نبوءة فرانكشتاين تتحقق.. نجاح أول عملية زراعة رأس بشرية في التاريخ!
متابعات| شفقنا:
فريق من العلماء في إجراء عملية نقل رأس لجثة بشرية. وبحسب الفريق، فإن التقنيات التي يحتاجها لإجراء نفس العملية على شخص حي، أصبحت متاحة. وكان قائد الفريق، «سيرجيو كانافيرو»، رئيس مجموعة تورينو لتعديل العمليات العصبية المتقدمة؛ قد أثار ضجة كبيرة في الأوساط العلمية في الفترات الأخيرة؛ عندما أعلن نيته إجراء هذه العملية التي تعتبر ثورية في التاريخ البشري.
وقال كانافيرو لوسائل الإعلام: «عملية الزراعة الناجحة على الجثة تبيِّن أن التقنيات الطبية الحديثة التي تم تطويرها لإعادة ربط العمود الفقري، والأعصاب، والأوعية الدموية، ستسمح للجثة بالتعايش مع الرأس بشكلٍ طبيعيّ». وبشأن التحدِّي الذي أطلقه كانافيرو حول الوقت الذي تتطلبه العملية، يقول: «يبدو أيضًا أن العملية يمكن أن تتم في 18 ساعة كما هو مخطط».
الخطوة التالية: زراعة رأس لمريض حي!
وبحسب كانافيرو، فإن هذه الخطوة، التي نجح فريقه في تحقيقها، هي الخطوة الأخيرة في طريق زراعة رأس لحالة طبية بشكل رسمي، وهو الأمر الذي يعتبره كانافيرو وشيكًا. وكان الكثير من الانتقادات قد وجه للخطط التي أعلنها كانافيرو في عام 2015، والتي قورن فيها بـ«فرانكشتاين» بعد أن أطلق قنبلته غير الاعتيادية بتنفيذ العملية في غضون عامين.
وتطوَّع عالم أنظمة الحاسوب الروسي، «فاليري سبريدينوف» بأن يكون أول حالة تُجرى عليها العملية الخاصة بنقل الرأس، ويعاني فاليري من مرض هزال العضلات. يؤكد كانافيرو أنه حقق نجاحًا كبيرًا في تجاربه الابتدائية التي أجراها على الفئران، وكذلك على قرد.
بسؤاله عن الأوراق العلمية التي اعتمدها فريقه للقيام بهذا النوع من العمليات، قال كانافيرو، خلال مؤتمره الصحافي، إن الأوراق العلمية التي أعدَّها سوف تطرح للنقاش العلمي خلال الأيام القادمة. وتحتوي هذه الأوراق على كل التفاصيل التي تمت في العملية، والنتائج الطبية التي توصل إليها، وكذلك تفاصيل العملية التي ينوي إجراءها على أول حالة طبية على قيد الحياة.
تجارب كانافيرو على الحيوانات
يعتمد كانافيرو بشكل رئيس في فكرته وإمكانية تنفيذها على مريضٍ بشريّ على التجارب التي أجراها على الحيوانات. إحدى تلك التجارب تمثَّلت في قطع ثم إعادة توصيل الحبل الشوكي لكلب.كذلك، نشر كتابًا يوضح فيه التقنيات التي استخدمها في خلق مجموعة من القوارض ذات الرأسين. بحسب التقارير، فإن هذه القوارض ذات الرأسين عاشت لـ36 ساعة بعد إجراء العملية.
كان الهدف الأهم في هذه التجارب هو اختبار التدفق (الاتصال) العصبي عندما يتوقف الدم عن الوصول للدماغ، أما النجاة والبقاء على قيد الحياة لفترات طويلة، فلم تكن من أولويات التجربة. استخدم الفريق في إحدى التجارب ثلاث فئران لأداء الأدوار الأساسية في التجربة: فأر صغير مانح للرأس، وفأران كبيران، أحدهما مستقبل للرأس، والآخر مزود لتدفق الدم.
لضمان تدفق الدم لدماغ الفأر المانح، قام الفريق بربط الأوعية الدموية للفأر مانح التدفق الدموي، بأوردة الفأر الثالث باستخدام أنبوب من السيليكون، والتي تم تمريرها خلال مضخة لتساعد على استمرار، والتحكم في تدفق الدم أثناء العملية. عندما تم نقل الرأس إلى جسد الفأر المستقبل، استخدم الفريق تقنية «ترقيع الأوعية الدموية» لربط الشريان الأورطي الصدري للمانح والوريد الأجوف العلوي بالشريان السباتي والأوردة – الخارجة عن الجسم – للفأر المتلقي.
