كل ما يجري من حولك

خلافات قطبَي صنعاء ليست شائعات: مَن يكبح لجام «المؤتمر»؟

670
دعت «أنصار الله» إلى الإحتشاد في مداخل العاصمة يوم الخميس المقبل بالتزامن مع مهرجان «المؤتمر»
 متابعات| العربي| فائز الأشول:
لم يعد الخلاف بين «أنصار الله» وحزب «المؤتمر» إشعاعات «مخزنين ومفسبكين»، كما يحاول الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، التقليل منه. فالتطورات التي أعقبت خطابه ولقاءه باللجنة التحضرية لمهرجان السبعين، الذي يعتزم حشد أنصاره إليه الخميس المقبل، تنبىء بتزعزع تحالفه مع «أنصار الله»، وتنذر بصراع بين الطرفين إذا لم يتم تدارك خلافهما في الأيام القليلة المقبلة.
«الحرب أولها كلام». بدأ الأمر بتراشق إعلامي بين ناشطي «أنصار الله» وناشطي «المؤتمر». أعقب ذلك إفصاح زعيم «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطاب له في منتصف يوليو الماضي، عن امتعاضه من ترتيبات صالح للاحتفاء بذكرى تأسيس حزبه بمهرجانات جماهيرية، حيث قال: «لسنا في موسم انتخابات».
سلسلة من اللقاءت غير المعلنة بين قيادات من الطرفين لم تنجح في تبديد مخاوف «أنصار الله» وشكوكهم حول الهدف من المهرجان، الذي يريد صالح أن يكون «مليونياً». عشية الخميس الفائت، نشر القيادي في «أنصار الله»، علي المحطوري، مقالاً بعنوان: «بين إدارة الدولة وإدارة الظهر». وبعد لحظات، أعاد الناطق باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، نشره في صفحته الرسمية في «فيسبوك»، في رسالة واضحة بتعبير المقال عن قناعة قيادات «أنصار الله» وموقفها من التحالف مع صالح وحزبه.
المحطوري اتهم في مقاله حزب «المؤتمر» بالتطلع مجدداً إلى السلطة، وقال: «لقد واتت الفرصة حزب المؤتمر حينما اتخذ على حرج موقف المناهضة للعدوان، والعتبُ عليه أنه ذهب بدون حرج خلال عام من الشراكة إلى استنهاض غرائز منتسبيه بشن حملات تشويه على من يُفترض بهم حلفاء له في السلطة أكثر مما دفع برجاله وماله نحو الجبهات، متناقضاً على نحو فج مع موقفه المعلن». كما حذر المحطوري من تراخي جبهات القتال بسبب الموقف «المتخاذل» من قيادة حزب «المؤتمر»، حيث قال: «الكل مدعو لتعزيز القوة الوطنية لمواجهة عدوان يستهدف محو اليمن من خارطة المنطقة والعالم، ولو تسنى لقوى العدوان أن ترمي اليمن إلى قعر البحر لما شنت الحرب. وإن من يتخذ من الحرب (فُرْجَةً) حتى يهلك فيها خيرة الرجال معتقداً أنه بذلك ستخلو له الساحة يوماً… فهو واهم».
«كلاسيكو صنعاء» 
مع حلول فجر الجمعة، أخرج رئيس «اللجنة الثورية»، التابعة لـ«أنصار الله»، الخلاف مع صالح وحزبه إلى العلن، بدعوته إلى الاحتشاد في مداخل العاصمة يوم الخميس القادم، والذي يتزامن مع مهرجان حزب «المؤتمر» في السبعين. الحوثي قال إن الهدف من حشد «أنصار الله» إرسال قوافل قتالية وغذائية إلى الجبهات، وحدد أماكن الإحتشاد في الصباحة وشارع المئة والرحبة وبيت نعم بهمدان، وهي الساحات التي طوقت بها «أنصار الله» صنعاء في العام 2014م، ومنها تم دخول العاصمة. كما أنها المداخل التي سيتوافد منها أنصار «المؤتمر» من المحافظات إلى ميدان السبعين. وللقارئ أن يتخيل كيف سيكون المشهد.
بيان رئيس «اللجنة الثورية» تداوله نشطاء «أنصار الله» مذيلاً بـ«هاشتاج»: «# مواجهة التصعيد بالتصعيد – إقتحامات لا انتخابات». صالح يؤكد أن مهرجان أنصاره سيكون مليونياً، ومحمد علي الحوثي يؤكد أن الخميس القادم سيكون يوماً فارقاً «تلبية لنداء القائد والميدان». وخصوم «أنصار الله» و«المؤتمر» يترقبون «كلاسيكو صنعاء» بين الطرفين، واندلاع شرارة صراع يحقق لهم ما عجزوا عن تحقيقه خلال عامين ونصف عام من الحرب.
