سيناتور أمريكي يكشف من بيده قرار وقف الحرب في اليمن.. “ليس ترامب”
نشرت مجلة الفورين بوليسي الأمريكية الشهيرة مقال رأي كتبه السيناتور الأمريكي “بيرني ساندرز”، وهو السيناتور الذي قدم قرار وقف المشاركة الأمريكية في الحرب على اليمن، المقالة نُشرت تحت عنوان: الكونغرس هو من يمتلك قرار الحرب، وليس ترامب”.
موقع متابعات | ترجمة | أحمد عبدالرحمن قحطان:
“النواب الأمريكيون يمكنهم، بل ويجب عليهم إيقاف مشاركة بلادهم في الهجمة المروعة التي تُشن على اليمن”
في 20 مارس من العام الجاري، وبتصويت 55-44 ، رفض مجلس الشيوخ الأمريكي قرارًا قدمته مع اثنين من زملائي وهما الجمهوري “مايك لي” من ولاية يوتا والديمقراطي “كريس ميرفي” من ولاية كونيتيكت ، دعونا فيه الرئيس “ترامب” إلى سحب المشاركة الأمريكية في الحرب في اليمن.
وقد قدمنا هذا القرار لسببين، أولاً ، أدت الحرب التي قادتها السعودية في اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، ثانياً ، لقد آن الأوان لكي يعمد الكونجرس إلى إعادة تأكيد سلطته الدستورية في مسائل الحرب، حيث تنص المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة بوضوح على أن ممثلي الشعب في الكونغرس، هم من يجب أن يكون لهم الحق في اتخاذ وإعلان قرار الحرب، وليس شخصًا واحدًا مقيماً في البيت الأبيض.
وعلى الرغم من أن غالبية زملائنا في مجلس الشيوخ صوتوا لصالح إعادة قرارنا – أي أنهم اختاروا تجنب التصويت على القضايا التي أثارها – فأنا أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بالحاجة إلى المضي قدما بقوة في هذا الأمر. ويجب ألا ننسى أبداً أن أكبر الكوارث في السياسة الخارجية في التاريخ الحديث للولايات المتحدة ، هي الحرب في العراق والحرب في فيتنام ، وقد وقعتا عندما تخاذل الكونجرس وسمح لإدارتين، إحداها جمهورية والأخرى ديمقراطية، بالكذب على الشعب الأمريكي وهم يقودوننا إلى صراعات ذات عواقب مروعة، يجب ألا نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى.
ففي 20 مارس 2003 ، بدأت الحرب في العراق – والتي عارضتها بشدة – وبدأت القنابل تسقط على بغداد. واليوم، بات من المعترف به على نطاق واسع بأن الحرب في العراق كانت خطأ فادح، وأن دخولنا في تلك الحرب كان قائما على سلسلة من الأكاذيب، فبالرغم مما قالته إدارة بوش، فلم يكن للعراق دور في هجمات 11 سبتمبر، ولم تمتلك العراق قط أسلحة دمار شامل تهدد الولايات المتحدة.
وكما نعلم الآن ، فتلك الحرب قد خلقت سلسلة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة التي نتعامل معها اليوم في سوريا وأماكن أخرى ، وسنظل نتعامل لسنوات عديدة قادمة، ففي الواقع ، لو لم تكن حرب العراق، فمن شبه المؤكد أن الدولة الإسلامية لم تكن لترى الضوء.
هذه الحرب عمقت أيضاً العداوات بين الطائفتين السنية والشيعية في العراق وأماكن أخرى، كما فاقم الصراع الإقليمي على السلطة بين المملكة العربية السعودية وإيران ووكلائهم في أماكن مثل سوريا ولبنان واليمن ذلك، وقوض الجهود الدبلوماسية الأمريكية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
تلك الحرب خلقت من قبل إدارة جمهورية، والآن ، دعوني أخبركم عن إدارة ديمقراطية سابقة، وعن صراع سابق برز الى الضوء بمزاعم كاذبة مشابهة، في عام 1964، كان الرئيس “ليندون جونسون” قد استخدم الهجوم على السفينة الأمريكية في خليج تونكين كذريعة لتصعيد التدخل الأمريكي في فيتنام.
