السعودية وأعباء الدم
بقلم : هادي جلو مرعي:
ليس لأهل القطيف سوى السكوت على الجريمة، وليس أمام الحكومة السعودية سوى إبداء الأسف وإطلاق التصريحات الحادة والتوعد بملاحقة المتورطين في العملية الإرهابية التي قتل فيها مصلون شيعة في مسجد علي بضاحية القديح.
ماتقوم به السعودية منذ شهرين في اليمن كان تحت غطاء ديني بإعتبار إنه محاولة لوقف التمدد الشيعي من خلال فصيل الحوثي المدعوم إيرانيا” الشيعة في العالم في المجمل يعلنون بصراحة دعمهم للحوثيين في مواجهة الحرب السعودية” في المقابل ” السنة في العالم يعلنون دعمهم للحرب السعودية ضد عملاء إيران” الأطفال في اليمن يقتلون بين العنوانين ولاقيمة لدمائهم، صوت العقل يخرس في مواجهة الثأر الهادر في النفوس التي تمكن منها دين غير الذي تركه محمد لأمته، فالإرث النبوي توزع بين الأشخاص والقبائل والقوميات والمذاهب والحكومات والحكام، وكل يدعي الوصل بليلى، حتى لكأن النبي محمد وهو في عرصات القيامة يسمع لأصوات هادرة لاتعد ولاتحصى لا بالمليارات، ولا بالترليونات وهي تناديه، ياأبت ياأبت أنقذنا، إشفع لنا فنحن أبناؤك؟ وهو يقول، لاأعرفكم، ولم أتعود الشفاعة للملطخين بدماء النساء والأطفال.
وعلى كرسيه الوثير في قصر اليمامة يجلس الملك سلمان بن عبد العزيز كما جلس من قبله ملوك من أسرته تناوبوا على السلطة وتمكنوا من توطيد الحكم وقادوا الحروب ضد اليمن التي كتب عليها أن تكون ضعيفة لتبقى السعودية قوية ! وياله من قدر مرير أن تضغف ليتقوى بضعفك غيرك. الملك سلمان يتلقى منذ شهرين التقارير اليومية عن عدد الغارات الجوية للطيران الحربي على مدن اليمن التعيس من شماله الى جنوبه، ومن غربه الى شرقه، ولاأدري إن كان واضعو التقارير وصفوا له الضربات، ومواقع سقوط القنابل، وكم هو عدد الأطفال الذين قتلوا فيها؟
في القطيف فجر أبو علي الزهراني نفسه بحزام مفخخ وسط جموع المصلين البسطاء من الشيعة الذين يتحملون وزر الخلاف بين الحكم السعودي والجماعات الدينية المتطرفة التي يشكل شبان سعوديون عمادها في العراق وسوريا والخليج، وهم يتهيئون للإنقضاض على الحكم في المملكة وبقية الخليج، ويشنون حربا شعواء على الشيعة في كل مناطق الشرق الأوسط بدعوى التكفير، لكن سكان القطيف الذين طفح بهم الكيل مايزالون يفضلون التهدئة بإنتظار الإجراءات التي على الحكومة إتخاذها، ليعرفوا مدى فاعليتها، وجدية السلطات في ملاحقة الإرهابيين الذين أعلنوا البيعة لداعش، والولاء للبغدادي، وإستعدادهم لمزيد من القتل.
في اليمن كانت الدعوة الى الحرب لوقف التمدد الشيعي من النظام السياسي الرسمي، بينما في القطيف كانت الضربات لوقف التمدد الشيعي من التنظيمات الدينية المتشددة التي ترفع راية حماية السنة في العالم، وعلى السعودية أن تتحمل أعباء الدم في اليمن، وفي القطيف أيضا، فالمضي بهذه الطريقة ربما سيربك الحسابات، ويؤدي الى خسارات غير متوقعة، وزلزال سيضرب المنطقة بكاملها لن تكون السعودية بمنأى عنه. العداء للحوثيين الشيعة في اليمن، والعمل على وقف التمدد الشيعي في العراق ولبنان والبحرين لن يكونا كافيين لينال الحكم السعودي رضا داعش والقاعدة، فهي برغم عدائها للشيعة، وحربها عليهم إلا إنها لاتخفي نيتها في إسقاط ممالك وإمارات ومشايخ النفط مهما كان الثمن.