لم تكد «الشرعية» اليمنية تنجح في إقصاء عدد من قيادات الحراك الجنوبي من المشهد السياسي في عدن، حتى دلفت إلى أتون أزمة داخلية، أصبحت، كما يبدو، تتهدد مصير كثير من القيادات المدنية والعسكرية المحسوبة على معسكر الرئيس عبد ربه منصور هادي. فلم يعد خافياً على أحد الخلاف المتفاقم بين كل من رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، من جهة، ومحافظ عدن، عبد العزيز المفلحي، من جهة أخرى. وهو الخلاف الذي وصل إلى طريق مسدود بين الطرفين، لاسيما مع رفض بن دغر اعتماد توقيع المفلحي لدى البنك المركزي في عدن، ما دعا الرئاسة اليمنية إلى استدعاء الرجلين إلى الرياض بشكل مفاجئ، في محاولة لاحتواء الأزمة بينهما.
البرلمان
أزمة جاءت في توقيت قاتل بالنسبة لـ«الشرعية»؛ من حيث تزامنها مع إخفاق معسكر هادي في عقد جلسة لمجلس النواب في عدن بطلب من الرياض، التي تدفع نحو استكمال النصاب القانوني من أعضاء البرلمان لانتخاب رئيس جديد، وفق ما نص عليه الدستور اليمني والمبادرة الخليجية، الأمر الذي من شأنه الإطاحة لاحقاً بهادي كرئيس انتهت ولايته منذ سنوات، بعد انتخابه بالتوافق لفترة انتقالية من سنتين العام 2012م.
الخطوة التي يُراد من خلالها، أيضاً، استعادة السلطة التشريعية في البلاد، وتفعيل مؤسسات الدولة في عدن، لاسيما بعد بنقل مقر البنك المركزي إليها في سبتمبر 2016م، يبدو أنها لا تروق كثيراً لمعسكر هادي، الذي يتوجس من خسارة ورقة البرلمان في أي تسوية قادمة، خصوصاً مع تردد أنباء عن توافق سعودي – إماراتي على مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في اليمن، يُتوقع أن يُسدل من خلالها الستار على حكم هادي.
إلى ذلك، أكدت مصادر صحافية تفاقم الخلافات بين كل من النائب البرلماني، محمد علي الشدادي، ومدير مكتب الرئيس اليمني، عبد الله العليمي، على خلفية منع الأخير للشدادي من مقابلة الرئيس لمناقشة الترتيبات الخاصة بالجلسة البرلمانية. وتحدثت المصادر عن محاولة الرئاسة اليمنية احتواء الأزمة بين الطرفين، عبر إرسال وساطات للشدادي، الذي أعرب عن رفضه العودة إلى الرياض قبل محاسبة العليمي، وإيقافه عن العمل في مكتب رئاسة الجمهورية.
البنك المركزي
وفي الأثناء، دفعت «الشرعية» بمحافظ البنك المركزي في عدن، منصر القعيطي، إلى شن هجوم شرس على قوات «التحالف» في عدن، والقوات الإماراتية تحديداً، والتي يتهمها القعيطي بإعاقة البنك عن أداء وظائفه. محافظ البنك قال، في بيان، السبت، إن «مجلس إدارة البنك وقف أمام الصعوبات البالغة التي تواجه ترتيبات النقل والتوريد بسبب إعاقة إنزال هذه الأموال جواً إلى مطار عدن الدولي من قِبَل خلية التحالف لأسباب مجهولة منذ أبريل 2017م»، مؤكداً أنه تم « إلغاء تصاريح 13 رحلة كان مقرراً لها النزول في عدن وتوريدها إلى خزائن البنك المركزي دون مبرر أو تفسير واضح». وعبر البيان عن «استغرابه واستيائه البالغ من هذه العراقيل التي تضعها قوات التحالف» في هذا الجانب.
وقالت مصادر سياسية في الرياض، لـ«العربي»، إن «بيان محافظ البنك المركزي خطوة أولية في طريق التصعيد»، وإن «هناك إجراءات وقرارات ستكون شديدة وقاسية، وستزعج التحالف العربي بشكل عام ودولة الامارات العربية المتحدة بشكل خاص». وأكدت المصادر أن «درجة الخلافات بين الرئيس هادي وبين قيادة التحالف بلغت ذروتها، خصوصاً بعد خطاب المفلحي (الأخير الذي هاجم فيه الإمارات)، الأمر الذي دفع بالرئيس هادي إلى اتخاذ قرار المواجهة والتصعيد». وأشارت إلى أن «الرئيس هادي يشعر بانزعاج كبير، ويعتبر أنه إذا ما وافق واستجاب لطلب التحالف وطلب الإمارات بتغيير محافظ عدن، فإن ذلك سيكون بمثابة الورقة الأخيرة لإحراقه هو وشرعيته، ولن يكون أمر تغيير المفلحي بالأمر السهل، بل وقرار ذلك ليس ككل القرارات وليس ككل التجاوزات والرضوخ والضغط». وتوقعت المصادر «استمرار التصعيد من قبل الرئيس هادي، خصوصاً وأنه شعر بإذلال كبير بطلب تغيير محافظ عدن، وبكثير من الطلبات والإجراءات».