كل ما يجري من حولك

الأهداف الخفية للعدوان على اليمن تتكشف في التوغل السعودي في حضرموت

1٬755

 النظام السعودي يقتطع حوالي 42.000 كم مربع من الأراضي اليمنية في حضرموت

رفض سكان قرية الخراخير التنازل عن هويتهم اليمنية فهجّرهم النظام السعودي ونكّل بهم أبشع تنكيل

 شركة أرامكو تنفذ أعمال حفر واستكشافات نفطية ومد للأنابيب داخل الأراضي اليمنية

سكان المنطقة: لم يتبق للنظام السعودي سوى بضعة كيلومترات لتحقيق حلمه في منفذ على بحر العرب

 

يوماً بعد يوم، تتكشف الأهدافُ الخفية لدول العدوان على اليمن. فبعد أن احتل العدو الإماراتي جزر أرخبيل سقطرى وميون، إذ كشف موقع “العربي”، أن النظام السعودي ابتلع حوالي 42.000كم مربع من الأراضي اليمنية في محافظة حضرموت، خلال العدوان الذي بدأ في مارس 2015م. حيث عمل النظام السعودي على تطويق المنطقة ومنع الاقتراب منها بعد استحداث نقاط جديدة لحرس الحدود ونقل اليها مئات العمال الذين يعملون ليل نهار من خلال جرافات وشاحنات نقل ثقيلة.

وأفاد العربي أن النظامَ السعودي عمل على طمس معسكر الخراخير، كما سمته الرياض في صحراء الربع الخالي، والذي كان الحد الفاصل بين اليمن والسعودية وفق معاهدة جدة عام 2000م كما تم اقتلاع أعمدة الإسمنت التي وُضعت كعلامات حدودية بين اليمن والمملكة في الصحراء جوار معسكر الخراخير في محافظة حضرموت، ونقلها مسافة 700 كم إلى مثلث الشيبة على حدود عمان؛ لتقوم بغرسها ثانية داخل محافظة حضرموت بعمق 60 كم من العلامات الحدودية السابقة، مقتطعة بذلك 42.000 كم مربع من الأراضي اليمنية.

مغتربون يمنيون قال موقع العربي إنه يحتفظ بأسمائهم عملوا إلى ما قبل شهرين كسائقي شاحنات وجرافات مع الشركات السعودية، التي تنفذ مشروع النظام التوسعي في الأراضي اليمنية بحضرموت، أفصحوا عما يحدث هناك من قبل سلطات النظام السعودي.

 

الخراخير فقط الباقية

شاحنات تتقاطر من غرب نجران محملةً بالخرسانة لاستحداث طريق في شمال محافظة حضرموت بطول 700 كم، بعدما تركت السلطات السعودية رمال صحراء الربع الخالي تزحف على الطريق الإسفلتي السابق حتى طمرته، وقامت بتوزيع عشرات الجرافات على امتداد الطريق الجديد لمواجهة زحف الرمال.

وبحسب المغتربين الذين عملوا هناك، لم يتبقَّ للسلطات السعودية حتى تُخفي معالَمَ جريمتها في نهب الأراضي اليمنية سوى قرية الخراخير التي تنتصِبُ مساكنُها في قلب الصحراء، ويقطنها أكثر من 6 آلاف يمني يتحدثون اللغة المهرية، وينتمون لعشائر المنهالي والعوامر والمهري. ويتعرض سكان قرية الخراخير، كما هي تسميتها اليمنية، لأبشع صنوف التعذيب والتنكيل والتهجير.

وَمنعت السلطات السعودية سكان قرية الخراخير من بناء مساكنَ جديدة، وعرضت عليهم التنازل عن مساكنهم القائمة مقابل مبالغ مغرية، والانتقال إلى منازل بديلة تم تجهيزها لهم كمدينة سكنية في منطقة الشقق بداخل نجران، على بعد 120 كم من القرية الحالية.

فرفض الكثير منهم التنازل عن منازلهم وقريتهم فلجأت السلطات السعودية القمعية لهدم مدارس الخراخير الثلاث، وحرمت أطفالهم من التعليم، ومن سبق له الالتحاق بالمدارس عليه الذهاب إلى شرورة على مسافة 501 كم غرب قريتهم، وهناك يحظر على المعلمين التحدث بلغتهم المهرية حتى فيما بينهم، ويطلب منهم التحدث بلهجة النظام السعودي لغة التعليم في المملكة.

لم تفلح ممارسات التعسف في طمس هُوية الخراخير اليمنية، التي تظل العلامة الأبرز للحد الفاصل بين اليمن والمملكة، وسط رمال الصحراء المتحَـرّكة ووفق معاهدة جدة، ليصدر في مطلع العام 2015م أمر ملكي انحصر تداوله في نجران وبعض الصحف المحلية، وقضى بـ “إلغاء محافظة الخرخير، ونقل تبعية المراكز التابعة لها إلى مواقع أخرى بمنطقة نجران”.

