أحمد علي.. «مسمار» أبوظبي الجديد في «نعش» هادي
متابعات| العربي| معاذ منصر:
لم يستطع تيار أبوظبي حسم العملية لعدة أسباب، وكذلك بالنسبة لتيار الرياض المتمثل بالرئيس عبد ربه منصور هادي ومعه أحمد عبيد بن دغر، وهما من قيادات «المؤتمر الشعبي العام» البارزة.
مصادر سياسية في الرياض، أكدت أن الخلافات توسعت بين التيارين، فـ«الشرعية» تريد إخضاع الجميع لقيادة واحدة تحت مظلتها، وتيار أبوظبي يريد أن يصنع كياناً بديلاً لـ«الشرعية»، ويريد أن يواجه «أنصار الله» سياسياً، خصوصاً أنه يشعر بأنه بلا حضور عسكري على الأرض بعد مقتل صالح.
وأوضحت المصادر لـ«العربي» أن أبوظبي تحاول الدفع بنجل صالح إلى الواجهة، وهي التي ترسم هذا الخط للكيان الذي تريده ممثلاً لها، وتتحكم به. وفي حين تشير المصادر إلى أن أحمد علي عبد الله صالح متهرب حتى الآن من خوض هذه المغامرة، إلا أن الامارات تواصل تحركاتها لفرض ذلك.
وبحسب المصادر، فإن أحمد علي يشعر بأنه ليس لديه قدرة وليس لديه قوة عسكرية تقاتل على الأرض، فالحرس الجمهوري صار بيد «أنصار الله»، إضافة إلى أن نجل صالح صار بدون أرضية سياسية وقبلية واجتماعية. وليس لدى الرجل ثقل. إذ تفيد مصادر مطلعة، لـ«العربي»، بأن تيار أحمد علي مبالغ فيه أساساً، وبأن «المؤتمر» هو مجموعة قيادات صارت فاقدة التوجيه الذاتي لنفسها بعد صالح، وتشعر بأن لا خيار أمامها سوى الانضمام إلى «الشرعية».لكن مساعي دولة الامارات، بدأت تتضح بشكل أكبر لدى طرف «الشرعية». وتفيد معلومات «العربي» بأن «الشرعية» بدأت تشعر بالخطر، وتشعر بأن تحركات الإمارات في تشكيل قيادة جديدة لـ«المؤتمر» لا تعترف بـ«الشرعية»، بمثابة «انقلاب» عليها. ولهذا غيرت خطاباتها خلال الأيام القليلة الماضية، وبدأت بتوجيه الرسائل بشكل أو بآخر.
الرئيس هادي، وخلال اليومين الماضيين، جدد رفضه القاطع والمطلق لأي جهود يقوم بها بعض القيادات في «حزب المؤتمر الشعبي العام»، الذين كانوا منضوين تحت جناح الرئيس السابق، خارج إطار «الشرعية».
وفي لقائه مع سفراء دول مجموعة الـ 19، في الرياض، يقال إن هادي تطرق للمحاولات المنفردة التي تتم من قبل بعض قيادات «المؤتمر». وبشأن نجل صالح وقيادات «المؤتمر» بشكل عام، قال هادي: «فتحنا أبوابنا لكل من تعرض للتنكيل من قبل الحوثي من المؤتمر، ونعمل بشكل دؤوب للملمة المؤتمر الشعبي العام والحفاظ عليه، فهو حزب عريق وله رصيد نضالي وشعبي ونرحب بأي جهد يتم تحت إطار الشرعية، ونرفض أي عمل يتم خارج إطار الشرعية مطلقاً. فلدينا خصم واحد وهدف واحد ووسيلة واحدة».
وأضاف: «تعاملنا إنسانياً مع عائلة صالح بعد مقتله، هو ما تقتضيه الأخلاق الاسلامية، واللأعراف الوطنية، لكننا نعتبر أن حقبة صالح قد انتهت، وهذا على كل حال هو أحد النصوص الواردة في القرارات الدولية (طي صفحة صالح)».
وفي أبوظبي، لا تزال اللقاءات مستمرة بين مسؤولين إماراتيين وبين نجل صالح (أحمد). وتفيد مصادر مطلعة في أبوظبي، بأن الإمارات تريد أحمد علي بشكل كبير، وأنظارها تتركز عليه، والهدف الذي يبدو وراء الأمر هو أن أبوظبي تريد أن يكون الرجل ذراعها السياسي في الشمال، على غرار المجلس الانتقالي الجنوبي. لكن ما لا تستوعبه أبوظبي هو أن الرجل لا يمتلك قدرات والده في اللعب على الأوراق واللعب على المتناقضات وتأثيره على القبائل اليمنية ضعيفاً، بما في ذلك تأثيره على الجماهير.
وفي الرياض، يجري رئيس الكتلة البرلمانية لـ«المؤتمر الشعبي العام»، والقيادي البارز سلطان البركاني، لقاءات مكثفة مع الرئيس هادي ومع رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بهدف مناقشة هذه التطورات، وبهدف التوصل إلى اتفاق ينتهي بتشكيل قيادة جديدة لـ«المؤتمر الشعبي العام».