وفقًا للفريق، لم تكن هناك أية إصابات لنسيج دماغ الفأر المانح كنتيجة لفقد الدماء أثناء التجربة. بعد التجربة كانت رأس الفأر المانح لا تزال قادرة على أن ترمش، وتشعر بالألم.
زراعة رأس فأر، لتكون الرأس الثانية لفأر مستقبل، وتعمل بشكل طبيعي. المصدر: بيزنيس إنسايدر
يؤمن كانافيرو بأن هذه التجارب التي قام بها، تعتبر دليلًا كافيًا على اكتشاف فريقه لما يمكن تسميته التقنية السحرية في بحوث الحبل الشوكي، وهي آلية الاندماج. يقول كانافيرو إنه يمتلك كمًا كبيرًا من البيانات التي تؤكد نجاح هذه التقنية مع الفئران، والقوارض الصغيرة، وقريبًا في يوليو (تموز) مع الكلاب. في المقابل، يرى البروفيسور «جون بيكارد» أستاذ علم جراحة الأعصاب بجامعة كامبريدج، أن هذه المزاعم حول إعادة تركيب حبلين شوكيين لا تحظى بالمصداقية. كذلك عقب جون على المجلة العلمية التي اختارها كانافيرو لنشر أبحاثه، ويعتبرها جون ليست من المجلات ذات المصداقية الكبيرة.
موقف المجتمع العلمي من التجربة: حذر ورفض
واجه المجتمع العلمي الإجراءات التي استخدمها كانافيرو بالكثير من الترقب والرفض والحذر؛ فرفضت المجتمعات العلمية في الولايات المتحدة وأوروبا استضافة العملية والترحيب بنقدها للوصول للخطوات التي يمكن أن تساعد في التقليل من وقت العملية المتوقع. وفسَّر كانافيرو هذا الرفض بأن المجتمع العلمي في أوروبا وأمريكا «لم يفهم» الإجراءات التي ينوي كانافيرو تنفيذها.
يرى الكثير من العلماء أن العملية التي يريد كانافيرو إجراءها صعبة للغاية. حتى لو استطاع الجرَّاح الإيطالي الوصول لمبتغاه ونجح في إجراء العملية، فإن مشاكله سوف تبدأ في الظهور. يعتقد بعض الأطباء أن حوارًا لا يخص الإجراءات العلمية يجب أن يتم، حتى لو نجحت العملية.يجب أن نناقش السؤال الأساسي: هل يجب أن نقوم بذلك أم لا؟
الأخلاقيون وأسئلة ما قبل مناقشة التفاصيل التقنية
تقول الدكتورة «آسيا باسكاليف» المتخصصة في مناقشة الجوانب الأخلاقية بمجال الطب الحيوي، في جامعة هاوارد بواشنطن، إن: «هناك الكثير من المخاطر في هذه اللحظة، يجب علينا مناقشتها. نحن لا نمتلك البيانات الكافية لتجارب الحيوانات، التي نُشرت، وتمت مراجعتها من قبل علماء آخرين لاختبار فرضياتها، خصوصًا تلك البيانات المتعلقة بعملية النقل، والاعتلالات التي أصابت الحيوانات التي أجريت عليها التجربة». تؤمن آسيا أن هذه النوعية من الإجراءات المعقدة والرائدة، يجب أن تقابل بالاعتراضات والتشكك.
الجراح الإيطالي سيرجيو كانافيرو
تضيف آسيا: «أول عملية زراعة قلب، وأول عملية زراعة يد، وعملية زراعة الوجه، كلها قوبلت بتحفظات جادة من العلماء. هناك أيضًا مخاوف تنظيمية. الصين ليس لديها نفس المعايير والمتطلبات الطبية التي تمتلكها الولايات المتحدة وأوروبا». ترى آسيا أن هناك الكثير من الأسئلة الكبرى، والتي لم يتم الإجابة عنها، منها المتعلقة بالجسد المستقبِل حال نجحت العملية، كذلك السؤال عن أهليته للحصول على الحقوق القانونية تجاه الأطفال الذين يتم إنتاجهم بواسطة الجسد الجديد. وفقًا لهذه الرؤية، تكون وجهات النظر التي ترى هذا الإجراء مجرد عملية جراحية يتم فيها نقل رأس إلى جسد جديد، مليئة بالقصور والسطحية.