 

تهجير بالقوة

يحمِلُ سكان قرية الخراخير وثائق هُويتهم اليمنية التي تطلب سلطات المملكة منهم التنازل عنها مقابل منحهم الجنسية السعودية. رفض الغالبية منهم، وبسبب ذلك حُرموا من الحصول على أعمال ووظائف في المملكة، وهم فقراء ومعدمين، وكل ما لديهم فقط بطائق تسمى”تابعية” للسماح لهم للتنقل وهي بطائق من الدرجة الثانية يلزمهم تجديدها نهاية كُلّ شهر.

 

مواجهات بالسكاكين

وفي مطلع العام الحالي 2017م، قدّمت عشرات المدرعات والأطقم برفقة مسؤولين سعوديين من الدفاع والداخلية والشؤون البلدية والقروية لاقتحام قرية الخراخير وتهجير سكانها بالقوة إلى الداخل السعودي، ولم تتراجع الحملة إلّا بعد خروج النساء لمواجهتها بالسكاكين والأَدَوَات الحادة من المطابخ.

 

حلم السعودية في منفذ إلى بحر العرب

بجوار القرية، يوجد معسكر الخراخير الذي أنشأته الرياض في فترات ضعف السلطات في جنوب اليمن سابقاً، وانشغالها بالصراعات قبل الوحدة، لتسلمه للقوات اليمنية في الـ11 من يوليو 2004م. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، “واس”، حينها، خبراً جاء فيه: “بناء على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عَبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ووفقاً لمعاهدة جدة لترسيم الحدود بين المملكة واليمن، وذلك الموقف التأريخي الشجاع والحاسم لفخامة الأخ الرئيس علي عَبدالله صالح وأخيه سمو ولي العهد الأمير عَبدالله بن عَبدالعزيز يوم الثاني عشر من شهر يونيو عام 2000م.

قام رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق أول الركن صالح بن علي المحيا، مؤخراً بتسليم مطار البديع في الخرخير ومعسكر القوة والمرافق العامة جنوب خط الحدود الجديد إلى الجانب اليمني، الذي يمثّله رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية اللواء الركن محمد علي القاسمي.

وقد أقيم احتفال بهذه المناسبة، بدأ بعزف السلامين الوطنيين لليمن والمملكة، وتم إنزال العلم السعودي من الموقع وتسليمه لقائد قوة شرورة وتم رفع العلَم اليمني. وإثرها، تم توقيع الوثيقة وتسليم المواقع من قبل رئيسي الوفدين”.

تسلّم اللواء القاسمي معسكر الخراخير ومطار البديع، وعزّز نظام صنعاء بعدها تواجُدَه هناك بلواء عسكري مدرع مع كامل عتاده وعدد من المروحيات. واليوم، تكشف المصادر لـ “العربي” خلو المطار والمعسكر من أيّ تواجد للقوات اليمنية، عدا ضابط و20 جندياً يتسلمون وجباتهم الغذائية من النظام السعوديً، ولا يستطيعون الاعتراض على الأشغال التوسعية التي تقوم بها الشركات السعودية داخل الأراضي اليمنية.

كما تؤكِّدُ المصادرُ أن السلطات السعودية تمكنت، وفي أقل من عامين، من البسط على مساحات واسعة في ثمود وخراخير بحضرموت والمهرة، ولم يتبق للرياض إلّا بضعة كيلومترات وسيكون لها منفذ إلى بحر العرب.

 

ضم وإلحاق وسيطرة على الثروات

على مسافة 60 كم من الطريق الأسفلتي والشريط الحدودي الذي رسمته السعودية مؤخراً داخل حضرموت، يتواجد معسكر قوات “النخبة الحضرمية”. لكن المصادر تؤكد، لـ”العربي”، أن قوات ما يسمى “النخبة” لا تحَـرّك ساكناً، وأن مهمتها تمكين السعودية والإمارات من ثروات ومقدرات حضرموت، مضيفة أن الكثير من سكان القرى شمال حضرموت يترددون يومياً على مراكز سعودية خُصصت لمنحهم بطائق “تابعية”، وأن شيوخ عشائر يتفاوضون مع مسؤولين سعوديين على ضم قراهم للمملكة بمباركة من قيادات معسكر “النخبة”. كما أن الإمارات تقوم حالياً بمنح العديد من أبناء المهرة وثائق الجنسية.

 

أعمال حفر لأرامكو النفطية

ومن مفرق شرورة بنجران إلى خراخير إلى الأراضي التي ابتلعتها السعودية بحضرموت، مناطق محرمة يمنع الدخول إليها حتى للسعوديين، إلّا بتصاريح تتفحصها نقاط التفتيش. كما يمنع التصوير هناك حتى بالهواتف النقالة لمن يعملون بداخلها. أعمال حفر واستكشافات نفطية ومد أنابيب تنفذها شركة “أرامكو” التي أدخلت مؤخراً عدداً من الحفارات إلى شمال حضرموت.

وما بين شرورة وخراخير، تتواجد قاعدة عسكرية أمريكية للطائرات بدون طيار، ومركز دعم وإسناد وخدمات لوجستية لـ “التحالف” الذي يخوض حربه في اليمن تحت يافطة “إعادة الشرعية”.

 

You might also like