محمد المسفر: هذا هو السيناريو الأسوأ في الأزمة القطرية
متابعات| العربي:
يواصل الدكتور محمد المسفر، السياسي والأكاديمي القطري “الجزء الثاني” من مقابلته مع “سبوتنيك”، ليكشف من خلالها حقيقة الوضع الراهن والسيناريوهات المتوقعة، وكيف تتعامل الدوحة مع الأزمة، والأضرار التي ستلحق بالمنطقة في حال إصرار دول الحصار على العودة إلى سيناريو التسعينيات فإلى نص الحوار:
سبوتنيك: هناك اتهامات كثيرة للجزيرة، وكانت حاضرة في كل الخلافات السابقة…هل تقبل قطر إغلاق “الجزيرة” لإنهاء الأزمة؟
أستبعد أن توافق الدوحة على إغلاق “الجزيرة”، لأنها لم تعد ملكاً لقطر فقط، بل من يملكها هم ملايين المتابعين من العرب والعالم، وقد بلغت “الجزيرة” درجة متقدمة، حتى أصبح لا غنى عنها حتى بالنسبة للمسؤولين العرب، وقد كنت أدخل “دواوين” بعض الحكام العرب ورأيتهم يشاهدون “الجزيرة” إلى جانب تليفزيون بلده، وعلى حد علمي لم تكن هناك مساومات لإغلاق تليفزيون “الجزيرة” على الإطلاق.
سبوتنيك: في بداية الأزمة كان هناك توافق في الرؤى بين أمريكا ودول المقاطعة وما أن مرت أيام حتى تم الإعلان عن صفقة الطائرات مع واشنطن…هل هناك علاقة بين الأزمة و”الصفقة”؟
أمريكا لم تتهم قطر مباشرة بدعم الإرهاب، وكانت تغريدات ترامب تحمل لفظ “قيل لي”، وتناقلت وسائل الإعلام هذا الجزء وتجاهلت الجزء الآخر من الخطاب الأمريكي الذي يقول إن “قطر شريك رئيسي في مكافحة الإرهاب”، والمطالب الـ13 لدول الحصار لم يذكروا فيها إرهاباً.
وبالنسبة لصفقة الطائرات “13 مليار” فقد كانت محل اتفاق بين البلدين منذ عام 2014/ 2015 إبان حكم أوباما، وتم التأكيد عليها بعد تولي الرئيس ترامب فهذا ليس جديداً، أما الجديد فهو الصفقات الضخمة التي وقعتها بعض الدول الخليجية مع الولايات المتحدة.
سبوتنيك: بعد أيام قلائل من فرض الحصار…تناقلت وسائل التواصل أقوالا مفادها أن سبب الأزمة هو تراجع الدوحة عما تم الاتفاق عليه مع ترامب في الرياض…وتركت الرياض والإمارات منفردتين…ما حقيقة ذلك؟
“هذا كلام صحيح”، لكن لا أعلم أن قطر امتنعت عن تزويد الرئيس الأمريكي بالأموال، أنا سمعت عن هذا ولكن ليس من مصدر وثيق الاطلاع أستطيع أن أبني عليه معلومة، وما أعلمه هو أن صفقة الطائرات متفق عليها من قبل كما ذكرنا.
سبوتنيك: هل لك أن تفسر لنا ما قامت به تركيا تجاهكم وبتلك السرعة غير المعهودة حتى في المنظمات الدولية؟
هناك اتفاق “قطري — تركي” كان موقعاً منذ عام 2014، وكانت هناك طلائع بعثة عسكرية تركية “استشاريين” لتحديد مكان الوحدة العسكرية المتفق عليها على الأراضي القطرية، وقد سبقت الأزمة مناورة بين قطر وتركيا، كما سبقتها مناورة أخرى بين الدوحة وبعض الدول الخليجية، وليست قطر الوحيدة التي تتعامل عسكرياً مع تركيا، فالسعودية تمتلك أيضاً علاقات عسكرية مع تركيا، ولا علاقة للأزمة الحالية بالتواجد التركي على الأراضي القطرية.
سبوتنيك: قد يتسائل البعض…ولما لم يتم تنفيذ تلك الاتفاقية إلا بعد المقاطعة؟
الجميع يعلم أن الاتفاقات بين الدول تحتاج لبعض الوقت بعد التوقيع للمصادقة عليها من جانب مؤسسات كل دولة، أو الاستفتاء عليها من جانب الشعوب، وكما قلنا أن الاتفاقية تم توقيعها 2014/2015، وتعرضت تركيا في يوليو/ تموز2016، لمحاولة انقلاب فاشلة، وبعد أن انتهت أنقرة من تبعات “الانقلاب”، وقد صادف مصادقتها على الاتفاقية الأزمة الحالية، فكان لزاما عليها أن تقف مع الدوحة، فجاءت وحدات عسكرية على رأس الأشهاد ولم تكن سرية وفقا للاتفاقية، ولم تكن تلك الاتفاقية أو القاعدة العسكرية لتشكل خطورة على أمن واستقرارالمنطقة، بل هي ضمانة للخليح “تركيا ليست مهددة لأمن الخليج على الإطلاق، وليست قادمة لمواجهه أي من الدول الأخرى”، ونحن نعلم أن السعودية والإمارات تمتلك كل منهما قوة عسكرية رهيبة، ونعلم أن القوة العسكرية القطرية لا تضاهي القوتين إذا اجتمعتا، وإن تحالفا لإلحاق الضرر بنا، ستكون لهم الغلبة.
