رهانات «الانتقالي» تكبر: بدأ العد العكسي لهادي؟
يوماً بعد آخر يغرق جنوب اليمن أكثر في التوتر السياسي والعسكري، ومع كل تطور تظهر سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي في محل ضعف وتراجع كبير وملفت، سياسياً وعسكرياً وشعبياً. التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة عدن خلال اليومين الماضين، ربما أوضحت التراجع الكبير لهادي وتراجع حضور فريقه، وأكدت أن عدن تفلت من سيطرة الرجل وحكومته بشكل قد ينتهي إلى الخروج الكامل.
مصادر سياسية في عدن، أكدت لـ«العربي» أن «شرعية هادي» وحكومته باتت محصورة في منطقة المعاشيق الرئاسية، ولا يوجد لها أي تحرك على مستوى المدينة، وإن نفذت أي زيارة لمرافق الدولة، تكون في نطاق مدينة كريتر التي يقع فيها قصر المعاشيق وأهم المرافق الحكومية المالية، البنك المركزي اليمني.
وتعود المصادر للتذكير بأنه «في الأسابيع الماضية قام رئيس الوزراء ومحافظ عدن عبد العزيز المفلحي، في أول زيارة رسمية إلى مبنى المحافظة الواقع في مديرية المعلا، ولم يسمح له بالدخول من قبل حراسة مبنى المحافظة المحسوبين على المحافظ السابق عيدروس الزبيدي، وأجبروهم على العودة إلى مقرهم في المعاشيق، حيث أصبح محافظ عدن المعين مؤخراً من الشرعية يزاول عمله من هناك».
وتؤكد المصادر أن «الشرعية» لم يعد لها أي نفوذ على الواقع أو أي سلطة تمارسها، وأصبحت بعد إقالة المحافظ السابق محصورة في المعاشيق، مع إصدار بيانات وقرارات من الرياض، الجميع يتمرد عليها، وإن نفذ بعضها تنفذاً شكلياً ونسبياً وسرعان ما يتم الانقلاب عليه بطريقة أو بأخرى.
على المستوى الأمني، تقول معلومات «العربي» إن القوة الأمنية في عدن مقسمة بين فصائل عديدة، ولا توجد أي جهة مسيطرة على الأرض بشكل واسع، ولكن الواضح أن الورقة العسكرية والأمنية في عدن لم يعد للرئيس هادي أي حضور فيها، إلا بشكل ضئيل، ولم يعد هادي يمتلك قدرة على تحريك وتوجيه أي قوة أمنية.
تساؤلات عدة تطرح وتوجه من قبل سياسيين ومراقبين، مضمونها: لماذا لا يخرج الرئيس هادي ويقول للشعب ماذا يحصل في المحافظات الجنوبية «المحررة»؟ وخصوصاً عدن؟
تجيب مصادر سياسية وعسكرية مطلعة على مجريات ما يحدث في عدن، لـ«العربي»، بالقول إن «هادي لن يعود إلى عدن، وإن عاد ستكون عودته كسابقاتها إلى قصر المعاشيق، وسيأتي الناس إليه لمقابلته بغرض التصوير والترويج عبر وسائل الإعلام، لكنه لا يستطيع تنفيذ أي شيء لصالح الدولة المؤسسية التي أصبحت ممزقة بين فصائل كثيرة في عدن».
وأما في ما يتعلق بفقدان فريق «الشرعية» للشارع الجنوبي ووقوف هذا الطرف الشعبي مع المجلس الانتقالي واستجابته وتأييده لكل تحرك يقوم به، فيرجع سببه طبقاً للمصادر إلى تمسك هادي بـ«حزب الإصلاح» وبقاء رموز «إخوانية» في واجهة «الشرعية» سياسياً وعسكرياً، وهذ لا يعجب الجنوبيين بفصائلهم المختلفة، وبالتالي ورغم اختلافهم إلا أنهم اتفقوا على أن يكونوا ضد «الشرعية» وضد كل ما يصدر عنها من قرارات تتعلق بالجنوب.
ويعتبر جنوبيون، في حديث إلى «العربي»، أن «الشرعية انتهت عندما قررت أن لا تعود إلى عدن، وعندما تركت الشعب يلاقي مصيره من الفقر والجوع والأوبئة وغياب الخدمات. وهذا جعل الناس في الجنوب غير قابلين بها والناس في الشمال قلقين من المغامرة معها»، ويضيف هؤلاء: «الشرعية اليوم موجودة في معسكرات علي محسن فقط، أما الشعب فتمرد عليها، والناس أصبحت تريد نهاية لهذه الحرب ولن تتحقق النهاية في ظل سيطرة الإخوان على قرارات الشرعية».
رؤية «الانتقالي»
وتقول مصادر سياسية مقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي، لـ«العربي»، إن رؤية المجلس الآن هي الاستمرار في تشكيل الضغط على «الشرعية» وعلى الجميع، بهدف أن يكون هذا المجلس الممثل الفعلي في أي مباحثات سلام أو تسوية سياسية قادمة، وبدون إشراك القوى المتواجدة على الأرض سينتهي أي حوار سياسي بالفشل تماماً، كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني حين أقحمت أسماء قيادات جنوبية لا تحرك الشارع في الجنوب، وكانت النتيجة هو تنصل الجنوبيين من المخرجات.