جوهر الخلاف
ليس لدى قيادة «أنصار الله» اعتراض على احتفاء «المؤتمر» بذكرى تأسيسه، ولو بمهرجانات جماهيرية. لكن مصادر موثوقة قالت، لـ«العربي»، إن صالح توافق مع رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي لدى اليمن، التي زارت صنعاء قبل أيام، على إيقاف الحرب بموجب مقاربة بين مبادرة البرلمان الداعية إلى رقابة للأمم المتحدة على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، ومبادرة المبعوث الأممي التي تقترح تسليم ميناء ومحافظة الحديدة لطرف محايد، وهو ما أكدت المصادر أن «أنصار الله» ترفضه بشدة، وترى فيه «استسلاماً وتنسيقاً» بين صالح والإمارات لإضعاف الحركة وتقوية نفوذ «المؤتمر».
سباق على القبيلة
لم يعلن حزب «المؤتمر»، إلى اللحظة، تأييداً صريحاً لمبادرة البرلمان، لكن صالح لجأ إلى القبيلة للحصول على دعمها. ففي الـ9 من أغسطس الجاري، شهدت مدينة خمر في محافظة عمران مهرجاناً خطابياً نظمه مشائخ قبيلة حاشد وقيادات «المؤتمر» وأعضاؤه في 9 مديريات بالمحافظة. وخلال المهرجان، تم إعلان بيان باسم قبيلة حاشد يؤيد مبادرة البرلمان، ويدعو إلى مصالحة وطنية، الأمر الذي أثار غضب «أنصار الله»، التي دفعت بالقيادي في الحركة، الشيخ صادق أبوشوارب، إلى إصدار بيان باسم «طلائع شباب حاشد الثورية»، يعارض بيان مشائخ القبيلة الموالين لصالح، ويصف مبادرة البرلمان بمبادرة «الخيانة». تبع ذلك سباق محموم بين «أنصار الله» و«المؤتمر» لكسب ولاء القبائل المحيطة بصنعاء وشيوخها. وعقد الطرفان اجتماعات ولقاءات قبلية منفصلة في عمران وسنحان وخولان وبلاد الروس والحيمة وهمدان. كما كشف قيادي في حزب «المؤتمر»، لـ«العربي»، أن صالح سيعلن، الخميس القادم، في مهرجان السبعين، تأييد حزبه لمبادرة البرلمان، وسيدعو إلى وقف الحرب والمصالحة الوطنية.
دعوة للمراجعة
عضو اللجنة العامة في حزب «المؤتمر»، جليدان محمود جليدان، قال، لـ«العربي»، إن «مهرجان السبعين سيؤكد صمود المؤتمر إلى جانب أنصار الله في مواجهة العدوان ودعمه لتماسك الجبهة الداخلية». لكن الكاتب والباحث المقرب من قيادة «أنصار الله»، عبد الملك العجري، أوضح، لـ«العربي»، أن «القضية ليست تخوف أنصار الله من مهرجانات المؤتمر، ولكن طريقة وأسلوب الإخوة في المؤتمر تجعلهم كمن يلف حزاماً ناسفاً حول خصره، ويتهيأ لتفجير نفسه في المكان الغلط». ويضيف العجري أن «من حق المؤتمر أن يقيم فعالياته الخاصة، وأن يقدم مشروعه للشعب، وأن يطمح للصعود، لكن ليس على ظهور الآخرين، وليس على حساب سمعتهم، وليس على حساب أولوية مواجهة العدوان».
ويصف العجري الترتيبات التي يقوم بها «المؤتمر« للاحتفاء بذكرى تأسيسه بأنها «أطول فترة تحشيد في العالم»، لافتاً إلى أن «المؤتمر ينشط في كل المحافظات منذ شهرين، والحملة الإنتخابية النهائية للرئاسة الأمريكية لا تستغرق سوى أسابيع. والباعث لمخاوف أنصار الله في ذلك استنفار وتحشيد القاعدة الشعبية للمؤتمر بطريقة موجهة نحو الداخل، ونحو فصيل بعينه وهم أنصار الله»، محذراً من تبعات ذلك بالقول: «التحشيد غير المنضبط والجو المكهرب بفعل التهييج اللامسؤول ولد مخاوف موضوعية، وأبسط احتكاك أو استفزاز قد ينزلق نحو فوضى من الصعب السيطرة عليها». ويشير إلى أن «صنعاء أصحبت هي المأوى الآمن لكل اليمنيين والهاربين من جحيم الحرب والقاعدة وداعش من كل المحافظات في الشمال والجنوب، ولكم أن تتخيلوا حجم الكارثة التي لا تبقي ولا تذر». ويختتم العجري حديثه بدعوة «المؤتمر» إلى مراجعة سياسته، مؤكداً أن «رهاننا لا يزال على العقلاء من قيادات المؤتمر والزعيم علي عبد الله صالح».
You might also like