كل ما يجري من حولك

إسرائيل تعيش في خوفٍ من حدوث كارثة نووية.. قنبلة “ديمونة” المؤقتة، هل ستتكرر فاجعة “تشرنوبيل” مرة اخرى؟

532

قنبلة "ديمونة" المؤقتة، هل ستتكرر فاجعة "تشرنوبيل" مرة اخرى؟

متابعات| الوقت:

صرّح عدد من المختصين في مجال الطاقة النووية، بأن مفاعل “ديمونة” النووي يمكن أن يتسبب في حدوث تلوث إشعاعي كبير في صحراء “النقب” وحول هذا السياق، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية مقالاً أكدت فيه أن النفايات المشعّة يتم دفنها في المنطقة المحظورة القريبة من هذه المحطة النووية وهذا الأمر سوف يتسبب في حدوث تلوث بيئي وبشري خطير. من ناحية أخرى، تسببت الأمطار الغزيرة لعدّة مرات في تدفق مياه الآبار إلى الخارج واختلاطها مع المياه الملوثة المحيطة بالمفاعل النووي ثم انتقلت تلك المياه إلى شبكات مياه الشرب والصرف الصحي الخاصة بتلك المنطقة. ولقد أفادت العديد من التقارير بحدوث العديد من الحوادث في هذا المركز النووي خلال الفترة السابقة وهذا الأمر تسبب في انعدام الأمن لدى الموظفين والعاملين في هذا المركز ولكن للأسف الشديد قامت الحكومة الإسرائيلية بالادعاء مجدداً بأن هذا المركز النووي لا يشكّل خطراً.

يُذكر أن الكيان الصهيوني قام بشراء محطة “ديمونة” لتوليد الطاقة من فرنسا في أواخر الخمسينات من القرن الماضي وقام بتشغيلها لأول مرة في عام 1963 ولقد أعلنت الشركة المصنعة بأن العمر التشغيلي لتلك المحطة هو أربعون سنة ولكن إلى الآن قد مرّ خمسون عاماً منذ تشغيل تلك المحطة وقد أعلن الكيان الصهيوني بأنه سيستمر في استخدام تلك المحطة حتى عام 2040  وفي سياق متصل كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في وقت سابق بأن علماء نوويين إسرائيليين أعلنوا في أحد المؤتمرات الدولية عن وجود الكثير من المشكلات في محطة الطاقة النووية “ديمونة” وأعربوا بأنهم حددوا 1537 مشكلة في تلك المحطة ولفتوا إلى أن هذه المشكلات تُنذر بحدوث كارثة خطيرة في المستقبل ويقول بعض الخبراء إن هذه المحطة النووية هي على الأرجح أقدم محطة للطاقة النووية في العالم ويقع المفاعل النووي “ديمونة” على بعد عشرة كيلومترات جنوب مدينة “ديمونة” ويبلغ عدد سكان مدينة “ديمونة” 34،000 نسمة.

كيف أصبحت إسرائيل نووية؟

في عام 1945، كانت الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تمتلك منشآت وصناعات نووية ولكن قادة الصهاينة منذ ذلك الحين كانوا يفكرون في جعل إسرائيل دولة نووية وفي أثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، صرّح “دافيد بن غوريون”، مخاطباً العلماء الإسرائيليين، حيث قال: “أريدكم منذ هذه اللحظة أن تقوموا بالكثير من الأبحاث النووية وأن تقوموا بجميع الخطوات اللازمة لتزويد إسرائيل بسلاح نووي” وبعد ذلك قام “بن غوريون” و”شيمون بيريز” بالتواصل مع 25 من اليهود البارزين في جميع أنحاء العالم، لحثهم على التبرع لبناء محطة نووية وبالفعل تبرع 18 شخصاً من أولئك اليهود بمبلغ 40 مليون دولار والتي تعادل في وقتنا الحالي تقريباً 250 مليون دولار، لبناء مفاعل نووي في إسرائيل.