ونحن نعلم الآن من تسجيلات كانت فيما سبق سرية بأن “جونسون” نفسه يشك في أن المدمرة يو اس اس مادوكسهيد كانت قد تعرضت لهجوم في 4 أغسطس 1964، الا انه مضى على اي حال في استخدام هذا الهجوم المزعوم للدفع بإصدار قرار خليج تونكين، مما أجاز له تصعيد التدخل العسكري للولايات المتحدة في فيتنام.
لقد ضللّت إدارة “جونسون” الكونغرس والشعب الأمريكي في تلك الحرب، تماماً كما ضللتنا إدارة بوش في المضي إلى الحرب في العراق، ويجب القول بأن الكوارث تحدث مراراً عندما يرفض الرؤساء إخبار شعبهم بالحقيقة، وعندما يتخلى الكونغرس عن مسؤوليته الدستورية للحصول على هذه الحقيقة.
والحقيقة بشأن ما يجري في اليمن هي أنه ومن خلال توفير المعلومات الاستخبارية وإعادة تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود جواً، تشارك القوات الأمريكية في أعمال عدائية غير مرخص لها من قبل الكونغرس. وقد أسفرت هذه الحرب عن أزمة إنسانية ضخمة قتل فيها حوالي 000 10 مدني ، وأصيب 000 40 آخرون، ونزح أكثر من 3 ملايين شخص.
وفي تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي ، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ إن اليمن على حافة “أكبر مجاعة شهدها العالم لعقود عديدة”. كما يفتقر خمسة عشر مليون شخص إلى المياه النظيفة والصرف الصحي بسبب تدمير محطات معالجة المياه … ويحتاج أكثر من 20 مليون شخص في اليمن – أكثر من ثلثي السكان – إلى شكل من أشكال الدعم الإنساني ، مع ما يقرب من 10 مليون شخص ممن هم في حاجة ماسة للمساعدة. وقد تم الإبلاغ عن أكثر من مليون حالة يشتبه في إصابتهم بالكوليرا ، مما يمثل أسوأ انتشار للكوليرا في تاريخ العالم.
كما قوضت حرب اليمن الجهود الأمريكية لوقف الإرهاب، ففي عام 2016 ، ذكرت وكالة رويترز أن الحرب “ساعدت تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية – أحد أخطر فروع القاعدة – لتصبح أقوى من أي وقت مضى منذ أن ظهرت لأول مرة منذ حوالي 20 عامًا”. وبالمثل ، وجد تقرير وزارة الخارجية أن الصراع ساعد القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية على “تعميق الهجمات التي ينفذونها الى معظم أنحاء البلاد”.
وبينما يمثل دعم إيران للمتمردين في اليمن مشكلة خطيرة، إلا أن الحقيقة هي أن هذه الحرب ساعدت إيران على توسيع نفوذها. وكما ذكر راديو Public Radio International في العام الماضي، فإنه “إذا لم يكن الحوثيون في اليمن وكلاءً لإيران من قبل، فربما يصبحون كذلك قريبًا”. وبعبارة أخرى، فإن تبرير هذه الحرب من حيث “الدفع بها باتجاه إيران” يمكن أن يصبح تحقيقًا ذاتيًا لهذه النبوءة.
وبالتصويت على قرارنا، تعهد الرئيس والعضو المسؤول في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بعقد جلسات استماع حول هذا التدخل العسكري المستمر منذ ثلاث سنوات. آمل أن تحدث جلسات الاستماع هذه قريباً، وأنهم سوف يسألون الأسئلة الصعبة اللازمة حول مبررات الإدارة لهذه الحرب. وإذا لم يتم هذا الأمر، فأنا أحتفظ بالحق في تقديم قرارنا إلى مجلس الشيوخ للنظر فيه مرة أخرى.
وإذا كان الكونجرس يدعم مشاركة الولايات المتحدة في الحرب في اليمن، فيجب عليم أن يمتلكوا الشجاعة للتصويت لذلك. وإذا كانوا يدعمون دورًا موسعًا للقوات الأمريكية في سوريا أو في أي مكان آخر، فدعهم يصوتون لذلك. ولكن بالنسبة لمستقبل بلدنا، ومصداقية التزاماتنا، وجاهزة قواتنا المسلحة، لا يمكن للكونغرس أن يتخلى عن مسؤوليات اتخاذ قرار الحرب التي نص عليها الدستور والتي مررها الآباء المؤسسون للمجلس.