شارك وفد من قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» لأول مرة في جلسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، التابع للأمم المتحدة، قدم خلالها رؤيته لحل «القضية الجنوبية»، في تطور عدّه البعض «اختراقاً» من المجلس للمنظمة الدولية، و«اعترافاً» ضمنياً منها بوجوده.
رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس «الانتقالي الجنوبي» عيدروس نصر ناصر، ألقى كلمة في الندوة التي أقامتها المنظمة الدولية، عرض فيها أبعاد القضية الجنوبية وحيثياتها وخلفياتها، وتطرّق فيها إلى ما يتعرّض له شعب الجنوب من قمع واضطهاد وتصفيات وسجون وإقصاء من وظائفهم وتجميد لها، من قبل «تحالف حرب صيف 94م»، وتطرق إلى نهب ثروات الجنوب، وكذا إلى «الغزو الذي تعرض له في عامي 1994 و2015م» وتبعاته وآثاره على الفرد والمجتمع والوطن والشعب في الجنوب.
وقد شارك في الفعالية مجموعة من الناشطين الجنوبيين بمعية ناشطين من دول متعددة أثروا الفعالية وتحدثوا عن الواقع الحقوقي والإنساني في الجنوب، وتعرفوا من خلال النقاشات على تفاصيل متعددة عن هذه القضية.
وقال عيدروس نصر ناصر في تصريح خاص لـ «العربي»، لإن هذه الفعالية هي ضمن «فعاليات موازية تعقد بمشاركة بعض الحاضرين من بلدان مختلفة، وقد شاركت فيها مع آخرين عن حقوق الإنسان في جنوب اليمن»، مشيراً إلى أن الحاضرين تفاعلوا مع ما طرح، وقدموا جملة من التساؤلات والنقاشات حولها.
وأضاف «طرح علينا الحاضرون بعد إلقاء الورقة مجموعة من التساؤلات منها سؤال يتعلق بموقع المجلس الانتقالي في الحياة السياسية الجنوبية، وما إذا كان يقبل بوجود من يمثل الشعب الجنوبي سواه، وهل هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجنوبي»، وأوضح أنه في رده أكد للمتسائلين أن «المجلس الانتقالي هو ثمرة عقد ونيّف من المساعي المخلصة والجادة لتوحيد كلمة وطاقات الجنوبيين، وأنه يدعو إلى شراكة وطنية جنوبية واسعة وأنه منفتح على كل الشركاء الجنوبيين المتفقين على استعادة الجنوبيين لسيادتهم وبناء مستقبلهم المستقل كقواسم مشتركة، أما مفهوم الممثل الشرعي والوحيد، فهو مفهوم شمولي لا يتعاطى المجلس الانتقالي معه».
وفي السياق ذاته، أوضح أن سؤالاً آخر طرح «عمّا إذا كان الوقت مناسباً لاستقلال الجنوب، وهل الجنوب جاهز لخوض حرب مع الشمال في حال رفض الشمال استقلال الجنوب؟»، مشيراً إلى أن الإجابة كانت أن «قضية حق الجنوب في بناء دولته المستقلة ليست مطلباً عدائياً ضد الشمال، وأن بناء الجنوب لدولته سيمكّن الشماليين من استعادة دولتهم أيضاً».
ولفت إلى أنه أكّد أن «الجنوبيين ليس لديهم مشكلة مع الشعب الشمالي، وأن شعب الشمال شعب أبي وشجاع ومبدع وكريم، لكن مشكلة الجنوبيين مع شركاء حرب ١٩٩٤م وشركاء حرب ٢٠١٥م الذين دمروا دولة الجنوب ونهبوا ثرواته ونكلوا بأبنائه وأقصوهم وانتهكوا أبسط حقوقهم الإنسانية»، وأن «خيار الحرب بين الجنوب والشمال ليس خياراً ضرورياً، وأن خيارنا نحن الجنوبيين هو خيار التعايش والحوار والتسوية السياسية القائمة على التراضي بما يكفل الحق الجنوبي الملبي لتطلعات ملايين الجنوبيين».
وأكّد ناصر في ردّه أن «هذا القول لا ينطلق من خوف الجنوبيين من الحرب، بل حرصاً على الدماء والأرواح التي يتعطش البعض لإزهاقها»، موضحاً أن «الجنوبيون ليسوا جبناء وقد برهنت حرب ٢٠١٥م أنهم قادرون على خوض الحروب وصناعة النصر ودحر العدوان».
وقال «نحن لا نهدد أحداً ولا نرغب في الاعتداء على أحد، نحن دعاة تعايش وتسامح وتكامل مع أشقائنا في العربية اليمنية، وقد خاض الجنوبيون ثورة سلمية لم يرفعوا فيها سلاحاً ولم يطلقوا فيها رصاصة واحدة ولم يكسروا فيها غصناً من شجرة رغم القتل الذي تعرضوا له».
وأبدى أمله أن «لا يستمر دعاة الحروب في التلويح بالحرب علينا»، وشدّد على أن «الجنوبيين إذا ما أجبروا على خوض الحرب فإنهم سيدافعون عن أرضهم وحقهم وكرامتهم»، مشيراً إلى أن «من مصلحة الجنوب والشمال على السواء قيام دولتين مستقلتين متجاورتين ومتعايشتين ومتكاملتين، ولذلك ندعو أخوتنا الشماليين إلى تفهّم مطالب الجنوبيين وتطلعاتهم».
وأكّد ناصر في إجاباته أن «مبدأ السلام والدعوة إليه ليس من موضع العجز بل من موضع حقن الدماء والتعايش السلمي بين الشعبين»، قائلاً «لقد جرّبنا الوحدة بالتراضي وفشلنا، وجربتم الوحدة بالحرب ففشلتم، وحاول البعض فرض الوحدة بالغزو ففشل، فدعونا نعود إلى وضع الدولتين الشقيقتين الشريكتين في أكثر من قضية وهدف علنا ننعم ببعض الاستقرار ونوفّر فرصة للتنمية والتعايش وإخراج شعبينا الشقيقين من ورطات الشعارات والادّعاءات العدائية».
وأكد على أن «الاهتمام بقضية الجنوب ليس حصراً على أبناء الجنوب ونخبهم السياسية، بل إنه قضية تشغل طيفاً واسعاً من الناشطين اليمنيين شمالاً وجنوباً والناشطين العرب وعلى مستوى العالم».