تنتشر الجماعات المتطرفة في معظم الأحياء الشرقية لمدينة تعز، ابتداءً من الجحملية وصالة والكندي وحسنات، مروراً بسوق الصميل وحي الدعوة، وصولاً إلى العسكري. هذه الجماعات التي ترفع أعلام «القاعدة» السوداء على أسطح البنايات تمارس، بحسب مصادر قيادية في «المقاومة الشعبية» الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، «جرائم القتل والسحل والاغتيالات، كما تمارس النهب باسم الغنائم لمنازل من تطلق عليهم مسمى المجوس والروافض، ولا تؤمن بدعم شرعية هادي بل وتعتبر هادي الطاغوت الأكبر».
وتكشف المصادر أن «أبرز هذه الفصائل فصيل تنظيم القاعدة (أنصار الشريعة) الذي يقوده القائد الأمير أبو عبد الرحمن الشهري، سعودي الجنسية، ومقر قيادته خلف مدرسة معاذ بن جبل، وفصيل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يقوده الأمير أحمد الآنسي من أبناء حارة سوق الصميل، وتعود أصوله إلى مديرية أنس في محافظة ذمار، ومقر التنظيم مبنى مكتبة السعيد، وليس للقائد مكان ثابت، تارة في منزل القاضي لطف العزي، وتارة في قسم شرطة سوق الصميل، ويعتبر نجل القاضي لطف العزي أحد أشهر قيادات التنظيم الميدانية، ووالده قاضي التنظيم».
وتضيف المصادر أن «للتجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) أيضاً تنظيم إرهابي يسمى كتائب الموت، أغلب أفراده من القتلة الفارين من السجن المركزي، وتولى قيادته قبل أن يتم تصفيته من قبل كتائب أبو العباس القيادي هاني السعودي وهو أحد الفارين من السجن، وحالياً يقود تنظيم كتائب الموت شخص يدعى عبد الجبار المشولي، وتعتبر قطر من أكبر مصادر التمويل لهذا الفصيل». وتوضح المصادر أن «جماعة السلفيين التي يتزعمها قائد كتائب أبو العباس المعروف، عادل عبده فارع، ليس لها تنظيم معين، ولكن يتوزع معظم أفرادها على الفصيلين السابقين، فصيل تنظيم القاعدة وفصيل تنظيم الدولة الإسلامية، ولديها مقر تدريب لأفرادها في المدينة القديمة بمجمع هائل وجامع المظفر». وتؤكد المصادر أن «السعودية والإمارات وقطر تعد من أكبر مصادر تمويل تلك التنظيمات المتطرفة».
وعلى الرغم من أن تعز شهدت انتشاراً ملحوظاً للجماعات الإرهابية المتطرفة خلال الفترة الأخيرة، إلا أن هذا الأمر قوبل بتعتيم إعلامي كبير من قبل وسائل الإعلام المختلفة التابعة لـ«الشرعية»، لكن التقرير الأممي الأخير، والمسرب من فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية، أشار إلى أن هناك مليشيات ومجموعات مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة «الشرعية»، تتلقى تمويلاً مباشراً ومساعدات من السعودية والإمارات، وأن إحدى تلك المجموعات في تعز يقودها شخص سلفي يدعى أبو العباس تموله الإمارات، حرك المياة الراكدة، واعتبره مراقبون المسمار الصلب الذي تدقه الأمم المتحدة في جسم تعز، ومؤشراً خطيراً إلى مقدمات سيئة لتعز، ستكون لها نتائج أسوأ منها على المستويين القريب والبعيد. 

المحلل السياسي، ياسين التميمي، رأى، في حديث إلى «العربي»، أن «هذا التقرير كشف زيف الإدعاءات الإماراتية فيما يخص مكافحة الإرهاب، وفضح مخططها في تعز، والذي يقوم على استهداف المقاومة والجيش الوطني وتحييدهما، وتمكين الفريق الأكثر تشدداً في التيار السلفي ممثلاً بكتائب أبو العباس التي تقيم صلات واضحة مع العناصر الإرهابية المتطرفة وتستدعيها من المحافظات الجنوبية بهدف شيطنة تعز». واعتبر التميمي أن «معلومات كهذه ستقلل من حجم التعاطف مع معاناة تعز، لكنها لن تتجاوز حقيقة أن تعز عصية على محاولات شيطنتها ووصمها بالإرهاب، خصوصاً وأن كتائب أبو العباس لم تنجح حتى الآن في إثبات جدارتها العسكرية في تعز، رغم الدعم الكبير الذي تتلقاه من الإمارات، ما يعني أن الإمارات لن يكون بوسعها أن تقدم تعز معقلاً للإرهاب، فيما يستمر أهلها في مقاومة الإنقلابيين ومقاومة الحصار الشديد الذي تتعرض له محافظتهم منذ أكثر من سنتين ونصف».
من جهته، لفت الكاتب والصحافي، محمد المقبلي، في حديث إلى «العربي»، إلى أن «محاولة إغراق تعز بالتطرف تجري على قدم وساق، وهي وفق تقديري أجندة إقليمية تستهدف مدن الثورة العربية من بنغازي إلى حلب إلى تعز، غير أن حيوية تعز ستكون عائقاً أمام أي حالة تطرف». وأضاف المقبلي أن «التقرير الأخير يدق ناقوس الخطر إذا ما ثبتت صحة تلك التسريبات، وهي إشارة مباشرة إلى أن الإمارات تضع تعز في حسابات خطيرة قد تلحق الأذى بالأمن اليمني والأمن القومي العربي».
وكان دوغلاس بانداو، ‫كبير الباحثين في معهد كيتو، والمساعد الخاص السابق للرئيس رونالد ريغان، رأى أن «المعلومات الواردة في التقرير ليست صادمة بالنسبة للأوساط الأمريكية، فهناك أدلة كثيرة على دعم السعودية والإمارات الجماعات السلفية المتشددة في اليمن». وأشار بانداو إلى أن «التقرير الذي أعده خبراء في لجنة العقوبات الدولية على اليمن صادر عن منظمة دولية هي الأمم المتحدة، وليس من جهة صحافية أو منظمة لها أجندتها، وهو يشكل حرجاً كبيراً خاصة للإمارات وللولايات المتحدة، على أساس أنها تتجاهل دعم حلفائها في اليمن تنظيمات إرهابية كالقاعدة تحاربها واشنطن في هذا البلد». وتابع أن «من المشاكل التي سيسببها التقرير لإدارة الرئيس دونالد ترمب هو أن يكون أحد حلفائها الرئيسيين في محاربة الإرهاب يدعم تنظيمات متطرفة كالقاعدة التي تحاربها واشنطن في اليمن». وأعرب عن اعتقاده بأن «موقف واشنطن تجاه الإمارات والسعودية سيتغير عندما ترى أن الدولتين تدعمان من تحاربه في اليمن كالقاعدة، وربما يؤدي ذلك إلى تقليص دعمها للدولتين».
ولا يزال التقرير الذي أعده فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية في اليمن طي الكتمان، بغرض استكمال التحقيقات قبل تقديم التقرير النهائي نهاية العام الجاري. وحتى ذلك الوقت، يرجح محللون ظهور دلائل وإثباتات جديدة على تورط «التحالف» في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية في تعز.