“ستراتفور” الاستخباراتي الأمريكي: هذا هو السلاح القوي الذي يمتلكه الحوثيون
متابعات | تقارير
موقع برنامج “ستراتفور” المتخصص في شؤون الاستخبارات الجيوسياسية، والذي يُمٌكن الشركات والحكومات والأفراد من التنقل بثقة أكبر خلال البيئة الدولية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وقد تم إنشاء برنامج “ستراتفور” بناءً على الاعتقاد بأن الأحداث العالمية المفصلية يمكن التنبؤ بها، وباستخدام منهجية خاصة يتم تحديد الاتجاهات الجيوسياسية الرئيسية والتحولات في القوي العالمية، حيث يقوم محللو البرنامج بتفسير أهمية الأحداث التي تحدث اليوم ويضعون توقعات أكثر دقة لما سيحدث في المستقبل، نشر تقريراً تحت (عنوان) :-
(الصواريخ تبقى هي السلاح القوي الذي يمتلكه الحوثيون)
ترجمة: أحمد عبدالرحمن قحطان
كبداية تشير التوقعات الى عدة نقاط هامة وهي كالتالي :-
أولاً: بالرغم من الضغوط المستمرة التي تفرضها العمليات الجوية التي تقودها السعودية، لا يزال الحوثيون والموالون لصالح في اليمن يشكلون تهديداً باستخدامهم للصواريخ الباليستية.
ثانياً: يبدو أن المهندسين المحليين تمكنوا من تعديل وتطوير الصواريخ البالستية لزيادة قدراتهم، كما يبدو بأنهم يستطيعون الوصول بشكل مستمر الى المخزونات الموجودة أصلاً لتعزيز أنشطتهم.
ثالثاً: لا توجد أي مؤشرات تدل على أن الحوثيين يقتربون من إنتاج أنظمة صاروخية بالستية مطابقة لتلك الأصلية التي يبنون نسخهم عليها، وفي هذه المرحلة، تظل قدرات صواريخ الحوثيين وصالح تعتمد اعتمادا كليا على المخزونات الموجودة والإمدادات الخارجية.
خلال فترة الحرب الممتدة في اليمن، أطلقت القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح في وقت سابق عدد من الصواريخ الباليستية على عدد من الأهداف داخل اليمن وخارجها وتحديداً في المملكة العربية السعودية.
ويستخدمها تحالف الحوثيين وصالح تلك الصواريخ كوسيلة للرد على التحالف الذي تقوده السعودية، والذي أعطته قدراته الجوية ميزة تفوق كبيرة خلال فترة الصراع.
وفي هذا الشهر تحديداً، زعمت مصادر تابعة للحوثيين بأنهم أطلقوا عدة صواريخ من نوع “زلزال -2” على قواعد عسكرية سعودية بالقرب من اليمن.
وعلى الرغم من الجهود العسكرية التي بذلتها قوات التحالف بقيادة السعودية، والمدعومة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضدهم، لا يزال الحوثيون والموالون لصالح يستخدمون الصواريخ البالستية، كما أنهم يدعون حتى بأنهم قاموا بتحسين قدرات تلك الصواريخ.
ويمكن لهذا التطور، الذي يتم بدعم خارجي محتمل، أن يشكل خطوة نحو قدرات تنمية الصواريخ المحلية.
الأهداف القريبة والبعيدة
قد قامت القوات التي تقاتل التحالف الذي تقوده السعودية باستخدام ترسانة الصواريخ الباليستية بطريقتين مختلفتين.
أولاً، قاموا باستخدام الصواريخ تكتيكياً لزيادة تكلفة التدخل على القوات السعودية والإماراتية، وذلك مبدئياً أثناء تواجدها على الأرض في اليمن.
وثانياً، قاموا باستخدام صواريخ باليستية ذات مدى أقصر مثل صواريخ التوشكا الروسية لاستهداف القواعد الأجنبية والنقاط اللوجستية في اليمن.
وقد أدت بعض الضربات الصاروخية إلى أضرار جسيمة، وهو ما أدى إلى تدمير المعدات والتجهيزات اضافة قتل ما يصل إلى العشرات من القوات الأجنبية.
كما قام الحوثيون والموالون وصالح باستخدام تلك الصواريخ بطريقة استراتيجية، حيث أن الصواريخ التي أطلقوها ضد السعودية كان الغرض منها هو محاولة ردع السعوديين من القيام بعمليات عسكرية في اليمن.
