لا يزال الغموض يلف مصير جزيرة سقطرى، ووجهة القوات الإماراتية التي دخلت الجزيرة وسيطرت عليها بفرض القوة والسلاح… هل فعلاً غادرت الجزيرة بشكل فعلي ونهائي؟ وإلى أين انتهى الصراع بين الإمارات و«الشرعية» في سقطرى؟ ماذا عنه في بقية المناطق اليمنية والجزر والمنافذ، التي هي الأخرى تحت سيطرة القوات الإماراتية؟ استفسارات لم يحصل اليمنيون على إجابات صريحة وواضحة، حتى اللحظة.
فقط انتهت أزمة سقطرى بحسب أحمد عبيد بن دغر. لم يقل كيف انتهت وأين ذهبت القوات الإماراتية التي قدمت إلى الجزيرة بغطرسة محتل، بحسب تعبير سياسيين يمنيين. جل ما قاله الرجل إنهم «تذكروا القربى وزال كل شيء»… فانضمت إليها قوات سعودية. حديث، وصفه سياسيون، بأنه «حديث سلطة لا تحترم الشعب الذي تحدثت باسمه، وليست معنية بالحديث إليه».
«العربي» توجه بعدد من الاستفسارات إلى مصادر رفيعة في حكومة بن دغر، لمعرفة المصير الذي انتهى إليه الملف، فأكدت المصادر أن «ملف سقطرى سلم للسعودية باختصار»، مشيراً إلى أن «السفير السعودي (محمد ال جابر) ذهب إلى سقطرى، على أساس أن يشرف على انسحاب القوات الإماراتية ومغادرتها، وعلى أساس أن تتولى الرياض الملف الأمني فيها، وربما وصول قوات سعودية إلى الجزيرة، كان بمثابة احتلال ثان وهيمنة جديدة».
وكشفت المصادر لـ«العربي»، عن أن «الشرعية حققت في هذه الجولة مسألة واحدة فقط، هي توجيه الضغط ورفع سقف الحديث إعلامياً تجاه الإمارات. ويبدو أن الامارات رضخت نوعاً ما، وشعرت بالوجع من الحكومة الشرعية جراء هذه الخطوة». 
أما مصير القوات الإماراتية، بحسب المصادر، «يقال إن البعض منها غادر الجزيرة فعلاً، والبعض الآخر بقي داخل الجزيرة، ويقال إن القوات الإماراتية انسحبت بالكامل، ولم نعرف نحن في الحكومة الشرعية، لأن الملف لم يعد بأيدينا، بل بأيدي السعودية والسفير السعودي». 
وبحسب المصادر، فأن مصير سقطرى، «قد يكون خرج نوعاً ما من يد أبو ظبي، ولكنه لم يعد إلى حضن وسيطرة الحكومة الشرعية والقوات اليمنية وسيطرة الرئيس هادي، فقط انتقل الملف من احتلال إلى آخر، والحكومة الشرعية ليس لديها أي مساحة، وليس لديها أي أوراق يمكن أن تلعب عليها في الوقت الراهن». 
وفي حين أشارت المصادر، إلى أن حكومة «الشرعية» انتصرت سياسياً ودبلوماسياً وشعبياً، أكدت أن سقطرى «ستظل عرضة للأطماع، إلى أن تأتي مرحلة بناء اليمن القوي القادر على الدفاع عن ذاته وسلامة أراضيه». 
والحكاية ليست سقطرى، والصراع بين أبو ظبي و«الشرعية»، لا ينحصر في هذه الجزيرة، بل عدن «العاصمة المؤقتة»، المحرمة على رئيسها، وعلى حكومته، وعدد من رجال «شرعية» الرياض، وأيضاً ذباب وميون والمخا، و«المجلس الانتقالي» والحزامات الأمنية والقوات والنخب، إضافة إلى ذلك شبوة وحضرموت، وفتنة في تعز وعدن، وجبهة طارق صالح، والكاميرا الخفية، إلى المماطلة في التحرير، وبناء السجون السرية، وبناء المليشيات خارج سيطرة «الشرعية» الممثلة بهادي.
يرى مراقبون، أنه «لا داعي لتقسيط الوجع اليمني جراء ممارسات التحالف وتبادل الأدوار في احتلال الأرض»، وكان يفترض على هادي وسلطته أن «يقدم شكوى كاملة، إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، ويواصل هذا التصعيد. فأبو ظبي مستمرة ببناء السجون السرية، والمعسكرات للمليشيا خارج سلطة الدولة، وتفخيخ البلاد بالتشكيلات، والجماعات التخريبية».
