تقرير: السعودية تسعى لتشكيل جيش من عناصر القاعدة الفارين من السجون
صدى المسيرة : إبراهيم السراجي
أصبحت عمليات إطلاق السجناء المرتبطين بالجماعات الإرهابية استراتيجية تعتمد عليها المليشيات التابعة للسعودية في اليمن وليبيا وسوريا والعراق، وأول خطوة تقوم بها تلك المليشيات حال سيطرتها على أي موقع يحتوي على سجن يؤوي عناصر الإرهاب.
وتمثل اليمن حالة خاصة حيث كان حزب الإصلاح يسيطر على جهاز الأمن السياسي الذي تحول الى فندق لإقامة العناصر الإرهابية الذين كان يتم إطلاق سراحهم متى ظهرت الحاجة لاستخدامهم، ويعودون إليه لاستقطاب السجناء الآخرين واقناعهم للالتحاق بصفوف تنظيم القاعدة.
الثلاثاء الماضي وتحديدا في تعز التي كانت آخر مسرح نفذت فيه مليشيات الإصلاح استراتيجيتها في تحرير سجناء الجماعات الإرهابية حيث استهدفت تلك المليشيات بقيادة الإرهابي حمود المخلافي السجن المركزي بتعز وأطلقت سراح 1200 سجين بينهم عدد كبير من الإرهابيين.
هذه المسرحية حاول الإصلاح تجييرها على الجيش واللجان الشعبية مدعين انهم من قاموا بتحريرهم ولم يسأل الإعلام السعودي والإصلاحي من سيقنعون بأن الجيش واللجان الشعبية أطلقوا سجناء القاعدة التي اعترفت صراحة أنها تقاتل مع مليشيات الإصلاح وهادي في 11 جبهة داخلية؟
خروج أمراء المكلا من سجنها المركزي
مثّلت حقبة الهارب عبدربه منصور هادي مسرحا لتسهيل هروب سجناء الجماعات الإرهابية من السجون المركزية في معظم محافظات الجمهورية.
وبالتزامن مع العدوان السعودي على اليمن الذي استهدف كل محافظات اليمن باستثناء حضرموت التي خضعت لمؤامرة سعودية بأيادي تابعة للإصلاح وهادي وتحولت إلى إمارة للقاعدة.
المؤامرة التي سقطت بموجبها حضرموت بيد تنظيم القاعدة أفردت لها صحيفة الأخبار اللبنانية مساحة واسعة لتغطيتها وعلى مدى ثلاث حلقات نشرتها الصحيفة تحت عنوان “حضرموت تحت سكين القاعدة” كشفت فيها تفاصيل إطلاق سجناء القاعدة من سجن المكلا المركزي وعلى رأسهم الإرهابي خالد باطرفي الذي تم تحريره في هجوم على السجن بالتزامن مع العدوان انطلق بعد ذلك باطرفي من السجن إلى القصر الجمهوري ليدوس العلم الجمهوري ويعلن نفسه أميرا لإمارة المكلا.
بدت المؤامرة بلا تعقيدات وتزامنها مع العدوان كشف كل خيوطها خصوصا أن السعودية كانت تأمل بإعادة هادي إلى حضرموت بعد أن فقدت آمالها في إعادته إلى عدن ولذلك كانت القاعدة ذراعا للعدوان في حضرموت حتى أن الناطق باسم العدوان وفي يوم استيلاء القاعدة على المكلا أجاب على سؤال وجهه له أحد الصحفيين الأجانب عن رد دول العدوان على تحرك القاعدة قائلا إن “عمليات التحالف ليس من بين أهدافها داعش أو القاعدة” بل وصل الأمر إلى تدفق المال والسلاح السعودي بشكل مباشر إلى يد القاعدة في المكلا.
وروت الأخبار اللبنانية في حلقاتها عن حضرموت أنه ومنذ أعلن “القاعدة”، مدينة المكلا عاصمة حضرموت، “إمارةً” له، مركّزاً نشاطه على الخطّ الساحلي (المطلّ على بحر العرب) من حدود المحافظة مع شبوة، حتى حدودها مع المهرة، ومسيطراً بذلك على واحد من أهم الموانئ في المنطقة.
ومنذئذٍ، تصل شحنات المساعدات والوقود من السعودية إلى ميناء المكلا، كما تصل شحنات تجارية ونفطية برّاً إليها ليتولى “القاعدة» إدارتها وتوزيعها. وبعدما سيطر التنظيم على المدينة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة، نفذ هجوماً كبيراً على سجنها المركزي مطلقاً سراح أخطر عناصره وقادته، وبينهم خالد باطرفي، الذي أصبح فور خروجه أميراً على المكلا.
