرط تكثيف جرعات الهجوم الإعلامي على «الانتقالي» والإمارات معاً، بات هذا الشرط ذاته كفيلاً بمنح صاحبه تذكرة مجانية لزيارة أبوظبي. البداية كانت بالميسري، فيما تتساءل الأوساط الشعبية في عدن، عمّن سيكون التالي.