انتقادات تقنية لأعمال كانافيرو
كان من بين المعترضين كذلك على إجراء العملية، البروفيسور «جيمس جيوردانو» أستاذ الطب وعلوم الأعصاب في جامعة جورج تاون بواشنطن. وأكد جيمس كذلك، أنه لم يتم إجراء أية دراسة صارمة لتدعيم الإجراءات التي ينوي كنافيرو القيام بها، والتي تحمل في مضمونها العديد من المخاطر. وقال جيمس: «ربما يكون من الأفضل للمرضى، لو ركَّز كانافيرو جهوده على إعادة بناء العمود الفقري، وليس عملية الزرع»، ومع ذلك قدَّم جيمس جزيل الشكر لكانافيرو على أعماله، وأفكاره الرائدة في مجال الطب والجراحة.
من جانبه، رفض كانافيرو هذه الانتقادات التي واجهها، ويعتقد كانافيرو أن المجتمع العلمي الغربي يجب أن يتوقف عن فكرة الوصاية التي يفرضها على بقية المجتمعات العلمية في العالم. وأكد كانافيرو أن قبول الصين لاستضافة إجراءات العملية، هو تطبيق لرغبتها الكبيرة في الاستبدال بالولايات المتحدة الأمريكية كقائدة للعالم في جميع المجالات.
يشترك بعض العلماء، الذين لا يتبعون الفلسفة الأخلاقية في أن مثل هذا الإجراء الصعب يجب أن تتم دراسته بشكل أوسع مما هو عليه الآن، وذلك قبل إجرائه. ومع ذلك، هناك الكثير من العلماء يعترفون بأن هذا الإجراء هو ثورة حقيقية في علم الجراحة لا يجب قمعها. لا شك أن العملية تحتوي على الكثير من المخاطر، واحتمالات كبيرة للفشل، لكنهم في المقابل يدركون أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتحقق من إمكانية تنفيذ أي أفكار ثورية من شأنها أن تغير علم الجراحة عما نعرفه الآن.
هل يرى كانافيرو فرانكشتاين مصدر إلهام؟
كما في كتاب فرانكشتاين الذي تقوم فيه الشخصية الخيالية، الدكتور فيكتور فرانكشتاين، باكتشاف الطريقة التي يمنح بها الحياة للمادة غير الحية؛ فإن كانافيرو، من خلال عمليته، ينوي خداع حالة الموت. ويهدف الطبيب الإيطالي إلى المستقبل الذي يكون فيه إمكانية زراعة جسد كامل أمرًا ممكنًا للمرضى، عندما تتوقف حيواتهم على مثل هذا الإجراء. حينها سيعيشون لفترات أطول، وسيتغلبون على الموت الحتمي لأول مرة في التاريخ.
لم تكن الفكرة في ذاتها هي التأثُّر الوحيد لكانافيرو بشخصية فرانكشتاين الخيالية، كذلك الآلية التي سيستخدمها الفريق من أجل إعادة الحياة إلى الجسد والرأس معًا، وينوي كانافيرو استخدام «الكهرباء» للقيام بهذه المهمة على طريقة فرانكشتاين. يدرك كانافيرو، تمام الإدراك أنه يقوم بتجرية حقيقية، سيصل فيها المريض لحالة الموت التامة بحسب وصفه. يقول كانافيرو: «الكهرباء لديها القدرة على التسريع من عملية إعادة النمو»، بالرغم من أنه لم يشرح بشكل مفصل دور الكهرباء في العملية، وكذلك التفاصيل التقنية التي ستجعله ينجح في ذلك.
يعتبر استخدام الذبذبات الكهربية القصيرة في المعمل لتحفيز الألياف لإعادة الاندماج، من الإجراءات الطبية المعروفة. في المقابل سيكون استخدام نفس التقنية من أجل زراعة رأس بشكل كامل محل تشكك، وقفزة مفرطة في تفاؤلها بحسب الدكتور «جيمس فيتزجيرالد»الاستشاري في علم جراحة الأعصاب بجامعة أوكسفورد.