قمة مرتقبة بين واشنطن وبيونغ يانغ …هل تمضي بسلام؟
متابعات| الوقت:
تتجه الأمور بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية إلى المزيد من التهدئة بعد أن اشتعلت حرب كلامية بين الزعيم الكوري والرئيس الأمريكي استمرت لشهور طويلة، أما اليوم وبعد أن كانت الحرب على شفا الاشتعال مهددة عالمنا الحالي برمته، هدأت الأمور نسبياً بعد أن أبلغت يونغ يانغ واشنطن للمرة الأولى استعدادها لبحث إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي عندما يلتقي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن اسمه يوم الأحد الماضي، إن مسؤولين أمريكيين وكوريين شماليين أجروا اتصالات سرية في الآونة الأخيرة، أبلغت خلالها بيونغ يانغ رسالة مباشرة عن استعدادها لعقد القمة، بحسب “رويترز”، ووفقاً لشبكة ” CNN” الإخبارية فإن ممثلي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أجروا محادثات في بلد ثالث لبحث مكان لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بينما كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم أمس، أن محادثاته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، ستجري في مايو أو مطلع حزيران القادم.
ولكن ورغم جمالية المشهد السابق الذي نقلناه لكم ومدى السلام الذي يحتويه وحسن النوايا لو فرضنا جدلاً، إلا أن صقراً محافظاً يحوم في الأجواء لا نعلم إلى أي درجة يمكن أن يعكّر صفو هذه المحادثات، طبعاً نحن نتحدث عن جون بولتون/ مستشار الأمن القومي الجديد، والذي يعرف برجل الحروب، لكون هذا الرجل لا يؤمن بالسلام ولا بأي شكل ولا يكترث لا بالقانون الدولي ولا بالمؤسسات الدولية.
بولتون وطأت قدمه البيت الأبيض يوم أمس ليبدأ العمل هناك، ومن حسن حظ ترامب أنه حدد موعد لقائه مع الزعيم الكوري قبل وصول بولتون، ولكن ومع ذلك لا نعتقد بأن بولتون سيسمح باستمرار المفاوضات في حال بدأت مع كوريا الشمالية، فهو أكثر المحرضين ضدها والدافعين لشن حرب عليها، فكيف وهو اليوم يستلم منصبه الجديد كمستشار قومي في البيت الأبيض، على ترامب أن يحذر منه في حال صدقّنا نوايا الرئيس الأمريكي في الحوار مع كوريا الشمالية، لأن بولتون سيسعى بكل ما يستطيع لإلغاء أي اتفاق قد يتم التوصل إليه وسيعرقل كل سبل الحل لأن الرجل لا يؤمن سوى بلغة العنف وخاصة مع كوريا الشمالية، وقد دعا مراراً لشن حرب على بيونغ يانغ، آخرها منذ عدة أسابيع عندما نشر بولتون مقالاً شجع فيه الرئيس الأمريكي على القيام بضربة وقائية والتي قال حينها إنها مبررة قانونياً.
في 22/2/ 2018، رأى جون بولتون، أن هدف كوريا الشمالية من تطوير أسلحة نووية هو الاستيلاء على كوريا الجنوبية، ودعا لشن حرب استباقية ضدها، وكما قلنا فإنه من المرجح أن يكون مجيء بولتون سيؤثر سلباً على المفاوضات القادمة مع كوريا الشمالية وله سوابق في ذلك ذكرت بعضها وكالة “بلومبرغ”، حيث لفتت الوكالة في تقريرها الذي نشرته اليوم الاثنين إلى أن المتشدد جون بولتون يبدأ منصبه كمستشار للأمن القومي في البيت الأبيض اليوم الاثنين، واصفة إياه بأنه “رجل يحب إلغاء الصفقات” التي تبرمها واشنطن مع دول أخرى، وأشارت الوكالة إلى أن بولتون لعب دوراً رئيساً في انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقّع من كوريا الشمالية عندما كان وكيلاً لوزارة الخارجية عام 2003.
غموض في سياسة ترامب
من حق كوريا الشمالية أن تتساءل كيف يمكن لترامب أن يتحمس للتفاوض مع الزعيم الكوري بشأن برنامج بيونغ يانغ النووي، وفي نفس الوقت يعين شخصاً مثل بولتون مستشاراً له، هل يريد ترامب من ذلك إخافة كوريا الشمالية كون بولتون رجل حرب ولا يهتم بأي قانون دولي، وما الذي يضمن ألّا يغيّر ترامب رأيه إذا همس له بولتون بأن يلغي التفاوض ويشنّ حرباً على بيونغ يانغ، خاصة أن له سوابق خطيرة في هذا الموضوع شاهدناها بأم العين مع مطلع القرن الجديد عندما أيد وشجع هذا العجوز بلاده إلى غزو العراق التي لا تزال تداعياته تعصف بالمنطقة برمتها، والأغرب من هذا ورغم أن معظم المسؤولين عن شن الحرب الأمريكية على العراق تراجعوا عن آرائهم واعتبروها خطأ فادحاً إلا أن بولتون يعتبرها حتى الآن عين الصواب وبأنها حققت مبتغاها وأهدافها.
في الخلاصة؛ الولايات المتحدة الأمريكية لاعب سياسي ماكر ومتعدد الأوجه ولا يمنعها أي شيء من أن تنكث بوعودها كما فعلت مع عشرات الدول، وما قدوم بولتون إلى البيت الأبيض إلا نذير شؤم للعالم أجمع وليس فقط لكوريا الشمالية، لذلك على الأخيرة أن تقلق وتكون حذرة في التفاوض مع واشنطن، لأنها تلتف على ما تتفق عليه كما تلتف الأفعى على فريستها.