يوم الأرض الفلسطيني.. قبضات وحناجر أسقطت صفقة القرن
في الثلاثين من شهر آذار من كل عام، يحيي الفلسطينيون بكل أطيافهم “يوم الأرض”، مؤكدين للعالم أجمع أن تراب فلسطين لن يُسلب، وكل شبر من أراضي الوطن سيعود لأهله، فيخرجون بمسيرات حاشدة متشبثين بحق العودة.
لماذا سمّي بيوم الأرض؟ كيف يحييه الفلسطينيون؟ وما الذي حصل هذا العام؟
تاريخ يوم الأرض الفلسطينيّ
قبل زرع الغدة السرطانية على الأراضي الفلسطينية تميّز الشعب الفلسطينيّ بالعمل بالزراعة، حيث كان الفلسطينيّ يحصل على رزقه من بيع المحاصيل الزراعية، ولكنّ عدداً كبيراً من الناس تركوا أراضيهم بسبب النكبة عام 1948، وفي عام 1950 أصدر كيان الاحتلال قانون العودة الذي يتيح لليهود الهجرة إلى أراضي فلسطين.
كما أصدر قانون أملاك الغائبين، الذي سمح له بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تمّ طردهم، حيث صادر أراضي: عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد، وغيرها العديد من الأراضي، بالإضافة إلى أراضي عرب الداخل من المناطق الإسرائيليّة، كما صادر أراضي مناطق الجليل، عن طريق إصداره لمشروعٍ باسم (تطوير الجليل)، الذي كان هدفه الأساسيّ تهويد هذه المنطقة، والسيطرة عليها، ولحق ذلك منع تجوالِ أهالي مناطق سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطرعان، وكابول.
احتجّ حينها الأهالي على ذلك بالمسيرات والمظاهرات، وازدادت حدّة المواجهات، وكالعادة كان الرد “الإسرائيلي” إجرامياً دموياً إذ اجتاحت قواته مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينية والبلدات العربية وأخذت بإطلاق النار عشوائياً فسقط الشهيد “خير ياسين” من قرية عرابة، وبعد انتشار الخبر صبيحة اليوم التالي، 30 آذار، انطلقت الجماهير في تظاهرات عارمة فسقط خمسة شهداء آخرين وعشرات الجرحى. ونظراً لهذه الأحداث أصبح “يوم الأرض” يوماً وطنياً فلسطينيّاً، يرفع فيه الشعب الفلسطينيّ شعاراته ضدّ الاستيطان الإسرائيليّ.
مسيرة يوم الأرض هذا العام
هذا العام وكما كل عام أطلقت دعوات متعدّدة الخميس للتظاهر في قطاع غزة والضفة الغربية إضافة إلى القدس المحتلة حيث تمّت الدعوة أيضاً إلى إغلاق المساجد وأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى ردّاً على دعوات جماعة منظمات الهيكل، هذا واستبق شبان غزة ذكرى يوم الأرض بتظاهرات قبالة السياج الحدودي وتصدّوا لاعتداءات الاحتلال رغم إجراءاته الأمنية المشدّدة.
ومن جهتها أكدت حركة حماس أنّ يوم الأرض هو مصدر إلهام وفرصة للتذكير بحق العودة، ودعت في بيان لها الجماهير الفلسطينية إلى المشاركة الواسعة والالتزام الدقيق بسلميتها والابتعاد عن أي مظهر من المظاهر التي يمكن أن تحرفها عن هدفها وتقف عائقاً في وجه نجاحها.
بدورها، قالت حركة فتح إن ذكرى يوم الأرض تمرّ بظروف وتحديات صعبة وهجمة شرسة على الشعب والقيادة الفلسطينية متمثلة في إمعان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مواصلة الاستيطان ومصادرة الأراضي ومحاولة تهويد العاصمة “القدس” وإفراغها من سكانها المقدسيين، ودعت الحركة الفلسطينيين في كل مكان للمشاركة الفاعلة والقوية في مسيرة العودة الكبرى.
ورغم تهديدات الصهاينة خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين صباح اليوم مستجيبين لنداء الوطن وتوجهوا إلى المناطق الشرقية من قطاع غزة. حيث اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، أسفرت وفق وزارة الصحة الفلسطينية عن سقوط 12 شهيداً و1225 جريحاً في صفوف الفلسطينيين بينهم عشرات الإصابات بالرصاص الحي، وتحدثت مصادر فلسطينية عن تمكّن عشرات الشبان من اجتياز السياج الفاصل شرق القطاع رغم الرصاص الكثيف ما دفع القناصة الإسرائيليين إلى التراجع.
وخلال المراسم أكد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية أن المسيرات التي خرجت اليوم من كل مناطق قطاع غزة هي البداية للعودة إلى كل أرض فلسطين، مشدداً في كلمة له من خيمة “مسيرة العودة” أن الشعب يملك مجدداً زمام المبادرة وصنع الحدث، مؤكداً أنه لا تنازل ولا تفريط ولا اعتراف بالاحتلال على شبر واحد من الأراضي الفلسطينية.
وأضاف هنية “اليوم نكتب مجدداً تاريخ شعبنا وقضيتنا ونؤكد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولصفقته الهابطة ولكل من يقف مع هذه الصفقة التآمرية لا تنازل عن القدس ولا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة”، مضيفاً “إن الشعب الفلسطيني توحده البندقية والثوابت والميدان”، مشيراً إلى أن الشعب يؤكد ليس فقط تمسكه بحقوقه وإنما يجسد وحدته في الميدان وفي الثوابت وعلى رأسها حق العودة لتبقى الثوابت الوطنية عنوان وطريق الوحدة الفلسطينية.
وتابع رئيس المكتب السياسي لحماس “وفي الوقت الذي بلغت فيه الهجمة على القضية ذروتها منذ قرار ترامب بإعطاء القدس للاحتلال الغاصب والحديث المتزايد عن التحضير لما يعرف بصفقة القرن ومسارعة البعض للتطبيع مع الكيان واشتداد الحصار والاستيطان والتهويد وغير ذلك، فإن هذه الجماهير خرجت لتقول كلمتها الفاصلة، لا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة“.
كما وتوجه عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى استجابة لدعوات النفير التي صدرت أمس رغم كثافة الحواجز الإسرائيلية. وخرجت تظاهرة حاشدة في عرابة بالجليل إضافة إلى تظاهرة في باب الزاوية في الخليل، وتظاهرة أخرى على المدخل الجنوبي لمدينة أريحا، وخرجت مسيرة من مدينة سخنين في الجليل المحتل باتجاه مدينة عرابة.
وحول يوم الأرض قال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم إن جماهير شعبنا الفلسطيني أسقطت اليوم عملياً “صفقة القرن” ووجهت صفعة قوية لترامب وإدارته، وأكدت أن الثوابت الوطنية عنوان الوحدة وأن كل محاولات الاحتلال تغيير الواقع وكيّ وعي الأجيال باءت بالفشل.