وقد استهدفت معظم هذه الصواريخ مواقع عسكرية سعودية في المحافظات المتاخمة لليمن، على الرغم أيضاً من ادعاء قوات الحوثيين بأنهم أطلقوا عدة صواريخ الى العمق السعودي، مستهدفين مكة والرياض.
ويذكر بأن السعودية تستخدم انظمة الدفاع الصاروخي من طراز باتريوت الاميركية التي اعترضت عددا كبيراً من الصواريخ، كما نفت الرياض ان تكون قد تلقت أي ضربة.
وقد ساندت شركة “رايثيون”، وهي الشركة المصنعة لنظام الباتريوت، التصريحات السعودية من خلال الادعاء بأن نسبة نجاح أنظمتها التي تم تفعيلها في الخدمة السعودية تصل الى 100٪.
قوة الردع البحري
في نهاية العام 2016، قام الحوثيون أيضاً بإطلاق عدد من الصواريخ المضادة للسفن ضد عدد من السفن التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية والقطع التابعة للبحرية الأمريكية.
وفي حين أن هذه الصواريخ تختلف عن الصواريخ البالستية التي تستخدم ضد القوات على الأرض، وضد الأهداف في المملكة العربية السعودية، فإن استخدامها يعزز تصور التهديد الصاروخي المتطور والناشئة حديثاً من اليمن.
وبناءً على ذلك ردت الولايات المتحدة عندما أطلق الحوثيون صواريخ مضادة للسفن ضد سفن تابعة للبحرية الأمريكية في أكتوبر / تشرين الأول 2016، بإطلاق صواريخ كروز على مواقع الرادار الساحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وفي كانون الثاني / يناير 2017، استعادت قوات التحالف السيطرة على مناطق ساحلية مهمة بالقرب من مضيق باب المندب، مما ساعد على التخفيف من خطر الصواريخ تجاه السفن البحرية.
وباستثناء الهجوم الذي وقع في حزيران / يونيو الماضي، فقد أدت استعادة السيطرة على تلك المناطق من قبل قوات التحالف الى منع المزيد من الهجمات بالصواريخ المضادة للسفن حتى الآن.
لكن لم يكن هناك أي أفعال مماثلة لردع التهديد عندما يتعلق الأمر بالصواريخ الباليستية.
وعلى الرغم من الحملة الجوية المتواصلة للتحالف، وادعاء المملكة العربية السعودية خلال بعض فترات الصراع بأنها دمرت معظم مخزونات الصواريخ في اليمن إن لم تكن كلها، فإن الحوثيين والموالين لصالح يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية.
استمرار استخدام تلك الصواريخ يمكن أن يعني بأن هناك فجوة في المعلومات الاستخبارية المتوفرة للتحالف الذي تقوده السعودية، وأن هناك مخزونات متبقية غير معروفة ولم يتم تدميرها.
أو، قد يعني ذلك أن الحوثيين ما زالوا قادرين على استيراد أو حتى إنتاج صواريخهم.
التحالف فرض حصارا خانقاً على اليمن، مما جعل من الصعب شحن مثل هذا النوع من الصواريخ إلى البلاد، ولكن ربما ليس ذلك مستحيلا، حيث يمكن تهريب الأجزاء المهمة والأساسية المستخدمة في تعديل أو بناء الصواريخ حتى مع استمرار الحصار.
قبل الصراع، استخدمت قوة الصواريخ اليمنية، التي كانت جزءاً من وحدات الحرس الجمهوري الموالية لصالح، عدداً من الصواريخ الباليستية المختلفة، وكانت تلك الصواريخ التي كانت مُعرفة رسمياً في ترسانة الصواريخ اليمنية كصواريخ سكود و توشكا الروسية، فضلا عن صواريخ مدفعية من طراز أوراغان عيار 220 ملم.
كما قام الجيش اليمني بتشغيل عدد كبير من أنظمة الصواريخ المدفعية من طراز لونا-إم الروسية الصنع وغير الموجهة، ولكن السلطات اليمنية زعمة أن هذه الصواريخ قد أُزيحت من الخدمة قبل بدء النزاع الحالي.
بالاضافة الى ذلك، كان من المعروف ايضا ان اليمن يمتلك في الخدمة عدداً من صواريخ “هواسونغ -6” المصنعة في كوريا الشمالية، حيث اعترضت البحرية الاسبانية في عام 2002 شحنة من هذه الصواريخ لكن في النهاية تم السماح لها بدخول اليمن، وصواريخ “هواسونغ -6” هي في الأساس نسخة محسنة لصواريخ سكود الروسية، حيث تم زيادة مداها من خلال إطالة الخزانات الداخلية الدافعة للصاروخ.