وعلى الفور، بدأ بتنفيذ الأحكام والإجراءات الخاصة بالتنظيم من محاكمات واعتقالات بحق المواطنين، وينفذ التنظيم جرائم الإعدام في كثير من الأحيان لإخافة الناس من مجرد الاعتراض على ممارساته.
إبقاء باطرفي في السجن المركزي كان أشبه بإقامة فندقية مخطط لها سعوديا لإخراجه في الوقت المناسب والحفاظ عليه.
وتشير المعلومات-بحسب الأخبار اللبنانية_ إلى أن وزير الداخلية اليمني جلال الرويشان كان قد أرسل برقيةً إلى محافظ حضرموت عادل باحميد المقيم الآن في السعودية -طالبه فيها “بإرسال باطرفي فوراً إلى صنعاء بعدما وصلت معلومات استخباراتية للوزارة تفيد بنية تهريبه من السجن”.
غير أن باحميد تجاهل الأمر لمدة أسبوعين، ثم سلّم المحافظة لـ”القاعدة” قبل أن يفرّ إلى السعودية مع هادي. وكانت مصادر في حضرموت قد أكدت في وقت سابق لـ”الأخبار”، أن تسليم المكلا لعناصر “القاعدة”، جاء بالتنسيق مع السعودية في وقتٍ كان فيه هادي قد سلّم عدداً من المدن الجنوبية، وسمح لـ”القاعدة” باقتحام معسكرات الجيش والسجون في عدن وشبوة والضالع ولحج وأبين خلال أيام إقامته في عدن قبل فراره منها إلى السعودية عشية العدوان.
هادي والإصلاح من عدن :القاعدة جيشنا
عندما قرر الهارب هادي ومعه الإصلاح أن يقفوا في وجه الثورة بتآمرهم على الجيش اليمن تحت مسمى “الهيكلة” وجدوا أنفسهم يغردون خارج السرب بانكشاف مؤامرتهم فلجأوا إلى تشكيل مليشيات مسلحة تقودها عناصر القاعدة الذين جرى تهريبهم من مختلف سجون الجمهورية، تحت مسمى المقاومة الشعبية حتى أن تلك العناصر بلباسها الأسود وأعلام القاعدة التي يحملونها كانت تظهر بشكل واضح على شاشات التلفزة السعودية والخليجية مثل العربية السعودية والجزيرة القطرية وسكاي نيوز الإماراتية.
لدى هروبه إلى عدن أقدمت مليشيات هادي والإصلاح ومعهم عناصر القاعدة على اقتحام مقر القوات الخاصة بعدن وقامت تلك المليشيات بارتكاب جرائم إبادة بحق الجنود عن طريق سحلهم وسحق أجسادهم تحت مجنزرات الدبابات وانتشرت تلك الصور في الوسائل الإعلامية ومنها التابعة لهادي والإصلاح التي نشرتها بتفاخر.
وكما هي عادة الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا التي ما ان تسيطر على مدينة حتى تباشر بإطلاق العناصر الإرهابية من السجون في أول عمل تقوم به وهو ما قامت به مليشيات الإصلاح وهادي عقب السيطرة على عدن في مارس الماضي بسيطرتهم على مقر القوات الخاصة حيث قاموا بالهجوم على السجن المركزي وقتل حراسته التابعة للقوات الخاصة ومن ثم إطلاق العشرات من عناصر القاعدة منه.
بدا واضحاً أن هادي والإصلاح بأوامر سعودية كانوا يسعون لتشكيل جيش
آخر على غرار الجيش الحر بسوريا ولكن قوام هذا الجيش من العناصر الإرهابية التابعة للقاعدة أو داعش، فكانت عدن مسرحاً للمرة الثانية لتشكيل نواة هذا الجيش.
وعلى غرار ما حدث في المكلا بل في ذات اليوم وبالتزامن مع العدوان من إطلاق للسجناء وعلى رأسهم زعيم القاعدة خالد باطرفي، قامت مليشيات الإصلاح وهادي في مطلع شهر ابريل الماضي بمهاجمة فرع الأمن القومي بعدن وإطلاق أكثر من 40 من سجناء القاعدة .
