تل أبيب تُقّر بأنّ المخفي أعظم في علاقاتها بالرياض.. السعوديّة “تكسر” عزلة إسرائيل الدوليّة
متابعات| رأي اليوم:
لم يكُن لافتًا بالمرّة الكرنفال الإعلاميّ الإسرائيليّ احتفاءً بالعلاقات (شبه) العلنيّة بين الدولة العربيّة والدولة العبريّة. وسائل الإعلام العبريّة انقضّت على المُقابلة التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامّة، الجنرال غادي آيزنكوط، لموقع (إيلاف) السعوديّ، مُشدّدّةً في الوقت عينه على أنّ الرسائل التي قام الجنرال بتمريرها كانت مُوجهةً لآذانً عربيّةٍ وبلغةٍ عربيّةٍ حتى يفهما المُواطن العاديّ من المُحيط إلى الخليج.
مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة العاشرة الإسرائيليّة، ألون بن دافيد، وهو أحد الأبناء المُدللين للمنظومة الأمنيّة في دولة الاحتلال، كشف النقاب عن أنّ الموقع السعوديّ قدّم الطلب لإجراء المُقابلة مع الجنرال آيزنكوط قبل فترةٍ طويلةٍ، وتابع قائلاً، نقلاً عن مصادره العسكريّة في هيئة الأركان، بأنّ هذا الأسبوع، تمّت المُوافقة على إجراء الحديث الصحافيّ، الذي وصفه بالتاريخيّ، ولكنّ المُحلّل الإسرائيليّ لم يُفصح لأسبابٍ لم يذكرها، لماذا اختار الجنرال آيزنكوط هذا الوقت بالذات لإجراء الحديث الصحافيّ.
علاوةً على ذلك، تابع المُحلّل قائلاً إنّه ليس مسموحًا لوسائل الإعلام العبريّة والأخرى بنشر تفاصيل العلاقات السريّة بين إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ مقّص الرقيب العسكريّ يعمل على مدار الساعة في هذه القضيّة، بحسب تعبيره.
واختار الإعلام العبريّ تتويج العلاقات بين الرياض وتل أبيب بلقب “الحلف غيرُ المكتوبً” عدوًا لإسرائيل، وأنّ الأخيرة لم تُحاربها البتّة، مُعتبرًا ذلك إشارةً واضحةً بأنّ الطريق للإعلان الرسميّ عن العلاقات العلنيّة بات وشيكًا، أو قاب قوسين وحتى أدنى.
القناة الثانية في التلفزيون العبريّ شدّدّت في “تحليلها” للحدث المفصليّ في تاريخ الدولة العبريّة، كما وصفته، شدّدّت على أنّ العلاقات السعوديّة-الإسرائيليّة ليست وليدة اليوم ولا أمس، إنمّا تعود جذورها إلى عقودٍ من الزمن، إذْ أنّه بحسب المصادر السياسيّة في تل أبيب، بدأت العلاقات بين الدولتين غُداة نجاح الثورة الإسلاميّة في إيران، وانتقال الأخيرة من معسكر الحلفاء لأمريكا وإسرائيل، إلى حلف الأعداء، كما أنّها باتت تُعلن على الملأ رغبتها في شطب الدولة العبريّة عن الخريطة، علمًا أنّ التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ صنّف الجمهوريّة الإسلاميّة في المكان الثاني من حيث أعداء إسرائيل، فيما واصل حزب الله تبوأ المكان الأوّل.
وفي السياق عينه، قالت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ إنّ هناك مصالح مشتركة بين الدولتين: وقف التغلغل الإيرانيّ في المنطقة، وعدم منح الشرعيّة لنظام الأسد في سوريّة، والتعاون المشترك مع أمريكا، ولكن مع ذلك، شدّدّت الدراسة، تساوق المصالح التكتيكيّة والإستراتيجيّة المذكورة بين السعودية وإسرائيل لا يُمكنه في الوقت الراهن الإعلان عن التوصّل لعلاقات دبلوماسيّةٍ كاملةٍ وعلنيّةٍ، بل إلى تعزيز التفاهمات السريّة بينهما ومواصلة التنسيق السريّ بين الرياض وتل أبيب.
وشدّدّت الدراسة على أنّه لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال التقليل من أهمية العلاقات السعوديّة الإسرائيليّة، خصوصًا في ظلّ عدم وجود اعتراف متبادل بينهما، ومواصلة التنسيق بينهما هي عامل يؤدّي إلى الاستقرار في المنطقة، ولكن مع ذلك، استبعدت الدراسة تحويل العلاقات بينهما إلى علنيّةٍ، لأنّ من شأن ذلك أنْ يُلحق الأضرار الجسيمة بالمملكة، مشدّدّةً على أنّ التقدّم الفعليّ في المسار الفلسطينيّ يؤدّي حتمًا إلى التعاون بين الرياض وتل أبيب لتطوير العلاقات بينهما وتقديم مبادرات جديدة، وحتى المساعدة الفعليّة في إقامة الدولة الفلسطينيّة والتوصّل إلى حلٍّ شاملٍ وعادلٍ مع جميع الدول العربيّة، على حدّ قول الدراسة.
إلى ذلك، تناولت صحيفة (معاريف) العبريّة العلاقات الإسرائيليّة-الخليجيّة، وقالت في تقريرٍ نشرته إنّ التطلع إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لم يكن بالمرّة بهذا القدر من الحافزية الذي هو عليه اليوم. ونقلت الصحيفة عن الخبير السعوديّ، باسم يوسف، تأكيده على أنّ رجال أعمال وشركات تجاريّة من الدولة العبريّة تنشط في دول الخليج منذ عدّة سنوات، مُشدّدًا على أنّه في معظم الأحيان، لا تُعرّف هذه الشركات نفسها بأنّها إسرائيليّة بوضوح، لكنّ الجميع يعرف حقيقتها.
أمّا بالنسبة للداخل الإسرائيليّ، فتُعتبر خطوة “تعزيز″ العلاقات بين الرياض وتل أبيب بمثابة طوق نجاة للدولة العبريّة التي أعلنت مرارًا وتكرارًا أنّ العزلة الدوليّة المفروضة عليها باتت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الغارق في التحقيقات بتهم الفساد، يقدر على تسويق هذا “الإنجاز″ للمُواطنين الإسرائيليين والزعم بأنّ ما يُطلق عليها في تل أبيب قائدة العالم السُنيّ، باتت حليفةً لإسرائيل، الأمر الذي بحسب المُراقبين في إسرائيل، سيُساعده كثيرًا في حال إجراء انتخاباتٍ جديدةٍ.