المصادر السياسية في حكومة هادي، وبشأن ما بعد سقطرى، ومصير «التحالف»، كشفت لـ «العربي»، عن أن «الامارات حركت أدواتها المسلحة في كل من عدن وتعز، وأعطتهم أوامر باستئناف مسلسل الاغتيالات، وإقلاق المدن، والدفع بالانفلات الأمني إلى الواجهة، لمواجهة تحركات الشرعية». 
وقالت المصادر إن «الامارات تريد أن تنتقم من حكومة هادي، بعد موقفها الصارم والقوي في سقطرى، وذلك عبر تحريك أدواتها في هذه المناطق. والامارات تخترق السيادة في عدن وحضرموت وشبوة، ولديها مليشيات خارج سلطة الدولة».
من جهة ثانية، وطبقاً للمصادر، «حركت أبو ظبي جيشها الإعلامي، والمواقع الصحافية التي تقوم بتمويلها في عدن، وفي مناطق الجنوب، ومطابخها الإعلامية، للوقوف ضد الحكومة، وتشويه سمعتها، ومهاجمة الرئيس هادي، وكل من يقف ضدهم». 
موضوع سقطرى، والوجع الذي تلقته أبو ظبي، كشفته تغريدات وتصريحات المسؤولين الاماراتيين، الذين ذهبوا نحو إطلاق تهديدات، وإطلاق تصريحات، تكشف حجم الاستعداد للمواجهة والانتقام بشكل واضح.
في تغريدة له، يقول عبد الخالق عبد الله، مستشار محمد بن زايد: «تطاولت شخصيات يمنية محسوبة على الشرعية مؤخراً بالقبيح، من الاتهامات على الامارات، التي قدمت لليمن تضحيات لم تقدمه أي دولة في العالم. الامارات السخية ستستمر في أداء واجبها تجاه اليمن، لكن نكران الجميل سيكون ثمنه عسيراً، لشخصيات بائسة، اتضح أنه حتى الكلاب الضالة أكثر وفاء منهم».

وعلى هذه التغريدة، رد مستشار وزير الاعلام اليمني، مختار الرحبي، بالقول: «أنت تفهم ذلك أنه تطاول، ولكن نحن كيمنيين نفهم ذلك بأنه موقف وطني يرفض أي اعتداء على سيادة اليمن والهيمنة على القرار السيادي والوطني من أي دولة أو جهة كانت، ولو أن شقيق أو شريك لنا في معركتنا ضد الانقلابيين الحوثيين، ولغة التهديد لم تعد مجدية من تصدى لكم في سقطرى هي الدولة والشرعية».
وفي سياق حديث الاماراتيين، وتأكيدهم على البقاء في تدخلهم واستمرارهم في أجندتهم في اليمن، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن قوات «التحالف» بقيادة السعودية، باقية في اليمن، ولن تغادره حتى بعد انتهاء القتال ضد حركة «أنصار الله».
وقال خلال مقابلة لموقع «ديفينس ون» الأمريكي، على هامش المؤتمر السنوي لمنتدى «غلوبسيك» الاستراتيجي في سلوفينيا، إن «قوات التحالف العربي، ستبقى في اليمن بعد هزيمة الحوثيين وإنهاء انقلابهم»، مؤكداً أن «هزيمة الحوثيين لن تؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحاجة للقوات التي تقودها السعودية في اليمن».
المصادر السياسية في حكومة هادي، التي تحدثت إلى «العربي»، أكدت على أن الخارجية الإماراتية «وجهت تهديدات لمسؤولين في السلطة الشرعية، وبعضها عبر بيانات رسمية بعثتها إلى الخارجية اليمنية»، وهذه البيانات الرسمية طبقاً للمصادر، «شكت التصريحات والتصعيد ضد الامارات في وسائل الاعلام المختلفة، ووجهت خطاباً إلى حكومة هادي والخارجية بشكل غير لائق».
ولفتت المصادر، إلى أن «الامارات مصرة على البقاء في اليمن، ولديها أطماع في المناطق الاستراتيجية، وعلى الممرات المائية، والحكومة الآن مطالبة بموقف صارم في باقي المناطق اليمنية، كما في سقطرى، ولكن أبو ظبي، لديها الآن حملة مكثفة في هذه المناطق على الحكومة، ورجال الشرعية مهددين، وتحت الخطر من الاستهداف». 
وبشأن وزير الداخلية أحمد الميسري، والمواجهة الإعلامية بينه وبين أبو ظبي، كشفت المصادر عن أن «الامارات تمنعه من ممارسة مهامه، والامارات لا تريد الميسري، وتستخدم الآن كل نفوذها في تغييره، ولكن موقف الرجل حتى الآن قوي».