سيطرت قوات «الحزام الأمني»، المدعومة من دولة الإمارات، يوم الأربعاء، على مديرية الوضيع مسقط رأس الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي. القوات التي يقودها كل من عبد اللطيف السيد ومنير اليافعي (أبو اليمامة) يتكون قوامها من مئتي مقاتل مجهزين بخمسين عربة بعتادها العسكري، وترافقها طائرات من دون طيار أمريكية وطائرات «آباتشي» إماراتية.
القوات التي كانت متمركزة في مديرية شقرة الساحلية شرق زنجبار، تحركت صوب مديرية الوضيع انطلاقاً من جهة الساحل، ومن ثم منطقة الخبر، مروراً بجبال المراقشة، حتى استقرت وسط الوضيع.

القوات المهاجمة أمام ثانوية الفاروق في مديرية الوضيع

وداهمت القوات موقعاً في جبل بالقرب من المديرية، واعتقلت 3 عناصر في التنظيم هم أبو عبد الله الكازمي، وأحمد لزرق، وناصر جوبح.

أحمد لزرق

كما داهمت عدداً من المنازل في القرى المحيطة بالمديرية، واقتحمت بيت القيادي في تنظيم «القاعدة»، أبو علي السعدي، في قرية ضاضة، ومنزلاً آخر في قرية آل شميل، حيث عثرت على عبوات ناسفة ومعامل متفجرات وأسلحة، فيما لم تعثر على المطلوبين في تلك المنازل.

عثرت القوات على عبوات ناسفة ومعامل متفجرات وأسلحة

وتفيد مصادر، لـ«العربي»، بأن بعض عناصر «القاعدة» خرجوا من الوضيع باتجاه المحفد، فيما ذهب آخرون إلى جبال المراقشة. وبحسب المصادر، فإن الحملة العسكرية قد تتجه إلى مديرية مودية بعد أيام.
وتأتي الحملة بعدما صعّد تنظيم «القاعدة» من عملياته في المنطقة الوسطى بمحافظة أبين (لودر، الوضيع، مودية)، ونفذ عدداً من الإغتيالات التي طالت قيادات أمنية وعسكرية على علاقة المعارك السابقة التي خاضتها القبائل ضد «القاعدة» في العام 2011.
وفي مطلع أغسطس الماضي، نفذت «القاعدة» عمليتي اغتيال: الأولى إستهدفت العقيد ناصر الجعري في لودر، والأخرى استهدفت القيادي في «الحزام الأمني»، عبد الحكيم عمير. كما نفذت عملية بسيارة مفخخة أودت بحياة العشرات من العسكريين المتمركزين في منطقة جحين شرق أبين. وقبيل وصول الحملة إلى الوضيع، نفذ التنظيم كميناً مسلحاً بالقرب من مدينة لودر، استهدف شابين ينتميان إلى عائلة القيادي عبد اللطيف السيد.
ويرى مراقبون أن الحملة، من حيث توقيتها والقوات التي تشارك فيها والجهة التي تدعمها، لا يمكن فصلها عن التجاذبات الدائرة بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، وبين قوات «الحزام الأمني» والإمارات من جهة أخرى، خصوصاً وأن القوات اقتحمت مديرية الوضيع، مسقط رأس هادي، وأن حملتها جاءت بعدما وجه «المجلس الإنتقالي»، الذي يترأسه اللواء عيدروس الزبيدي، تهماً لقيادات في «الشرعية» بدعم الإرهاب، وبعد تسريبات كشفها موقع «ميدل إيست آي» البريطاني عن أن الرئيس اليمني قال لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إن «الإمارات تتصرف باليمن كقوة احتلال».
ويعتقد مراقبون أن الحملة الإماراتية تتخذ غطاءً لها القضاء على تنظيم «القاعدة»، إنما الهدف الحقيقي من ورائها تأمين السواحل الممتدة من عدن مروراً بأبين وحتى منشأة بالحاف النفطية في شبوة، لاسيما وأن الحملة نصبت حواجز تفتيش في منطقة الخبر الساحلية جنوب مدينة الوضيع. وكانت قوات «النخبة الشبوانية» الموالية إلى الإمارات، دخلت، قبل أسابيع، إلى المديريات الرئيسة في شبوة، وتمركزت في مواقع الثروة النفطية والغازية، بغطاء أمريكي إماراتي.
أهالي مديرية الوضيع رحبوا بإخراج «القاعدة» من مدينتهم. وأبدى رئيس التحالف القبلي في الوضيع، الشيخ محمد سكين الجعدني، في حديث إلى «العربي»، ترحيبه بالحملة «من أجل السلام في المدينة، وحتى لا يلاقي الطيران الأمريكي ذريعة للتحليق والقصف»، مشدداً، في الوقت نفسه، على أن «الحل العسكري لا يكفي، ومشكلة الشباب الذين اعتنقوا الفكر المتطرف تتطلب مصفوفة حلول، ومن الضروري أن نناقش الأسباب الكثيرة وراء اعتناق شبابنا هذا الفكر، والعمل على معالجتها».
القيادي في الحراك الجنوبي، العميد علي محمد السعدي، تخوف، من جهته، من عودة التنظيم مجدداً. وكتب، في صفحته على «فيس بوك»، أن «أبين تحولت إلى مسرح للعمل الإرهابي، وخروج الحملة إلى المنطقة الوسطى خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن هل سيثبتون في المنطقة؟ أم مجرد حملة عابرة؟ وبعدها تعود الحملة أدراجها وتترك المنطقة سائبة؟ بكل تأكيد ستعود حليمة إلى عادتها القديمة».
ويرى المواطن، ناصر صالح عبد الله، وهو من أبناء الوضيع، في حديث إلى «العربي»، أن «الحملة رسالة لهادي». ويقول إن «الحملة جاءت من أجل توظيفها ضد هادي، و لتظهر للرأي العام أن منطقة الرئيس تحت سيطرة القاعدة ويعجز عن تحريرها، رغم أن قوات الحزام الأمني انسحبت من الوضيع ولودر ومودية في فبراير الماضي، وهو ما سهل على القاعدة التحرك في المنطقة بحرية».
إلى ذلك، كشفت مصادر مقربة من «القاعدة»، لـ«العربي»، عن اتفاق غير معلن تم قبل أشهر بين قوات «الحزام الأمني» في أبين من جهة، بقيادة عبد الله الفضلي، وبين عناصر «القاعدة» في المنطقة الوسطى من جهة أخرى، قضى بخروج عناصر «القاعدة» من المدن إلى الجبال، والتحرك بحرية في جبهة ثرة بمكيراس لمواجهة مقاتلي «أنصار الله» والقوات المتحالفة معها.
ويتواجد تنظيم «القاعدة» في محافظتي أبين وشبوة جنوبي اليمن، ويقيم عدداً من المعسكرات التدريبية في المناطق الجبلية. وقد استقطب الآلاف من داخل اليمن وخارجها، بعد تغيير استراتيجيته من إسقاط المدن إلى العمليات الإستخباراتية وحرب الإستنزاف بحسب بياناته.