دروس الجنوب.. لا كهرباء.. لا مشتقات
متابعات | كتابات | علي أحمد جاحز
شاهدنا صوراً وفيديو ، دخان الإطارات المشتعلة في شوارع عدن والعشرات من الجنوبيين خرجوا محتجين على انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية ، انتهى المشهد .
مالذي يمكن أن نقرأه في هذا المشهد ؟
ولكي نقرأه بشكل سليم وعميق ، لابد أن نضع بين هلالين ( انقطاع الكهرباء – ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ) بعد مرور أكثر من عامين ونصف على ما يسمونه تحرير الجنوب وعودتها إلى أحضان ما يسمونها الشرعية.
طيب .. وماذا يعني هذا بمعاييرهم ومنطقهم ؟
هذا يعني أنهم خرجوا من تحت سيطرة ما يسمونه الانقلاب وأصبحوا تحت رعاية ما يسمونها السلطة الشرعية المعترف بها دوليا والتي تمتلك الموارد والبنك المركزي وكل العالم يدعمها .
وماذا أيضاً ؟
ويعني أنهم خرجوا من دائرة أهداف العدوان والحصار ، وأصبحت مطاراتهم ومنافذهم مفتوحة بلا قيود ولا رقابة لا على صادرات ولا على واردات ، وشواطئهم تستقبل السفن والبضائع والبنك المركزي تحت سيطرتهم ولامشاكل تتعلق بالاعتمادات ولا بسلاسة التعاملات مع الخارج .
طيب .. وأين المشكلة كلنا نعاني من مشكلة الكهرباء والمشتقات ؟
طبعا ، يفترض أن ما يسمونها الشرعية تمتلك السيطرة على محطة مارب الغازية .. لنستبعد موضوع المحطة الغازية .. ولكن يفترض في الوضع الطبيعي أن تلك المناطق التي يسمونها محررة وتحت الشرعية ، قد تجاوزت موضوع الكهرباء والمشتقات ، وهذا لن يكون مكلفا على ما يسمونها الحكومة الشرعية المدعومة بتحالف عريض طويل ، أما الدول التي تباهي بأنها ترعى الشرعية فان كلفة مولدات كهرباء وسفن مشتقات نفطية لا تمثل شيئا يذكر في سياق تكاليف عدوانهم الكبير الطويل الذي عمره أكثر من عامين ونصف .
إذن .. لماذا لا كهرباء ولا مشتقات في تلك المناطق مادام الأمر بهذه الصورة ؟
في الواقع ، نستطيع أن نقول بكل ثقة أن وضعنا خاصة في ما يخص الكهرباء والمشتقات أفضل من وضعهم بكثير، وان كانت الأزمة ثقيلة جدا علينا لكننا هنا تمكنا من ترتيب أوضاعنا واستطعنا أن نبحث عن حلول تخفف وطأة المأساة ، ولكن لا مقارنة ، نحن نتعرض لحصار كوني وعدوان ولا بنك مركزي ولا دعم دولي ولا منافذ ولا رعاية إقليمية ولا فلوس ، وبرغم كل ذلك يبقى وضعنا امنيا ومعيشيا أفضل من وضع أخوتنا في الجنوب بكثير .
لكي نفهم أكثر لابد أن نعرف .. ما السبب إذن ؟
السبب هو أننا نمتلك قرارنا ولا يد خارجية ولا احتلال يعبث بقرارنا ويتحكم في مصائرنا وحياتنا ولذلك استطعنا أن نشكل سلطة وطنية تدبر أمورنا ولو بشكل جزئي وبإمكانات بسيطة ، وأيضا نمتلك وعيا شعبيا عاليا بأهمية البحث عن البدائل ومساعدة السلطات في ضبط الوضع امنيا واقتصاديا .
بخلاف ما يجري في الجنوب .. أخوتنا الجنوبيون سلموا بلدهم وقرارهم وسيادتهم ومصائرهم وحياتهم لاحتلال لايريد وليس ضمن أجنداته أن يرعى شئونهم ولا أن يخفف معاناتهم ، فهو ينفق مليارات الدولارات لأجل تأزيم وتفتيت وإرباك الوضع في اليمن بكله ولا يمكن أن يصرف مليون دولار على سبيل المثال لتأمين الكهرباء .
يجب أن نفهم ونعي ويفهم ويعي أخوتنا في الجنوب أن الاحتلال مصيبة وهو أم المشكلات وسبب الكارثة التي تتفاقم يوميا في الجنوب ، وانه يريد أن يعمم الواقع الذي في الجنوب على كل اليمن لكنه لم ولن يتمكن لأن هناك شعب يتعلم الدروس ويجسد الرفض والإباء والوعي كل يوم ولن يسمح بأن يُستعبد أو يُهان .
وسوف ننتصر بإذن الله .