وفي عام 1954، أرسلت إسرائيل فريقاً إلى الولايات المتحدة لتعلّم استخدام المواد النووية الأساسية ووفقاً للاتفاقية التي عقدها الكيان الصهيوني مع الولايات المتحدة،  فلقد استطاعت “تل أبيب” الحصول على مفاعل نووي يولد طاقة كهربائية تصل إلى 6 ميغاواط وفي عام 1957، وقعّت إسرائيل اتفاقية مع فرنسا لإنشاء مفاعل “ديمونة”، كما أن الولايات المتحدة وقعّت خلال تلك الفترة عدة اتفاقيات مع إسرائيل، منها اتفاقيات اختصت ببناء نظام الأقمار الصناعية التحذيرية في إسرائيل ولقد اتفقت الحكومة الإسرائيلية مع “هنري كسنجر”، مستشار الأمن القومي الأمريكي، على القيام بتجارب نووية وصنع أسلحة فتاكة بشكل مخفي ومنذ بداية تأسيس دولة إسرائيل، قامت الولايات المتحدة باستثمارات مالية وأمنية فيها وذلك لأسباب استراتيجية واعتبارات سياسية وقد صرّحت واشنطن بأنها ملتزمة بحماية استقلالية واقتصاد دولة الكيان الصهيوني.

إن الولايات المتحدة عملت خلال العقود الماضية على دعم الكيان الصهيوني لكي يتفوق عسكرياً واقتصادياً على الدول العربية وذلك من أجل تنفيذ سياساتها في الشرق الأوسط ونهب ثرواته وعلى سبيل المثال، في عام 1957، قامت الولايات المتحدة بتجهيز إسرائيل بطائرات حربية من طراز F-15 وصواريخ ذات رؤوس نووية عابرة للقارات.

السّرّية التي تحيط بمفاعل “ديمونة” النووي

تم إنشاء مفاعل “ديمونة” النووي سرياً وفقاً لاتفاق بين فرنسا وإسرائيل ولقد تم إنشاء ذلك المفاعل في منقطة صحراء “النقب” الغنية باليورانيوم والفوسفات ولقد أعلن نائب رئيس الولايات المتحدة في 21 يوليو 1975 أن إسرائيل لديها حالياً 10 قنابل نووية كتلك التي أطلقتها أمريكا على منطقتي “هيروشيما” وناجازاكي” اليابانيتين. وفي عام 1986 كشف المهندس “موردخاي فعنونو”، الذي عمل في منشأة “ديمونة” النووية لمدة 19 عاماً، في مقابلة مع صحيفة “صنداي” تايمز، عن جميع الأنشطة التي تقوم بها إسرائيل في مركز “ديمونة” النووي، حيث تُركز على تصميم وبناء الكثير من القنابل النووية ولقد أعرب “فعنونو” بأنه تم صنع حوالي 200 قنبلة نووية أثناء فترة خدمته في ذلك المركز وتجدر الإشارة هنا، إلى أن المخابرات الإسرائيلية قامت باختطاف المهندس “فعنونو” في إيطاليا في أكتوبر 1986 وبعد ذلك حُكم عليه بالسجن لمدة 18 عاماً وبعد الإفراج عنه في عام 2005، صرّح المهندس “فعنونو” بنفس التصريحات التي صرح بها سابقاً. يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قامت بإلقاء القبض على “فعنونو” ومحاكمته، لتُظهر بشكل ضمني للدول العربية بأنها تمتلك أسلحة نووية.

