من أبوظبي لا من عدن، وبتوجيهات من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وليس الرئيس عبد ربه منصور هادي، أُعلن عن بدء الخطوات العملية لإعادة نشاط مطار الريان الدولي في المكلا، وتقديم منحة لمحافظة حضرموت بمئة مليون دولار. توجيه بن زايد، الذي تزامن مع زيارة محافظ حضرموت، سالمين فرج البحسني، إلى الإمارات، سبقته معلومات شبه موثقة تلقاها «العربي»، كشفت أن القوات الإماراتية التي تسيطر على المطار، وحولته إلى ثكنة عسكرية ومعتقل سري لأكثر من عام، باشرت سحب عناصرها ومعداتها إلى ميناء الضبة، والتهيئة لنقل المعتقلين إلى سجن المنورة المركزي بعد إعادة ترميمه.
مصادر مطلعة أكدت، لـ«العربي»، أن الإمارات قررت فعلياً فتح المطار منذ مدة طويلة، وأنه كان من المنتظر أن تعلن عن خطوتها المرتقبة أثناء زيارة رئيس الوزراء السابق، خالد محفوظ بحاح، إلى المكلا، قبل عدة أشهر، لكنها أجلتها بعد تحسن مستوى علاقتها برئيس وزراء حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، ورغبة منها بأن لا يظهر قرارها بأنه استجابة للضغوط الخارجية والحملات التي تُشنّ ضد تجاوزاتها بحق المعتقلين. لكن ثمة من يرى أن أبوظبي لم تكن لتبادر إلى إعلان تلك الخطوة لولا تلقيها مشورة من حقوقيين وخبراء دوليين نصحوها بالمسارعة في إغلاق معسكرها سيء الصيت في المطار، وتنظيف مكان الجريمة أو الجرائم التي اقترفتها داخل زنازينه بحق سجناء ومعتقلين، منهم من قتل تحت التعذيب ومنهم من خرج بعاهة مستديمة. 

فريق آخر يذهب إلى القول إن أبوظبي تحاول، من خلال تلك القرارات، امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد عليها، جراء منعها الصيادين من حرية الاصطياد في المياه الإقليمية، ومنعه من التحول إلى تظاهرات كانت على وشك الخروج ضدها، فضلاً عن ارتفاع الأصوات الداخلية المطالبة بفتح المطار، والرافضة لكل المبررات الواهية لاستمرار إغلاقه، والتي كان يمكن أن تستحيل تحركات شعبية ضد الإمارات.
أما الرأي الثالث فلا يستبعد أن تكون المبادرة الإماراتية مرتبطة بالانفتاح المستجد على حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، بعد اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زيد، بقيادات الصف الأول في الحزب (محمد اليدومي وعبد الوهاب الآنسي)؛ ذلك أن عدداً من المعتقلين في مطار الريان هم من كوادر وأعضاء «الإصلاح»، الذين سبق أن نظموا فعاليات في المكلا، وعلى مقربة من المطار، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين دون قيد أو شرط.
وفي مقابل الآراء التي ترى أن افتتاح المطار بات مسألة وقت، لاسيما بعد شيوع أنباء تحدثت عن بناء صالة خارجية جديدة لتأمينه من الهجمات الانتحارية، يبرز طرح مخالف كلياً، يذهب إلى توصيف الخطوة الإماراتية بـ«التكتيك الإعلامي المرحلي»، الرامي إلى تهدئة خواطر الحضارم، ودغدغة عواطفهم، وتعييشهم على أمل رؤية الطائرات تقلع من مدرج مطارهم المتواضع. ويؤكد أصحاب هذا الطرح أن الوعود الإماراتية اليوم لا تختلف عن سابقاتها التي أطلقت قبل أكثر من سنة، حينما أعلن محافظ حضرموت السابق، أحمد سعيد بن بريك، «بشرى توجيه ابن زايد بافتتاح المطار»، أي أن البالون نفسه الذي تمت فرقعته في هذا التوقيت من العام الماضي، وورّط بن بريك حينها في التصريح بأن المطار سيفتح أمام الرحلات المدنية مطلع يناير 2017، يتم إطلاقه اليوم، وما أشبه الليلة بالبارحة!
وبالنسبة للمنحة المالية الإماراتية المقدرة بمائة مليون دولار لدعم البنية التحتية في حضرموت، والتي تتضمن معالجة سريعة ونهائية لوضع الكهرباء في المحافظة، فيرى البعض أن السلطة المحلية غير قادرة على تحصيلها، مستشهدين على ذلك بما حصل مع إعلان البحسني عن صرف حكومة هادي حصة حضرموت من بيع النفط، إذ ثبت أن تلك الحصة لم تورد إلى خزينة البنك المركزي في المكلا، وأن الحديث عنها أُطلق إعلامياً لتجميل صورة رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، رداً على دعوات إقالته. وهكذا، تبدو السلطة المحلية في حضرموت، بالنسبة إلىة هؤلاء، مواظبة على تلميع وجوه قيادات «الشرعية» و«التحالف» لضمان الحفاظ على امتيازاتها لدى الطرفين.