غير أن الحوثيين والموالين لصالح يتكلمون اليوم عن استخدام أنواع مختلفة تماماً من الصواريخ في هجماتهم، وبالتحديد صواريخ بركان -1 وبركان -2 وقاهر وزلزال -2، ومن المعروف أن أيا من هذه الصواريخ لم تكن موجودة في ترسانة الصواريخ اليمنية قبل الصراع، ومن المعروف أن واحدا منها فقط، وهو صاروخ زلزال، لم يكن موجوداً على الإطلاق.
يذكر ان زلزال هو صاروخ ايراني بُني على اساس نظام الصواريخ المدفعية الروسية لونا – ام.
وقد أشار بعض المراقبين الى امكانية أن إيران قد تكونت قامت بتهريب هذه الصواريخ إلى اليمن، على الرغم من أن اليمنين يزعمون بأن صواريخ زلزال – 2 تنتج محليا في اشارة إلى أن بإمكانهم تعديل نسخ من أنظمة الصواريخ القديمة لونا-M.
وفي الوقت نفسه، صواريخ القاهر، التي هي في الأساس صواريخ دفاع جوى من طراز سام – 2 الروسية، تم تعديلها لضرب اهداف ارضية.
وفيما يخص صواريخ بركان فمن المرجح أيضاً بأنه قد تم تعديلها من صواريخ كانت موجودة سابقاً في الترسانة اليمنية، ففي الصور، يبدو بأن الصواريخ مماثلة في الشكل والأبعاد لصواريخ سكود.
ومن المحتمل أن القوات اليمنية تقوم بتعديل صواريخ سكود بنفس الطريقة التي قامت بها كوريا الشمالية وإيران والعراق قبلهم، فباستخدام أجزاء من صواريخ سكود أخرى، فانه يصبح من الممكن إطالة خزانات الدفع الداخلي، وتوسيع نطاق الصاروخ.
وإذا كانت عدد من صواريخ البركان هذه قادرة حقا على الوصول إلى مكة والرياض أو مدن أخرى، كما يدعي، بغض النظر عما إذا كانت تمكنت من ضرب أهدافها، فهذا يعني بأن المهندسين اليمنيين قد تمكنوا حقاً من تجاوز حدود التعديلات البسيطة التي يمكن إجراءها على صواريخ سكود.
إن تجاوز المهندسين اليمنيين لحدود التعديلات البسيطة التي يمكن إجراءها على صواريخ سكود يعود ببساطة الى ان تمديد مدى صواريخ سكود الى تلك المسافات الطويلة سيسبب الكثير من المشاكل فيما يخص مسألة اتزان الصاروخ، حيث يجب توفير الإمدادات الإلكترونية الكافية للمحافظة على درجة كافية من الدقة، ووقوفاً عند هذه النقطة، فإنه يلزم إعادة تصميم الصواريخ داخلياً بدلا من مجرد تمديد مداها.
ومن غير الواضح ما إذا كان المهندسون اليمنيون يعيدون تصميم تلك الصواريخ، ولكن مع توسع القدرات الصاروخية، فإن المؤشر يتحرك بعيداً نحو إعادة التصميم بدلاً من التعديل.
في بلدان أخرى، أدت هذه العملية – تعديل الصواريخ – إلى إنشاء برامج مستقلة لتطوير الصواريخ، وقد بدأت كوريا الشمالية وإيران على حد سواء بتعديل أنظمة الصواريخ الروسية الصنع قبل تطوير بدائلها الأطول مدى.
ومن المهم أن نشير الى أنه في هذه المرحلة لم يتم ملاحظة أي قدرات تتجاوز تعديلات الصواريخ في اليمن، وفي ظل الضغط المستمر للحملة الجوية التي تقودها السعودية، من غير المرجح حالياً أن يطور اليمن برنامجاً متكاملاً لتطوير الصواريخ، كما تشير التقارير إلى أن اليمنيين يعتمدون على خبراء خارجيين – من إيران، على سبيل المثال – حتى لإجراء التعديلات البسيطة على صواريخهم الحالية، مما يثير أسئلة إضافية حول قدرات اليمن المحلية.
وسيستمر تهديد الصواريخ الباليستية القادمة من الحوثيين في الاعتماد على مخزونات الصواريخ المتبقية، أو على الواردات من حلفاء اليمن.