استراتيجية الغموض

يعتقد البعض بأنه ينبغي على الكيان الصهيوني أن يُعلن رسمياً بأنه يمتلك أسلحة نووية وذلك حتى لا تنشب حرب بينه وبين الدول العربية كتلك الحرب التي حصلت بينهما في عام 1973 ولكن هنالك أشخاصاً آخرين يقولون إن “تل أبيب” يجب ألّا تعلن رسمياً عن عدد أسلحتها النووية وهذا الرأي هو الرأي السائد عند القادة الإسرائيليين وبناءً على هذا الرأي المعروف بـ”استراتيجية الغموض”، فإن قادة الكيان الصهيوني يعتقدون بأن أعداء إسرائيل يخافون أكثر من عدم معرفتهم بعدد الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل وبالرغم من هذا الادعاء، إلا أنه يجب القول بأن السبب الرئيسي وراء هذه السرية الصهيونية هو الخوف من مطالبات واحتجاجات البلدان في منطقة الشرق الأوسط ولهذا فهم لا يريدون أن يعلنوا عن عدد الأسلحة النووية التي في حوزتهم. ففي الواقع، إن تلك الدول قد تستخدم ورقة النفط وتضغط بها على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لتزويدها بالأسلحة النووية. ووفقاً للمعلومات السرية الصادرة عن لجنة الطاقة النووية الأمريكية، فإن الحكومة الصهيونية تمتلك في وقتنا الحالي سادس أكبر ترسانة نووية في العالم وتجدر الإشارة هنا، إلى أن إسرائيل هي إحدى الدول القليلة التي لم توقع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية والنووية وتعتبر أيضاً هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لا تعتبر عضواً في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT).

المشكلات التي تواجه إسرائيل في الحفاظ على مفاعل “ديمونة” النووي

لقد تعرّضت الأجزاء الحساسة من مفاعل “ديمونة” النووي خلال السنوات الماضية للكثير من الإشعاعات ودرجة الحرارة العالية وشروخ عديدة في الهيكلة وهذه الأمور تسببت بحدوث الكثير من التلوث والحوادث البيئية الخطيرة في تلك المنطقة والمشكلة الكبيرة هنا هي أنه لا يمكن لإسرائيل أن تُعيد صناعة هذه الأجزاء بشكل فردي ولهذا فإن الكثير من المختصين يرون بأنه يجب على إسرائيل التوقف عن استخدام هذا المفاعل النووي وإلا فإنها ستتسبب في حدوث كارثة بيئية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقاً لما صرّح به بعض العلماء، فإنه لا يمكن لإسرائيل أن تستبدل مفاعل “ديمونة” النووي بدون مساعدة دولية. ونظراً للحالة الراهنة والأخبار والمعلومات التي انتشرت في كل العالم والثغرات الأمنية التي تملكها إسرائيل، فإن بناء مفاعل نووي ثانٍ سيكشف الكثير من الأسرار النووية لهذا الكيان وهذا الشيء يتناقض إلى حد كبير مع “استراتيجية الغموض” التي تتبعها إسرائيل ومن ناحية أخرى، سيتناقض هذا الأمر مع حركة دول الشرق الأوسط الأخرى التي تسعى إلى خلق توازن نووي مع تلك الاستراتيجية المشتركة القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة والتي يمكن وصفها باستراتيجية الاحتكار النووية.

مفاعل “ديمونة” النووي والهجرة العكسية

لقد تسببت تلك الضغوط النفسية فضلاً عن الأعمال العنصرية الإسرائيلية في مغادرة العديد من سكان الأراضي المحتلة، ما أدّى إلى تشريد أكثر من 400،000 شخص في السنوات الست الماضية ولقد أمست العديد من الوحدات المبنية في المستوطنات، شاغرة بسبب انعدام الأمن وقيام الكثير من سكانها بالهجرة العكسية ولم يتبقَ لإسرائيل، سوى البعد الإعلامي والترويجي لجذب المهاجرين للسكن في تلك الوحدات الخالية ولقد كان للنهج العدواني الذي انتهجه الكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني والمنطقة تأثير مباشر على مغادرة الأراضي المحتلة وترك الكثير من المستوطنات خالية ولقد تسببت أيضاً العنصرية والمحيط الأمني المتزعزع والخوف من الهجمات الصاروخية ومن تسرّب الإشعاعات النووية أو حدوث كارثة نووية وبيئية كحادثة “تشرنوبيل” التي وقعت في 25 أبريل 1986 في أوكرانيا، في حدوث الهجرة العكسية إلى خارج إسرائيل للكثير من المهاجرين الذين جاؤوا من أوروبا والولايات المتحدة.

You might also like