للعام الثالث على التوالي: «الشرعية» تفشل باستعادة مقرّاتها بتعز
في مستهل شهر أبريل الماضي، بدأ محافظ تعز الدكتور أمين محمود بفتح آخطر الملفات وأصعبها، وهو ملف استعادة تطبيع الأوضاع داخل المدينة، من خلال دعوته وإلزامه قادة المليشيات والقوات المسلحة، بإخلاء مختلف المقرات الحكومية، من مكاتب الوزارات والمدارس والمعاهد والكليات الجامعية والصحف وأقسام الشرطة وغيرها، وسرعة تسليمها للجهات المختصة.
هذه المقرات كانت قد حولتها الجماعات المُسيطرة عليها إلى ثكنات عسكرية وسجون ومراكز تدريب لعناصرها، وأضحت تجد في نفسها أنها الأحق بالبقاء فيها بديلاً عن أجهزة الدولة، خاصة بعدما حققت نجاحاً سابقاً أمام المحافظ السابق علي المعمري، وجعلت هذا الملف بحكم المسكوت عنه بالإكراه.
هذه الحال وأمام التهديدات المباشرة التي طالت المعمري من قِبل جماعات مسلحة، تابعة للعميد صادق سرحان، الموالي لحزب «الإصلاح» ونائب رئيس الجمهورية الجنرال على محسن الأحمر، جعلته يبقى في منصبه كمحافظ طيلة أكثر من عامين ولكن من خارج اليمن، كما طالبته تلك الجماعات بمليارات الريالات مقابل تسليمه مبنى المحافظة، والأحقية في استلام وتوزيع الدعم المالي لـ«المقاومة الشعبية» من «التحالف العربي».
اندلاع المواجهات
قوبلت دعوة المحافظ، بإخلاء وتسليم المقرات الحكومية بالترحيب الظاهر، والرفض الذي لا يمكن إشهاره من قبل تلك الجماعات، التي فضلّت القفز إلى الأمام، والتلويح في وجهه باستخدام ما هو أخطر من تنفيذ هذا القرار، والذي لن يكون أقل من إدخال المدينة في حالة حرب ضروس، لا يمكن أن ينجو منها أحد.
وبالفعل بدأ التمهيد لها بحالة من الهوّس الذي بدا واضحاً بسيل الاتهامات بين الطرفين المسيطرين على المدينة (السلفيين، الإصلاحيين)، والتعصُّب المستميت بالأولوية في التسليم على الطرف الآخر، وقد تذرع كل طرف بفشل العديد من عمليات تسليم سابقة طيلة العام الماضي (2017). وأظهر فشل هذه العمليات عدم جدية قيادة المحوّر والشرطة العسكرية وقوات الأمن الخاصة المعنية في التنفيذ، نتيجة لغلبة الولاء فيها لأحد الأطراف، والخشية من نفوذه المؤثر على بقاء العديد من المصالح القيادية.
ويرى مراقبون أن إصرار المحافظ على التسليم الفوري لمختلف المقرات، عبر لجنة تم تشكيلها برئاسته، قد أدى إلى تسارع الأحداث، والانتقال بها إلى ميدان حرب، بدأت بتوجيه قذائف المدفعية من معسكر جبل العروس، الذي تتمركز فيه قوات من «اللواء 22 ميكا» بقيادة العميد صادق سرحان، والتي دكت مقر قيادة كتائب «أبي العباس» في جنوب شرق المدينة ومواقع تابعة له، تحت مبرر امتناعه عن التنفيذ، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.
و قال الناشط الحقوقي والسياسي عبد الملك الناشري، في تصريح خاص لـ«العربي»: «هذه الحرب بمثابة كرت (بطاقة) أحمر تم رفعه أمام المحافظ أمين محمود، من قِبل الطرفين المتنازعين على المدينة (أبو العباس وحزب الإصلاح)، من أجل إرغامه على عدم فتح ملف إخلاء المقرات الحكومية والمدارس أو تأجيل تنفيذه على الأقل»، مضيفاً «لا أستبعد أن يكون هذا الهدف تم التنسيق من أجل تحقيقه بين الطرفين، مهما كان شكل الاختلاف الظاهري بينهما، لأن حقيقة ما يجمع بينهما أنهما طرفين عقائديين، وأنهما لا يمكن أن يتنازلا عن تعز بعد أن تحقق سقوطها بين أيديهم».
ويتابع في معرض تعليقه على استعادة المقرات الحكومية: «هذه الجماعات تعتبر المباني المسيطرة عليها مقرات دائمة لها، ومن داخلها تدار شؤون المدينة ويحقق هؤلاء إيرادات طائلة، لهذا ظل وما يزال كل طرف يجاهد من أجل أن يكون تعيين محافظ لتعز تابعاً له أو من حصته، لكي لا يلتفت إلى ملف المقرات الحكومية».
