تفاصيل اليوم الأمني الطويل في عدن
وبدأ الهجوم عند الساعة الثامنة والربع صباحاً، حين أقدم انتحاري يقود سيارة مفخخة على تفجير نفسه أمام البوابة الخارجية للمعسكر، والذي يضم، بالإضافة إلى مباني البحث الجنائي، سجنين يُحتجز فيهما أكثر من 350 سجيناً، بالإضافة إلى إدارة مكافحة المخدرات، ومبنى الأدلة الجنائية، ومرافق خدمية أخرى تابعة لأمن عدن. وأدى انفجار السيارة إلى مقتل حارسَين من البحث، بالإضافة إلى سائق السيارة المفخخة.
بعد ذلك بدقائق، قَدِمت ثلاث سيارات، اثنتان منها من نوع «تويوتا»، وعلى متنهما أكثر من 12 مسلحاً بلباس عسكري وأسلحة وذخائر متنوعة بينها قاذفات «أر بي جي» ومتفجرات وأسلحة رشاشة، لتدور بين المهاجمين ورجال الأمن معركة وسط ساحة المعسكر المحاط بالأبنية، استمرت لأكثر من 7 دقائق، واحتمى خلالها المهاجمون بمبنى يحوي مكاتب إدارة البحث وغرفة العمليات ومكتب مدير البحث الجنائي. وقتل في هذه الجولة مدير مكتب إدارة البحث الجنائي ومشرفة أقسام البحث، واحتجز المهاجمون جميع العمال المتواجدين داخل المبنى، بمن فيهم ضباط البحث ومشرفة أقسام البحث الجنائي وعمال النظافة.
وأمام واقعة احتجاز الرهائن، انسحبت قوات الأمن إلى خارج المبنى، وفرضت طوقاً أمنياً حوله، وأغلقت جميع المنافذ والطرقات المؤدية إلى معسكر طارق الذي يتواجد داخله مقر البحث الجنائي. وحاولت وحدات من عناصر الأمن والقوات الخاصة الدخول إلى المبنى المكون من دورين، لكن العناصر المسلحين التي كانوا قد تحصنوا داخله أطلقوا قذائف «أر بي جي» ووابلاً من الرصاص الكثيف، أجبر القوات المقتحمة للمبنى على التراجع بعد سقوط عدد من القتلى والجرحى.
واستخدم المهاجمون الرهائن كدروع بشرية. ولدى محاولة القوات المدافِعة التقدم، فجّر أحد الانتحاريين نفسه، ما أسفر عن مقتل عقيد وعدد من عناصر الأمن. وقال مصدر أمني إن «المهاجمين تركوا سيارة ثالثة مفخخة بكميات كبيرة من الألغام والمتفجرات بالقرب من بوابة البحث الجنائي الخارجية، بغرض تفجيرها لاحقاً بجموع القوات التي يُفترض أنها ستتجمع أمام البوابة». وأضاف أن «عناصر الأمن تمكنوا من فصل أسلاك كانت مربوطة ببطاريات وجهاز تفجير عن بعد، وتفكيك السيارة الملغمة».
واشتركت في عملية اقتحام مبنى البحث الجنائي عدة تشكيلات أمنية وعسكرية من التشكيلات المتكاثرة في مدينة عدن. من بينها شرطة عدن التي يقودها اللواء شلال شائع، والقوات الخاصة التي يقودها العميد ناصر سريع العنبوري، وقوات من «المقاومة» يقودها كل من علي الذيب، وأبو مشعل الكازمي، وعادل الحالمي، إضافة إلى قوات التدخل السريع التي يقودها منير اليافعي (أبو اليمامة).
وجهّز مسلحو التنظيم أربعة انتحاريين، ودفعوا بهم نحو القوات المتقدمة من أجل صدها عن اقتحام المبنى. وقال الكازمي، في تصريح لوسائل إعلام محلية مساء اليوم، إنه «ومعه عدد من قيادات المقاومة الجنوبية والأمن يفرضون حصاراً محكماً على العناصر الإرهابية التي ما تزال تتحصن ببعض البنايات داخل إدارة البحث الجنائي، وخصوصاً مكاتب العميد القملي»، مؤكداً أن قواته «اقتحمت المكان، والآن باقي انتحاري داخل مكاتب القملي نتعامل معه بينما هناك قوات من أفراد الأمن متواجدة في جبل حديد».
وأشار الكازمي إلى «أنهم في مبنى السجن الذي خلف مكاتب القملي، ومعهم القائد عادل الحالمي، وعبد الرحمن عسكر، وكل قادة المقاومة وبحوزتنا مدرعات، وهي الآن تحاول الدخول، وكلما دخلنا مكاناً خرج لنا انتحاري، وهناك انتحاري فجر نفسه واستشهد عقيد وثلاثة جنود، ولايزال هناك انتحاري داخل مكاتب القملي. أما الرهائن فلم نستطع إخراجهم حتى الآن».
وقبيل مشارفة عملية «تطهير» المبنى من مسلحي تنظيم «الدولة» على انتهائها، شوهد طيران الـ«أباتشي» الإماراتي يحلق فوق المبنى، دون أن يشارك في العملية.