مصدر أمني في عدن أكد أن مليشيات هادي والإصلاح ومعها عناصر من القاعدة في عدن قامت وبمساعدة بعض موظفي فرع جهاز الأمن القومي باقتحام مقري فرع الأمن القومي في خور مكسر والتواهي، حيث تم إطلاق كافة السجناء البالغ عددهم 43 سجينًا، وكلهم من المسجونين الخطرين على ذمة القاعدة كما تم نهب جميع الملفات والوثائق وكامل الأثاث وعدد 42 سيارة مدرعة خاصة بفريق التدخل السريع، وأكثر من عشر سيارات متنوعة.
تسليم المعسكرات لعناصر القاعدة المحررين
كانت الخطة تشير إلى ضرورة القضاء على الجيش والاستعانة بجيش قاعدي بضرب عصفورين بحجر، وفيما كانت عمليات إطلاق سجناء القاعدة جارية على قدم وساق كانت تلك العناصر تخرج ولديها علم بالخطوات التالية التي تمثلت بالسيطرة على معسكرات الجيش وأسلحته في شبوة وابين والضالع وغيرها.
شبوة كانت المسرح المناسب لتحويل معسكرات الجيش الى معسكرات للقاعدة ضمن الخطة المذكورة.
في تاريخ 12 فبراير الماضي قامت عناصر تابعة لما يسمى “أنصار الشريعة” التابع لتنظيم القاعدة بمحاصرة السجن المركزي بعتق عاصمة شبوة ومن ثم ذبح جنود الحراسة وانتهت العملية بإطلاق زملائهم من العناصر الإرهابية التي توجهت مباشرة لمهاجمة مقر اللواء 19 مشاة والسيطرة عليه ونهب كامل أسلحته في عملية بدا التواطؤ من الهارب هادي واضحا فيها، والذي سبق واستسلم للضغوط السعودية عبر حزب الإصلاح وأوقف الحرب التي شنها الجيش على العناصر الإرهابية في أبين وشبوة وأحرز فيها تقدما سريعا وملحوظا.
وثائق تكشف علم السلطة بالهجوم على السجن المركزي بالعاصمة
سيطرة حزب الإصلاح على وزارة الداخلية في عهد حكومة المبادرة الخليجية مثلت مرحلة خطيرة تشكلت فيها علاقة وطيدة بين الحكومة والقاعدة.
ففي 14 فبراير 2014 قام مجموعة من عناصر القاعدة بمهاجمة السجن المركزي بصنعاء الذي يقع على مقربة من وزارة الداخلية التي كان يمسكها في ذلك الوقت اللواء عبده الترب.
تم الهجوم باستخدام القنابل والأسلحة النارية التي أودت بحياة ما يقارب 7 من حراس السجن وتم تهريب قرابة عشرين من عناصر القاعدة ولم تحرك وزارة الداخلية ساكنا لمنع حدوث الهجوم رغم قرب مقرها من السجن.
وقد بث تنظيم القاعدة تسجيلا مصورا على الإنترنت يظهر فيه زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو يحتفي بالعناصر التي فرت من السجن.
بعد تلك العملية نشرت وسائل إعلامية غربية منها وكالة رويترز وثائق أظهرت وثائق أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون في اليمن تلقت معلومات بأن عناصر من تنظيم القاعدة تعتزم اقتحام السجن المركزي بالعاصمة وذلك قبل شهرين من حدوث الاقتحام.
من بين الوثائق مذكرة رسمية بخط اليد تحت بند “عاجل وسري” رفعها مدير سجن صنعاء المركزي العقيد محمد الكول إلى رئيس مصلحة التأهيل والإصلاح بتاريخ السابع من ديسمبر كانون الأول 2013.
وتضمنت المذكرة التي تحمل في مقدمتها ما يدل على أنها من مراسلات وزارة الداخلية تحذيرا من “معلومات تفيد بأن عناصر تنظيم القاعدة الموجودين داخل السجن المركزي يخططون مع بقية التنظيم خارج السجن لمحاولة اقتحام السجن وإطلاق سراحهم خاصة بعد اقتحام مقر وزارة الدفاع”.
وتضمنت مذكرة أخرى اطلع مراسل رويترز في صنعاء على نسخة منها مطالب من الكول “بتعزيز حراسة السجن بجنود إضافيين وتغيير بعض الأفراد ممن هم في سن لا يسمح لهم بالاستمرار في الحراسة ومن لا يصلحون للعمل في الحراسة وإصلاح كاميرات المراقبة المعطلة منذ سنتين… ولكن لم يستجب أحد لهذا.”