فشل مهام اللجنة الرئاسية
لقد بدا واضحاً أن الفصائل «الإصلاحية» و«السلفية» في تعز، تجد نفسها في موقع سلطات الدولة، وأنها قادرة على إدارة أهدافها بالقوة، وباستخدام المقرات الحكومية التي استطاعت الاستحواذ عليها تحت مبرر «المقاومة الشعبية»، منذ ثلاث سنوات، إلا أنها لم تحسب حساباً لما ظلت ترصده مختلف الجهات العسكرية والاستخباراتية في «التحالف» والحكومة «الشرعية» وغيرها.
الفصائل أيضالً لم تكن تتوقع النتائج التي قد تؤول إليها في حالة تماديها، بتحويل المدينة إلى ساحة حرب، كما حدث مؤخراً في المعارك التي استمرت لأكثر من أسبوع، وما كادت تتوقف لولا وصول اللجنة الرئاسية، في 30/04/2018، برئاسة اللواء صالح الزنداني، نائب رئيس هيئة الأركان العامة واللواء فضل حسن، قائد المنطقة العسكرية الرابعة. ومن المؤكد أن اللجنة حملت إنذاراً صريحاً للطرفين، باستخدام القوة ضدهما في حالة العودة إلى السلاح، أو الوقوف مع عملية تسليم مختلف المقرات الحكومية.
إلى ذلك تحدث لـ«العربي» مدير مكتب الإعلام بالمحافظة نجيب قحطان، مؤكداً أنه «تم تسليم 90% من المقرات الحكومية، دون أي شروط، ولم يتبق سوى 10% فقط».
الاقتناع بالحل الوسط
ويرجح متابعون أن الحقائق على الأرض تثبت أن ما تم تسليمه من مقرات حكومية لا يزيد عن عدد أصابع اليد، وأن هذه الحالة تؤكد أن اللجنة الرئاسية المعنية بالإشراف على عملية استعادة المؤسسات الحكومية في تعز قد واجهت عثرات كبيرة، وأنها وصلت إلى طريق مسدود بفعل شروط الفصائل المسيطرة على المقرات الحكومية، التي ظلت الحكومة غير قادرة على تلبيتها.
على أثر ذلك، يبدو أن اللجنة قد اقتنعت بالحل الوسط، والمتمثّل بتوفير مقرات بديلة، تنتقل إليها الفصائل، فور تسليمها للمقرات، وهو ما بدا واضحاً في رد مدير مكتب الإعلام على سؤال «العربي» بأن «العوائق» التي حالت دون استلام المحافظة بقية الـ(10%)، هي «عدم وجود مقرات بديلة، تنتقل إليها الجماعات التي تسيطر عليها». الأمر الذي يعني الإبقاء على هذه الفصائل محافظة على وضعها التسليحي، بعد ضمانها الحصول على مقرات دائمة، تنتقل إليها، لتظل من خلالها في خاصرة الدولة والحكومة، وتعمل موازية لها على الأقل، وتنتظر الوقت المناسب لاستعادة سطوة حضورها على المدينة من جديد.
هذه المقرات كانت قد حولتها الجماعات المُسيطرة عليها إلى ثكنات عسكرية وسجون ومراكز تدريب لعناصرها، وأضحت تجد في نفسها أنها الأحق بالبقاء فيها بديلاً عن أجهزة الدولة، خاصة بعدما حققت نجاحاً سابقاً أمام المحافظ السابق علي المعمري، وجعلت هذا الملف بحكم المسكوت عنه بالإكراه.
هذه الحال وأمام التهديدات المباشرة التي طالت المعمري من قِبل جماعات مسلحة، تابعة للعميد صادق سرحان، الموالي لحزب «الإصلاح» ونائب رئيس الجمهورية الجنرال على محسن الأحمر، جعلته يبقى في منصبه كمحافظ طيلة أكثر من عامين ولكن من خارج اليمن، كما طالبته تلك الجماعات بمليارات الريالات مقابل تسليمه مبنى المحافظة، والأحقية في استلام وتوزيع الدعم المالي لـ«المقاومة الشعبية» من «التحالف العربي».
اندلاع المواجهات
قوبلت دعوة المحافظ، بإخلاء وتسليم المقرات الحكومية بالترحيب الظاهر، والرفض الذي لا يمكن إشهاره من قبل تلك الجماعات، التي فضلّت القفز إلى الأمام، والتلويح في وجهه باستخدام ما هو أخطر من تنفيذ هذا القرار، والذي لن يكون أقل من إدخال المدينة في حالة حرب ضروس، لا يمكن أن ينجو منها أحد.
وبالفعل بدأ التمهيد لها بحالة من الهوّس الذي بدا واضحاً بسيل الاتهامات بين الطرفين المسيطرين على المدينة (السلفيين، الإصلاحيين)، والتعصُّب المستميت بالأولوية في التسليم على الطرف الآخر، وقد تذرع كل طرف بفشل العديد من عمليات تسليم سابقة طيلة العام الماضي (2017). وأظهر فشل هذه العمليات عدم جدية قيادة المحوّر والشرطة العسكرية وقوات الأمن الخاصة المعنية في التنفيذ، نتيجة لغلبة الولاء فيها لأحد الأطراف، والخشية من نفوذه المؤثر على بقاء العديد من المصالح القيادية.
