ترامب وابن سلمان على طريق انطوني إيدن
متابعات:
يقول د. ر. ثورب في كتابه “حياة وعصر انطوني ايدن”، رئيس الوزراء البريطاني المحافظ الاسبق، الذي احتل منصبه بين استقالة ونستون شرشل عام 1955 وتبوأ هارولد ماكملان رئاسة الحكومة عام 1957، ان ايدن اضطر الى الكذب امام البرلمان حول التحالف الانكلو ـ فرنسي مع اسرائيل في العدوان على مصر.
ويورد بعض ما جاء في رسائل خاصة نشرها وزير الخارجية الاميركي جون فوستر دالاس تتعلق بمواقف بعض الشخصيات من الازمة والتي تقول ان الادميرال لورد مونتباكن الذي قاد القوات البحرية كان شبه مقتنع بفشل الحملة وان فالتر مانكتون وزير الدفاع كان على علم بالموضوع ولم يعارض في مجلس الوزراء استخدام القوة ضد مصر، لكنه حاول في ما بعد ان يبعد نفسه عن الموضوع ما امكنه ذلك.
اما السياسيان المحافظان راب بتلر وهارولد ماكملان فقد ركزا على مسألة سقوط ايدن لكي يتسنى لهما بعد ذلك تسلق سلم السلطة.
ومن المعلوم أن فشل العدوان على مصر بفضل المقاومة التي اجبرت المجتمع الدولي وقتها على توجيه انذار لقوات العدوان بانهائه، كان من أبرز أسباب سقوط انطوني ايدن وحكومته واهدار تاريخه الطويل كسياسي بارز في بريطانيا.
فقد كان ايدن يتمتع بشهرة سياسية شعبية واسعة في الثلاثينات، وفي عامي 1939 و1940 كان على قمة لائحة المرشحين لرئاسة الوزارة المقبلة في حال سقوط حكومة تشمبرلين وحتى بعد انتصار حزب العمال عام 1945، كان ايدن الرجل الاكثر تقبلا من الناخبين لقيادة حكومة ما بعد الحرب وافضل حتى من ونستون شرشل، كما ورد في الكتاب المشار إليه.
ورغم ذلك، إلا ان الاستفتاء الذي اجرته محطة الـ BBC عام 1999، اظهر ان انطوني ايدن كان اسوأ رئيس وزراء بريطاني في القرن العشرين!
نعم قد يوافق الغرب الاستعماري على العدوان ويناصره، ولكن إذا فشل العدوان وتبين أنه في طريق مسدود وبلا أفق نتيجة المقاومة والصمود، فإن الحلفاء في العدوان سيقفزون من المركب الغارق ويتبرأون منه وسيسقط العدوان ويسقط معه الحمقى والمكابرون.
لقد تخلت امريكا عن حليفها البريطاني على خلفية الانتخابات الرئاسية وصعود ايزنهاور والذي تجمل بأنه رجل سلام بعد أن ايقن فشل العدوان وانعدام أفقه وأن مكاسب انهائه اكبر من حمق الاستمرار فيه.
هكذا هي سنّة التاريخ وسنّة الاستعمار وأيضاً سنّة المقاومة.
ان العدوان الحالي على اليمن لا يمضي فيه سوى المكابرون ومعهم من ارتبطت مصالحهم الشخصية بكل ما تعنيه كلمة “الشخصية” من معنى.
التواجد الامريكي في باب المندب وقطع طريق الحرير الصيني الرسمي، هي أهداف أمريكية ربما تكون استراتيجية وربما تتعلق بعقيدة ترامب وتوجهاته، ولكن العدوان الحالي سيعمل على تمكين المقاومة وزوال مرتزقة أمريكا من باب المندب وسيصب على المدى الطويل في صالح أصدقاء الشعب اليمني وأنصار التحرر.
هذه المقاربة تكاد تكون قناعة لدى قطاعات واسعة بالكونجرس، وربما يساير الكثيرون في الأوساط السياسية ترامب في عدوانه لإسقاطه على غرار ايدن.
ربما لا يسمح الوضع الدولي بتحول دراماتيكي سريع كما هو الوضع ابان العدوان الثلاثي، الا ان المسألة هي مسألة وقت فقط لتحقق هذا التحول الدراماتيكي بشرط صمود المقاومة.
يعمل الغرب على نظام السلال في العدوان والتجزئة في التفاوض، بمعنى أنه يعلم وجود محور للمقاومة واليمن جزء أصيل به، ولكنه يريد التفاوض بالقطعة، والمطلوب من المقاومة أن تعلم مركزها التفاوضي وأنها جزء من محور كبير للمقاومة والا تنخدع بنظام القطعة في التفاوض، وكذلك أن يكون بين فصائلها التنسيق اللائق بهذا الوضع الواقعي والعملي.
*إيهاب شوقي – صحافي وكاتب مصري