كل ما يجري من حولك

«الأحد الأسود» يثير اتهامات متضادة: من يتحمل مسؤولية الدماء؟

618

متابعات| العربي:

أثار الهجوم الدموي الذي نفذه، أمس، مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية» على مبنى البحث الجنائي في مديرية خورمكسر بمدينة عدن، وأدى إلى سقوط أكثر من ثلاثين قتيلاً وأربعين جريحاً، قراءات متفاوتة في الوسطين السياسي والإعلامي الجنوبي. واختلفت الآراء في من يتحمل مسؤولية تمكن العناصر الإرهابية من اقتحام المبنى بثلاث سيارات محملة بعشرات المقاتلين المدججين بالسلاح. بعضها ألقى باللوم على الحكومة «الشرعية»، فيما حمل بعضها الآخر التشكيلات الأمنية التي تدعمها الإمارات مسؤولية التقصير في اتخاذ إجراءات أمنية احترازية من أجل إحباط العملية قبل وقوعها.
حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي سارعت، عقب اليوم الدامي، إلى تسريب برقية صادرة عن مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فحواها تعميم إلى كل الدوائر العسكرية والأمنية في عدن بتشديد الحراسات، بعد توافر معلومات عن احتمال وقوع اعتداء بسيارات مفخخة في المدينة. تسريب وصفته أطراف مؤيدة لـ«الانتقالي» بـ«المفبرك»، قائلة إن هكذا برقية لم تصل إلى إدارة أمن عدن، فيما لم تؤكد الأخيرة ولم تنفِ، بشكل رسمي، وصول هذه البرقية إليها.
واعتبر الصحافي، فتحي بن لزرق، في منشور على صفحته في «فيس بوك»، أن «المصيبة ليست في وقوع الهجوم الانتحاري، المصيبة أن القائمين على الجهاز وكافة المؤسسات الأمنية كان لديهم علم كامل بالهجوم وطريقته وأسلوبه وحتى توقيته، وهنا الكارثة التي نقف أمامها مذهولين كل الانذهال». وأضاف: «ماذا سيقول البسطاء حينما يعلمون أن دائرة الاستخبارات العسكرية بصفتها دائرة استخباراتية أصدرت بلاغاً عاجلاً حذرت فيه كل المؤسسات الأمنية بعدن، وعلى رأسها إدارة أمن عدن، من وقوع هجوم انتحاري وشيك، وكان ذلك بتاريخ 23 أكتوبر، وكررت التحذير مرة أخرى قبل 4 أيام من الهجوم».
لكن صحافيين آخرين تساءلوا كيف لبرقية عسكرية أمنية أن تُسرّب إلى الصحافة ولا تصل إلى المؤسسات الأمنية، وشككوا في مصداقيتها. وفي هذا الإطار، كتب الصحافي، أمين قنان، قائلاً: «إيش يثبت أن هذا التحذير أرسل إلى إدارة أمن عدن، خصوصاً وأنه لا يحتوي على مرجع استلام موقع عليه من إدارة أمن عدن»، متابعاً: «الحقيقة أن هذا التحذير من قيادة العمليات المقيمة في الرياض تم تحريره أمس في غرفة فندق بمكتب رئاسة الجمهورية، وتم إرساله إلى إعلاميين موالين لبن دغر بقصد التهويل على إدارة أمن عدن فقط لا غير».
ورأى الإعلامي، صلاح بن لغبر، بدوره، أن البرقية «موضع شك»، متسائلاً: «ألا يدل علم هذه الجهة بكل تفاصيل العملية – إن صحت الورقة – أنها تعلم بباقي التفاصيل مثل توقيت العملية ومكانها ومنفذيها». وزاد: «يعني اللي بلغ بكل هذا التفاصيل، معقول يكون نسي يبلغ بمكان التحضير ووقت العملية والمنفذين».

وعلى الرغم من اختلاف القراءات والتحليلات، إلا أن جميعها يتفق على أن جهة لها نفوذها في مدينة عدن متورطة في الاعتداء. وهو ما عبر عنه السياسي اليمني والسفير في لندن، ياسين سعيد نعمان، الذي وصف العملية بأنها «إرهاب بالمقاولة»، لافتاً إلى أن «ما حدث يوم أمس في عدن يثير كثيراً من الأسئلة حول القوى التي تقف وراء هذه الأحداث، وما إذا كانت تعمل ضمن رؤيا سياسية في إطار معادلة الصراع السياسي الذي يجتاح اليمن بأكمله، أم أنها تقتحم هذا الصراع بمشروعها الخاص كقوة إرهابية مستفيدة من تداعيات الحرب».
وخلال السنوات الثلاث الماضية، نفذت الجماعات الإرهابية العديد من العمليات في مدن جنوبية. وأثارت تلك العمليات تساؤلات عن الجهات التي تقف خلف المنفذين. ففي أواخر مارس الماضي، نفذ العشرات هجوماً مسلحاً استهدف مقر محافظة لحج في الحوطة. وطالب عقبه قائد
«الحزام الأمني» في لحج، هدار الشوطحي، بتشكيل لجنة للتحقيق، وتساءل: «كيف تم سحب العناصر الإرهابية من لحج قبل شهر وهم متورطون في عمليات اغتيالات بالمدينة، وتم تدريبهم وتجهيزهم في المخا وباب المندب، وعادوا لينفذوا العملية في المحافظة التي انطلقوا منها، محملين بصواريخ لو الحرارية وأحزمة ناسفة».
وأبدت قيادات في «المقاومة»، مراراً، استغرابها من قيام «التحالف» بإطلاق سراح قيادات في تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» من سجونه. وفي حديث سابق لنائب مدير أمن عدن، علي الذيب (أبو مشعل)، كشف أنه «اعتقل قيادات وعناصر متورطة في اغتيالات، وسلمها للتحالف، وتفاجأ بإطلاق سراحهم»، فيما أكد القيادي في «المقاومة»، الشيخ هاني اليزيدي، هو الآخر، أن «التحالف» أفرج عن «قيادات لداعش، وسجن أبرياء».
ويرى مراقبون أن الفشل في كشف العملية قبل وقوعها على الرغم من حالة الاستنفار السائدة في عدن، وعلى الرغم كذلك من إطلاق «التحالف» والقوات الموالية له غير عملية ضد التنظيمات الإرهابية في المحافظات المجاورة لعدن، إنما هو نتيجة لتعدد الأجهزة والمليشيات المسلحة المدعومة من دولة الإمارات من جهة وتلك المدعومة من الحكومة «الشرعية» ومن السعودية من جهة أخرى، إضافة إلى الفساد والتلاعب بالمخصصات وبيع السلاح. وبحسب معلومات لـ«العربي»، فإن عدد المسجلين ضمن قوات حماية إدارة البحث يبلغ أكثر من ستة مائة عنصر، فيما العدد الحقيقي لا يتجاوز ستين عنصراً.

You might also like