تشهد مدينة تعز انفلاتا أمنيا غير مسبوق زادت وتيرته خلال الأسبوع الجاري بتنامي ظاهرتي الخطف والاغتيال، والمواجهات المسلحة التي نشبت بين عناصر «كتائب أبو العباس» ذراع الإمارات في تعز و«لواء الصعاليك»، المحسوب على حزب «الإصلاح» في اليمن.
توترات يراها مراقبون في مدينة تعز أنها صراع علني بين الفصيلين الأخواني والسلفي لفرض كل طرف قوته في المدينة والتي تدفع حسب الوقائع على الأرض ثمن صراع الفصيلين، خصوصاً في ظل المحاولات الإماراتية لاخضاع تعز في إطار «حزام أمني» موالي لها في المدينة، وهو ما لا يريده «الإصلاح»، لكن تواصل الصراع بين هذه الفصائل جعل الكثير يتخوف من تنامي الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» و «تنظيم الدولة».
حالة التوتر هذه على إثر الاشتباكات التي دارت بين «كتائب ابو العباس»، و«لواء الصعاليك» التابع لحزب «الإصلاح»، أمس وسط تعز، قال عنها العقيد محمد المحمودي، مدير أمن محافظة تعز، في حديث لـ «العربي»، أن «هذه الفصائل تدعي أنها ضمن الجيش الوطني وأن سلاحها ضد الحوثي للتحرير، وليس داخل المدينة، فاليوم نحن نلاحظ الدبابات والمدرعات والمدافع التي لم نراها في الجبهات، بل في أزقة المدينة ضد أبناء المدينة».
وأضاف أن «الأمن أضعف بكثير من أن يدخل هذه المعركة، فلا يمتلك لا دبابات ولا مدرعات ولا أطقم ولا تسليح ولا شيء»، مؤكداً على أنه «لا يمكن أن يستتب الأمن في مدينة تعز وهذه الفصائل تمتلك كل هذا السلاح الثقيل داخل المدينة، أي فصائل كانت، وبدون تسميات، جميع الفصائل، يجب أن تغادر المدينة والخروج إلى الجبهات، هذا إذا كان التحالف أعطانا السلاح فعلا للتحرير، مش للتدمير».
وفي السياق، أصدر لواء «الصعاليك»، اليوم الأحد، بياناً، نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك»، أوضح فيه أنه «سبق وأن هاجمت مجاميع أبي العباس المسلحة مواقع ومقرات افراد اللواء بغرض السيطرة عليها، وآثر أفرادنا التراجع حتى لا يرفعوا سلاحهم في وجه إخوانهم من أفراد المقاومة».
وأكد البيان أنه «قبل أسبوع تقريباً قامت مجموعة مسلحة تابعة لأبي العباس باختطاف إثنين من جنود الأمن من ضمن السرية المكلفة من قبل مدير الأمن بحماية مبنى الإدارة والسجن التابع للأمن، وقاموا بإيداعهم سجن الأمن السياسي بتهم كيدية ومارسوا بحقهم التعذيب والضرب المبرح، ورفضوا تسليمهم للسلطات المختصة أو لأي جهة محايدة، وكان هذا هو السبب الرئيسي والشرارة الأولى التي أدت إلى انفجار الوضع بالأمس».
وأشار إلى أن «عدد من أفراد الزملاء المختطفين أوقفوا طقم تابع لكتائب أبي العباس عند مبنى إدارة الأمن إلا أن قائد الطقم رفض التوقف وحاول الفرار مما أدى إلى اشتباك الطرفين». ودان البيان «مثل هذه الاعتداءات المتكررة التي تستهدف أفراد لواء الصعاليك، وتحاول الزج به في صراعات داخلية تشغله عن مهمته الأساسية في دفع وردع المعتدين»، محملا «قيادة الشرعية والجيش الوطني والسلطة المحلية في المحافظة، مسؤليتها حيال ذلك».
ودعا البيان، إلى «وضع حد لكل من يسيئ استخدام سلاح المقاومة والجيش ويسعى لؤاد مؤسسات الدولة ويستخدم مقراتها ومعالمها الأثرية كسلاح لاستهداف المدنيين وترويعهم».
وفي غضون ذاك، شكلت السلطة المحلية لجنة برئاسة وكيل المحافظة لشئون الدفاع والأمن اللواء الركن عبدالكريم الصبري، لإنهاء المواجهات المستمرة بين الطرفين.
وأكدت مصادر بالسلطة المحلية لـ «العربي» أن «اللجنة أبرمت اتفاقاً بين الطرفين يقضي بتسليم أفراد لواء الصعاليك المحتجزين لدى كتائب أبو العباس إلى قيادة الشرطة العسكرية، بالإضافة إلى تسليم الطقم التابع لكتائب أبو العباس من قبل أفراد إدارة الأمن مع إيقاف إطلاق النار من قبل الطرفين».
وعلى صعيد متصل، أعلنت اللجنة الأمنية بمدينة تعز في اجتماع طارئ لها أمس السبت، رفع مذكرة عاجلة لحكومة «الشرعية»، وقيادة دول «التحالف العربي» إزاء الاعتداء الذي طال إدارة البحث الجنائي وإدارة أمن المحافظة من قبل مجاميع مسلحة تابعة لكتائب «أبو العباس».
وقال بيان صحفي صادر عن «المركز الإعلامي» لقيادة محور تعز العسكري، إن المذكرة تضمنت «ضرورة إلزام جماعة أبو العباس بتسليم مبنى الأمن السياسي وقلعة القاهرة ونقطة الهنجر وضرورة تسليم الجماعة للمختطفين الذين بحوزتهم للجهات الرسمية، بالإضافة إلى تسليم كافة أنواع الأسلحة من الفصائل الخارجة عن قيادة المحور وكذا توقيف نشاط أي دعم خارج إطار الجهات الرسمية».
وأكد مراقبون، أن «ما يجري من أحداث واشتباكات متكررة في تعز يعبر عن انفلات أمني بين الأجهزة الامنية وفصائل المقاومة الشعبية، ويكشف العملية الفاشلة لدمج ما سمي بالمقاومة في الجيش»، اعتبروا أن السبب في تنامي مثل هذه الأحداث وارتفاع وتيرتها في الآونة الأخيرة يكمن في «إمتلاك هذه الفصائل للأسلحة الثقيلة».
وكانت المواجهات بين «كتائب أبو العباس» و«لواء الصعاليك»، قد تسببت في إغلاق شوارع تعز، وتوقف الحركة في المدينة.