سبوتنيك: وهل تعتقد أن سيناريو التسعينيات يمكن أن يتكرر الآن؟
إذا دخلنا في ذلك الزمان وأعدنا أعوام 1990،91،92، أعتقد أن هذا السيناريو خطير جداً ويهدد الأمن والسلم للمنطقة بالكامل، وقد يتم تدويل قضايا المنطقة، وبعدها قد نصل إلى أن نكون تحت الاحتلال، فتركيا لن تسكت وكذلك إيران، وقد تتفق إيران وتركيا في لحظة من لحظات التاريخ ونكون نحن الضحية في المنطقة، سواء كنا نعلم أم لا نعلم، كما كنا الضحية في العراق وسوريا وليبيا واليمن، والفائز الأكبر في هذا كله “إيران وإسرائيل”.
سبوتنيك: ما هو نوع العلاقة التي تربط إيران وقطر؟
علاقة قطر بإيران هى علاقة طبيعية ولا تختلف عن علاقاتها بكل دول مجلس التعاون الخليجي، والقول بغير ذلك هو نوع من التضليل، ويجب أن نعلم أن بعض الدول الخليجية لديها اتفاقات أمنية مع إيران، وعلى الجانب الآخر لا يوجد إيرانيون في قطر يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة في تقديري، على العكس من ذلك يوجد بالإمارات أكثر من 800 ألف إيراني يقيمون بشكل شرعي، إضافة إلى 200 ألف بشكل غير شرعي، وهناك قوة عسكرية إيرانية على مشارف الإمارات في الجزر الثلاث المحتلة، ومع ذلك الميزان التجاري بين الإمارات وطهران يصل لعشرات المليارات، في حين لا يزيد التبادل التجاري مع قطرعن نصف مليار دولار، لذا لا يجب أن نسمع من يقول أن قطر ملتصقة بالإمارات، وعندما سحبت السعودية والبحرين سفرائها من طهران، قامت قطر باستدعاء سفيرها لدى إيران ولم يعد من ذلك التاريخ حتى الآن، مع أن السفير الكويتي والعماني مازالو موجودين، ويتم توجيه الاتهامات للدوحة بأن لها علاقات مميزة مع طهران عن باقي دول الخليج.
سبوتنيك: أسابيع مرت على الحصار ومازال الغاز القطري يتدفق إلى الإمارات…ما السر في ذلك؟
رغم القطيعة المطلقة والشرخ في مجلس التعاون إلا أن قطر لم تغلق كل الأبواب، فما كان يحدث في السابق كان يمس القيادات السياسية، أما في هذه الأزمة فإن الهدف الأول لها كان المواطن والأسرة، فقطر عبارة عن مجموعة قبائل توافدت من الجزيرة العربية، وبالتالي كل جذورهم وأعراقهم موجودة بالجزيرة العربية، ونصف عوائلهم متزوجون ولهم أطفال هنا وهناك، فطالت القطيعة الأسر، فلا يستطيع من بالجزيرة العربية أن يتواصل مع أهله بقطر تخوفاً من إلصاق تهمة “التعاطف مع قطر” به، وبالتالي 15 سنة سجن و3 مليون ريال غرامة…أما بالنسبة لتزويد الإمارات بالغاز والذي يمثل 40% من استهلاكها المولد للطاقة الكهربائية و10% لعمان ونسبة أخرى لبعض الدول الخليجية، لذا لم تفكرالدوحة بخلق أزمات هنا أو هناك، وقطر لديها فائض من الكهرباء، وقد صدر بيان رسمي عن الدوحة بأنها لن تمس العقود الاقتصادية مالم يقم الطرف الآخر بخلاف ذلك.
سبوتنيك: قاعدة عسكرية في البحرين…إلى من ستوجه نيرانها؟
لا يوجد منطق في هذا الأمر، فقوات “درع الجزيرة” موجودة في البحرين وهي قوات سعودية وإماراتية، والجديد الذي سيضاف لها هي مصر، وأنا أرحب بقوات تأتي من كل الدول العربية تحت مظلة اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتخرج كل القواعد الأجنبية من الخليج.
سبوتنيك: كيف ترى مصير مجلس التعاون في المرحلة القادمة؟
منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي كان لي رأي بأن هذا الكيان ليس له مستقبل، والآن وبعد 30 سنة من عمره…ماذا قدم؟…لم يقدم شيء على الإطلاق للخليج، فمجلس التعاون قام في لحظة تاريخية، وهي قيام الثورة الإيرانية ودخول الاتحاد السوفييتي إلى أفغانستان، لهذه الأسباب قام مجلس التعاون، ولم تكن المصالح المشتركة هي المحفز لإنشاء المجلس، وهذه الأزمة ستكون المسمار الأخير في نعش مجلس التعاون، فهم يهددون بتجميد عضوية قطر في المجلس، وأقول لهم أن قطر باقية سواء داخل المجلس أو خارجه، وقد قدمت الدوحة مساهمات في المجلس أكثر مما قدمته الدول الأخرى “اقتصادياً- أمنياً —إعلامياً- تعليم- وغير ذلك”، وأتمنى أن يصلح مجلس التعاون، فمر شهر بالكامل على الحصار ولم نسمع كلمة واحدة صدرت من الأمين العام لمجلس التعاون “فالمنظمة التي لا تحميك ليست جديرة بأن تكون عضواً فيها”.
أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب