تتجدد معركة نهم وتزداد شراسة أواخر كل عام، ففي ديسمبر الماضي، أعلنت القوات المواليه للرئيس عبد ربه منصور هادي، سيطرتها على تبة القناصين وجبال الدشوش والنفاحة وجبل المشنه، واتجاهها نحو نقيل بن غيلان ومنطقة مسورة، واقترابها من العاصمة صنعاء بخمسة كيلومترات فقط، واليوم، تعلن قوات هادي من جديد، سيطرتها على تبة القناصين في منطقة الحول شرق صنعاء.
مسنودة جواً من قبل طيران «التحالف العربي»، دفعت القوات المواليه لهادي، بتعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية إلى المنطقة، إلا أن تلك التعزيزات، قوبلت بتعزيزات مماثلة من قبل «أنصار الله»، على الرغم من الفارق الكبير في العتاد والعدة. لم تحقق قوات هادي في تحركاتها، أي إنجاز ملموس على الأرض، إذ أن نطاق سيطرتها على أرض الواقع، لا يزال من دون أي تغيير يذكر، على الرغم من دعم طيران «التحالف» لها بالقصف على مواقع «أنصار الله»، فإن قوات هادي فقدت مكاسبها على الأرض خلال ساعات، وإن زادت أيام من سيطرتها عليها.
بالأمس، وكالمعتاد، أعلنت قوات هادي تقدمها باتجاه جبال قطبين في نهم، وسيطرتها على المرتفعات المطلة على منطقتي مسورة ومحلي، كما أعلنت قناة «العربية» السعودية دخول القوات ضلوعة وبران، التي تربط بين أرحب ونهم، إلا أن مصدراً عسكرياً في صنعاء، أكد لـ«العربي»، أن «تلك القوات لاتزال في مواقعها السابقة خلف منطقة محلي، ولا يوجد أي تقدم لها في جبال يام، ولا في ضبوعة»، نافياً سقوط تبة القناصين. المصدر أشار إلى أن ما وصفها بـ«قوات المرتزقة، تحاول منذ أسابيع، السيطرة على تبه القناصين وتدفع بالمئات من عناصرها إلى محارق الموت في نهم»، موضحاً أنها «تحاول تصدير الوهم لدول التحالف» من جبهة نهم، التي تجاوزت المواجهات فيها العامين، من دون أي تقدم لها، رغم استخدامها مختلف أنواع الأسلحة، واستعانتها بالطيران السعودي، الذي ألقى عشرات الآلاف من الغارات في نهم منذ بدأ المعركة. وأضاف المصدر أن القوات الموالية لهادي «تلجأ إلى شن حرب نفسية، مستخدمة جيشها الإلكتروني المتواجد في الرياض ومأرب عندما تتعثر».

تستميت القوات الموالية لهادي، منذ أسبوعين، على تبة القناصين الواقعة في منطقة الحول شمال شرق نهم، وعلى مدى الأيام الماضية، حاولت التقدم في منطقة الحول والتباب القريبة من تبة القناصين، التي يصل طولها أربعة كلم، وهي سلسلسة جبلية مشرفة على عدد من مناطق نهم. وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، أعلنت القوات، أكثر من مرة، سيطرتها على تبة القناصين، في ظل اشتداد المواجهات مع القوات الموالية لـ«أنصار الله» في نهم خلال الأيام الماضية، ما كشف عن يأس «التحالف» والقوات الموالية له، من أي تجاوب أو تعاون معها من قبائل طوق صنعاء في نهم وأرحب وبني حشيش، وفي حريب القراميس ومديرية بدبده في محافظة مأرب، المحادية لمديريات واقعه في محافظة صنعاء، ما دفع بـ«التحالف» أخيراً، إلى شن أعنف غاراته على قرى ومزارع المواطنين في نهم بشكل انتقامي، وذلك بعد أن رفضت قبائل طوق صنعاء الوقوف إلى جانب القوات الموالية له، بعد مقتل الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، مطلع الشهر الحالي، حيث حاول «التحالف» إثارة القبائل على «أنصار الله» بداعي الثأر لصالح ودواعي أخرى، إلا أن قبائل طوق صنعاء ردّت على تلك الدعوات ومحاولة اختراق صفوفها، مستغلة أحداث صنعاء، بعقد لقاءات قبلية، والإعلان عن استمرارها دعم الجبهات بالمال والسلاح، ما أثار سخط القوات الموالية لهادي، ودفعها إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة، على مدى الأيام الماضية، مستعينةً بطيران «التحالف»، والذي صعد بدوره من هجماته على مناطق نهم وحريب القراميش وصرواح وأرحب وهمدان بشكل هستيري، وتسببت باستهداف عشرات المدنيين. 
حرب «التحالف» على قبائل الطوق، تزامن مع حملة إساءات منظمة، دشنها عناصر حزب «الإصلاح»، أو ما يسمى بـ«جيش الحزب الإلكتروني»، ما أثار حفيظة تلك القبائل، التي تعرضت للاعتداء من طيران «التحالف»، كما حدث مؤخراً في استهداف للقبيلة في مديرية أرحب بشكل ممنهج، حيث قصفت مزارع المواطنين خلال اليومين الماضين بأكثر من 50 صاروخاً من نوع «كاتيوشا» في نهم. 
قبائل حريب القراميش، أعلنت من جهتها، حالة الاسنتنفار القصوى، ودفعت بالمئات من مقاتليها إلى جبهات نهم لتعزيز القوات الموالية لـ«أنصار الله»، وذلك بعد استهداف طيران «التحالف» 10 نساء كن عائدات إلى منازلهن بعد حضورهن حفل زفاف الأسبوع الماضي، إلا أن داعي القبيلة، أو «النكف القبلي» للأخذ بالثأر، وسع دائرة العداء لـ«التحالف» والقوات الموالية لهادي، فتجاوبت قبائل مديرية بدبدة في محافظة مأرب، أول من أمس، للثأر، وأعلنت «النكف القبلي» تلبية لدعوة قبائل حريب القراميش، معلنةً القتال إلى جانب القوات الموالية لـ«أنصار الله».
عمليات نوعية
تُجيد القوات الموالية لـ«أنصار الله»، توظيف الوقت والتضاريس لصالحها، في تنفيذ عمليات عسكرية نوعية في ظل التحليق المكثف للطيران. فعلى مدى الأيام الماضية، نفذت قواتها عدداً من العمليات، تمثلت بالاقتحام الخاطف وإيقاع الطرف الآخر بخسائر مادية وبشرية كبيرة، قبل أن تعود، خشية استهداف الطيران. 

وبين استهداف تجمعات وتعزيزات تلك القوات بصواريخ قصيرى المدى، والإغارة واالتحام معها والسيطرة على مواقعها، حاولت قوات هادي، على مدى الأيام الماضية، الدفع بالمئات من الجنود والعشرات من الآليات العسكرية إلى جبهة نهم، إلا أن تلك التعزيزات، تمر من مناطق مكشوفة تتيح لـ«أنصار الله» استهدافها بسهولة. فعلى مدى الأيام الماضية، استهدفت الحركة تعزيزات عسكرية لقوات هادي في عدد من المناطق بصواريخ «زلزال 2» و«زلزال 3» وصاروخ «قاهر تو أم»، المصنّعة محلياً، مستهدفة معسكراً تدريبياً تابعاً لقوات هادي في فرضة نهم، وعدداً من التعزيزات العسكرية.