كل ما يجري من حولك

من يُخرج آل سعود من وحول اليمن؟

386

يُتخذ قرار الحرب في الدول، عادةً، بعد استنفاد السبل السياسية والدبلوماسية في إطار التفاوض أو الحوار بين طرفين حول قضية خلافية.

فالحرب ليست غاية بحدّ ذاتها، بل هي الوسيلة الأخيرة لتحقيق أهداف سياسية، أو لتحسين شروط التفاوض…

أما في الحالتين الإسرائيلية والسعودية، فهي تبدو لفرض الاستسلام والهيمنة والاحتلال فقط.

جاءت إفادة مبعوث الأمم المتحدة السابق لليمن جمال بن عمر، أمام مجلس الامن لتؤكد مقولة إن النظام السعودي “يشنّ الحرب لأجل الحرب”، حين قال إن اليمنيين كانوا قد شارفوا على الانتهاء من صيغة توافقية نهائية للحكم في بلدهم من خلال الحوار، وإن من عطّل التوقيع في اللحظات الأخيرة هو السعودية.

وإذا كان من أولى بديهيات اتخاذ قرار الحرب، أن تضع القيادة العليا في البلاد استراتيجية عامة تتعاطى بموجبها مع الحرب، بناء لتقديرات مبنية على دراسة كل السيناريوات المفترضة، والردود الواجب القيام بها لكل فرضية، فإنه مع العدوان السعودي على اليمن لا يمكن لعاقل أن يصدّق أن “الصبية” الذين اتخذوا قرار شنّ العدوان يعلمون شيئاً من العلوم العسكرية البديهية التي تفرض بناء الخطط والخطط البديلة ومواجهة الفرضيات المحتملة.

وأهم دليل على ذلك نفاد بنك الأهداف من الأسبوع الأول للحرب واضطرارهم للاستعانة بالولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت عبر أكثر من مصدر في وزارتي الخارجية والدفاع أنها شريكة في العدوان من خلال تزويد السلطات السعودية بالأهداف والمعونة الاستخبارية واللوجستية، والتكفل بملء مخازن السلاح والذخيرة، بالإضافة إلى توفير الغطاء السياسي.

لقد أكدت التسريبات الدبلوماسية والصحافية، ولا سيما الغربية منها، ومنها كلام وزير الخارجية الأميركي السابق، كولن باول، أن السلطات السعودية عندما أبلغت الولايات المتحدة قرارها شن العدوان على اليمن أعطت لنفسها مهلة عشرة أيام لإنهاء المهمة وقطع رأس “أنصار الله”، والمدقق في صياغة أهداف العدوان يدرك بدقة أن القرار اتخذ بساعة حمق سياسي مستعجلة، شعر فيها آل سعود بإحباط من قدرة الشعب اليمني على التخلص من الهيمنة السعودية، التي عاناها على مدى عشرات السنين.

إن حرباً كالتي يشنّها آل سعود على اليمن كانت بحاجة إلى دراسة منظومات هائلة من المعلومات المتشعبة على كل الصعد، سواء الخاصة منها باليمن من النواحي التاريخية والعقائدية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، أو لجهة قدرات الجيش السعودي، خصوصاً القوات البرية منه، حيث أن التفوق الجوّي غير قادر على حسم المعارك، والتجارب كثيرة في هذا المضمار، أو لجهة اختبار العلاقات الإقليمية ومدى تأثير دولها في النزاع.

إن عرض المشاهد التلفزيونية للجيش السعودي المدجّج بأحدث أنواع السلاح، وهو يفرّ من مواقعه الحدودية أمام بعض مقاتلي القبائل اليمنية المسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة، يظهر مدى الإهانة التي أوقعت القيادة السعودية نفسها فيها، كما يكشف عن ضعف الانتماء الوطني أو الشعور بضرورة التضحية في حماية حدود الوطن لهذا الجيش. لقد تناوب على الانتشار والتموضع على الحدود مع اليمن كل من قوات حرس الحدود، القوات البرية وقوات الحرس الوطني.

و”الطريف” في هذا السياق هو الاضطرار للاستعانة بأي قوات برّية حليفة حتى ولو كانت من البحرين، حيث وصلت أمس إلى المواقع الحدودية وحدات من القوات البرية البحرينية، وانتشرت في مواقع عسكرية لمؤازرة القوات البرية السعودية.

لقد كشفت العمليات الحدودية عن حالات الاهتراء والترهل وعدم قدرة جيش آل سعود على المواجهة البرية، في مقابل قتال يمني شرس، مستند إلى واقع شعبي متماسك، ومترافق مع استعدادات كبيرة للصمود والتضحية. وهذا يظهر أن من خطط لهذه الحرب لا علاقة له بالاستراتيجيا، لأنه أهمل وضع استراتيجيا للخروج من المستنقع إذا غرقا فيه، وهو الحاصل اليوم، الأمر الذي يدركه الجانب الأميركي الآن، من دون أن يظهر بوضوح مسار الإدارة الأميركية، علماً أن التجارب تذكر بأن واشنطن لديها تاريخ حافل في الاستثمار شراءً وبيعاً من حصص الأصدقاء.

 

الأخبار اللبنانية: لقمان عبد الله

You might also like