في سياق الاعتراف بـ«الشرعية» من قبل تيار نجل صالح والانخراط فيه، تقول مصادر سياسية لـ«العربي»، إن القيادات المؤتمرية الواقعة ضمن تيار نجل صالح، تطرح شروطاً على الرئيس هادي، من بينها رفع العقوبات الدولية عن أحمد، وشروط أخرى. لكن هادي، وبحسب المعلومات، يرفض هذه الشروط ويقول إن القرارات الأممية ستظل على ما هي، وإنه لا يمكن اتخاذ أي إجراء بشأنها.
ومن الصعب حتى الآن الجزم بمآلات الأمور لدى الأطراف، بحسب مصادر سياسية في الرياض، إذ لا تزال رحى التفاعلات تدور، ولا تزال الأفكار والمراوحات بينهم قائمة.
المصادر السياسية، وفي حديثها إلى «العربي»، أكدت أن هناك الآن أكثر من نقاش يدور بين قيادات «المؤتمر» في الخارج، وأن بعضها تقدم طرحاً مفاده أنه «لم يعد هناك خيارات متاحة أمام المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي سوى التمسك بالشرعية المعترف بها عربياً وعالمياً، كإطار وطني جامع، وأي خيارات أخرى ستصنف بأنها معادية للشرعية حتى وإن لم تجدد تحالفها مع الحوثيين، بالإضافة إلى أن التقارب مع الحوثيين خيار انتحاري لكل من يفكر به وسيؤدي إلى انهيار الحزب العريض وتفككه».
في المقابل، وفي نظر سياسيين، «الشرعية» ملزمة بإيجاد استراتيجية قادرة على احتواء «المؤتمر» واستيعاب عناصره، أو أنها ستخسر قواعدها المنتشرة في المحافظات لمصلحة «أنصار الله»، والمراقب للوضع حالياً يستطيع ملاحظة التحركات وتكثيف التواصل بين قيادات «المؤتمر» باختلاف توجهاتها ومواقفها، في محاولة لإبقاء الحزب موحداً، والاستفادة منه في استكمال معركة استعادة الدولة.
حالياً، ووفق مصادر «العربي»، لا اتفاقات معلنة ولا تقارب استراتيجي، فقط عزاء ومغازلات من الطرفين، ولقاءات لم تتمخض عنها اتفاقات أو تعاون مشترك، والأيام المقبلة كفيلة بكشف ما ستسفر عنه تلك اللقاءات بين قادة «المؤتمر» المقيمين في الشتات.
في سياق هذه التطورات، يقول المحلل السياسي ماجد المذحجي، لـ«العربي»: «حتى الآن لا توجد أي تفاهمات بالمعنى الفعلي بين تيار الشرعية وتيار صالح الذي يفترض أن من يقوده أحمد لاحقاً في المؤتمر الشعبي العام، كان للأسف هو دفع إعلامي وسياسي من قبل دول التحالف لتيار أحمد، ليكون في واجهة أي إطار سياسي قادم، وواضح أنه ضاغط على الشرعية بهذا الصدد، لكن واضح أن الشرعية غير خاضعة، وكل المؤشرات لا تدل على أن المسار سيذهب به الطرفان، ولكن دول التحالف هي التي تسعى لهذا الأمر».
ويضيف: «أعتقد أن الحكم على طبيعة المسار بين الطرفين ينتظر وضوح إعادة الترتيبات التي سيذهب إليها المؤتمر. إلى الآن ليس واضحاً كيف سيكون مستقبله، يعني أحمد علي، ما الذي سيفعله، ومنهم من قيادات المؤتمر معه، وما الذي يقوم به الحوثيون في صنعاء، على صعيد المؤتمر في صنعاء، يعني هناك أسئلة كثيرة… هل سنشهد نسخة مؤتمر شبيهة بالشرعية مقرها أبوظبي، بعيدة عن الأرض، ما الذي ستفعله من الخارج إذا لم يكن هناك قاعدة وأرضية لها في الداخل تمارس منها نفوذها، هذا وأيضا لا يمكن في الداخل أن يكون هناك قيادات مؤتمر تكون نقطة انطلاق لقيادة المؤتمر بقيادة أحمد علي».
وأما بشأن العقوبات على نجل صالح، يقول المذحجي إن «الحديث عن العقوبات باكر. العقوبات هي نتيجة تفاهم سياسي بين كل الأطر ورفعها سيحتاج إلى هذا التفاهم، ناهيك كون الطرف الذي يمتلك الصفة القانونية للسحب للعقوبات هي الحكومة الشرعية بتوافق مع لجنة خبراء مراقبة تنفيذ العقوبات الذين يقررون مدى التزام الأطراف بتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2216، وبالتالي لا يوجد حتى الآن أي تفاهم سياسي شامل بما يشمل أحمد علي ورفع العقوبات عنه».