ويرى مراقبون أن إصرار المحافظ على التسليم الفوري لمختلف المقرات، عبر لجنة تم تشكيلها برئاسته، قد أدى إلى تسارع الأحداث، والانتقال بها إلى ميدان حرب، بدأت بتوجيه قذائف المدفعية من معسكر جبل العروس، الذي تتمركز فيه قوات من «اللواء 22 ميكا» بقيادة العميد صادق سرحان، والتي دكت مقر قيادة كتائب «أبي العباس» في جنوب شرق المدينة ومواقع تابعة له، تحت مبرر امتناعه عن التنفيذ، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.
و قال الناشط الحقوقي والسياسي عبد الملك الناشري، في تصريح خاص لـ«العربي»: «هذه الحرب بمثابة كرت (بطاقة) أحمر تم رفعه أمام المحافظ أمين محمود، من قِبل الطرفين المتنازعين على المدينة (أبو العباس وحزب الإصلاح)، من أجل إرغامه على عدم فتح ملف إخلاء المقرات الحكومية والمدارس أو تأجيل تنفيذه على الأقل»، مضيفاً «لا أستبعد أن يكون هذا الهدف تم التنسيق من أجل تحقيقه بين الطرفين، مهما كان شكل الاختلاف الظاهري بينهما، لأن حقيقة ما يجمع بينهما أنهما طرفين عقائديين، وأنهما لا يمكن أن يتنازلا عن تعز بعد أن تحقق سقوطها بين أيديهم».
ويتابع في معرض تعليقه على استعادة المقرات الحكومية: «هذه الجماعات تعتبر المباني المسيطرة عليها مقرات دائمة لها، ومن داخلها تدار شؤون المدينة ويحقق هؤلاء إيرادات طائلة، لهذا ظل وما يزال كل طرف يجاهد من أجل أن يكون تعيين محافظ لتعز تابعاً له أو من حصته، لكي لا يلتفت إلى ملف المقرات الحكومية».
فشل مهام اللجنة الرئاسية
لقد بدا واضحاً أن الفصائل «الإصلاحية» و«السلفية» في تعز، تجد نفسها في موقع سلطات الدولة، وأنها قادرة على إدارة أهدافها بالقوة، وباستخدام المقرات الحكومية التي استطاعت الاستحواذ عليها تحت مبرر «المقاومة الشعبية»، منذ ثلاث سنوات، إلا أنها لم تحسب حساباً لما ظلت ترصده مختلف الجهات العسكرية والاستخباراتية في «التحالف» والحكومة «الشرعية» وغيرها.
الفصائل أيضالً لم تكن تتوقع النتائج التي قد تؤول إليها في حالة تماديها، بتحويل المدينة إلى ساحة حرب، كما حدث مؤخراً في المعارك التي استمرت لأكثر من أسبوع، وما كادت تتوقف لولا وصول اللجنة الرئاسية، في 30/04/2018، برئاسة اللواء صالح الزنداني، نائب رئيس هيئة الأركان العامة واللواء فضل حسن، قائد المنطقة العسكرية الرابعة. ومن المؤكد أن اللجنة حملت إنذاراً صريحاً للطرفين، باستخدام القوة ضدهما في حالة العودة إلى السلاح، أو الوقوف مع عملية تسليم مختلف المقرات الحكومية.
إلى ذلك تحدث لـ«العربي» مدير مكتب الإعلام بالمحافظة نجيب قحطان، مؤكداً أنه «تم تسليم 90% من المقرات الحكومية، دون أي شروط، ولم يتبق سوى 10% فقط».
الاقتناع بالحل الوسط
ويرجح متابعون أن الحقائق على الأرض تثبت أن ما تم تسليمه من مقرات حكومية لا يزيد عن عدد أصابع اليد، وأن هذه الحالة تؤكد أن اللجنة الرئاسية المعنية بالإشراف على عملية استعادة المؤسسات الحكومية في تعز قد واجهت عثرات كبيرة، وأنها وصلت إلى طريق مسدود بفعل شروط الفصائل المسيطرة على المقرات الحكومية، التي ظلت الحكومة غير قادرة على تلبيتها.
على أثر ذلك، يبدو أن اللجنة قد اقتنعت بالحل الوسط، والمتمثّل بتوفير مقرات بديلة، تنتقل إليها الفصائل، فور تسليمها للمقرات، وهو ما بدا واضحاً في رد مدير مكتب الإعلام على سؤال «العربي» بأن «العوائق» التي حالت دون استلام المحافظة بقية الـ(10%)، هي «عدم وجود مقرات بديلة، تنتقل إليها الجماعات التي تسيطر عليها». الأمر الذي يعني الإبقاء على هذه الفصائل محافظة على وضعها التسليحي، بعد ضمانها الحصول على مقرات دائمة، تنتقل إليها، لتظل من خلالها في خاصرة الدولة والحكومة، وتعمل موازية لها على الأقل، وتنتظر الوقت المناسب لاستعادة سطوة حضورها على المدينة من جديد.