وأكدت المصادر أن الحديث عن الانفصال «قبل أوانه»، في نظر المجلس الانتقالي الجنوبي حالياً، فالجنوبيون يعلمون أن هناك آليات يجب أن تسلك. وفي تقدير المجلس الآن على مستوى المرحلة القادمة هو أنه ربما يتفق الجميع على دولة اتحاديه من إقليمين أو ثلاثة، ولكن لمجرد جلوس القوى المؤثرة في التسوية القادمة والخروج بحل «بحد ذاته سيكون جيداً»، وهو ما يتوقعه المجلس ويمضي على ضوئه. وأياً كانت مخرجات أي مفاوضات سياسية بوجود الأطراف المسيطرة على الأرض ستكون محط التزام أمام العالم، ومن الصعب إحداث خلاف وعدم تنفيذها والتهرب منها، وهذا ما يدور في نقاشات الانتقالي طبقاً للمصادر.
نهاية هادي تقترب؟
«العربي» تواصل مع مصادر سياسية في الرياض للاستفسار عن تقديرات «الشرعية» لما يجري في الجنوب، ولماذا الرئيس هادي لم يعد إلى عدن؟ وهل سيعود أم لا؟ في تقديرات هذه المصادر أن الرئيس هادي صار في ما يشبه «الإقامة الجبرية في السعودية»، وأن الرجل لم يعد باستطاعته مغادرة المملكة، بسبب مخاوف الرياض من عدم عودته إليها مرة أخرى، على حد تعبير المصادر.
ويشتكي هادي، وفق المصادر نفسها، منذ نحو عام على الأقل، من تجاهل السعودية لمطالبه، وخاصة في ما يتعلق بالدعم المالي واللوجستي للجيش المتواجد في الجبهات، وبصوت خافت يبلغ بعض زواره والمقربين منه بذلك، لكنه في المقابل لا يستطيع فعل شيء تجاه ذلك سوى الصمت حتى لا يجرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يعتبر فشل «عاصفة الحزم» فشلاً ذريعا له.
وتفيد معلومات بأن الإمارات لا تقوم وحدها بوضع العراقيل أمام عودة هادي إلى عدن، بل إن دوائر قريبة من الاستخبارات السعودية تحدثت إلى الإماراتيين سراً للقيام بوضع عراقيل أمام عودة هادي، للقول إن عودته لم تعد ممكنة وأن الوضع ليس آمناً. وتشير المعلومات إلى أن عودة الزبيدي إلى عدن والترتيب للمظاهرة تم بترتيب إماراتي سعودي.
وتكشف المعلومات أن السعوديين باتوا يتخوفون من عودة هادي إلى عدن أكثر من أي وقت مضى، وأنهم لم يعودوا يثقون باستجابته لهم في الآونة الأخيرة، فانعدام الثقة بين السعوديين وهادي أصبح متبادلاً، لأن هادي بات على يقين بأنه فقد البوصلة وخاصة بعد حرص ولي العهد السعودي شخصياً على الإيعاز له بعدم دخول معركة مع الإماراتيين.
في المحصلة النهائية، وبحسب مصادر، فإن التنسيق في منع هادي من العودة إلى عدن جار وعلى أعلى مستوى بين السعودية والإمارات، وإن ما يجري في الجنوب جزء من هذا التنسيق والأيام القادمة كفيلة بإثبات مدى صحة ذلك.
مصادر سياسية في عدن، أكدت لـ«العربي» أن «شرعية هادي» وحكومته باتت محصورة في منطقة المعاشيق الرئاسية، ولا يوجد لها أي تحرك على مستوى المدينة، وإن نفذت أي زيارة لمرافق الدولة، تكون في نطاق مدينة كريتر التي يقع فيها قصر المعاشيق وأهم المرافق الحكومية المالية، البنك المركزي اليمني.
وتعود المصادر للتذكير بأنه «في الأسابيع الماضية قام رئيس الوزراء ومحافظ عدن عبد العزيز المفلحي، في أول زيارة رسمية إلى مبنى المحافظة الواقع في مديرية المعلا، ولم يسمح له بالدخول من قبل حراسة مبنى المحافظة المحسوبين على المحافظ السابق عيدروس الزبيدي، وأجبروهم على العودة إلى مقرهم في المعاشيق، حيث أصبح محافظ عدن المعين مؤخراً من الشرعية يزاول عمله من هناك».
وتؤكد المصادر أن «الشرعية» لم يعد لها أي نفوذ على الواقع أو أي سلطة تمارسها، وأصبحت بعد إقالة المحافظ السابق محصورة في المعاشيق، مع إصدار بيانات وقرارات من الرياض، الجميع يتمرد عليها، وإن نفذ بعضها تنفذاً شكلياً ونسبياً وسرعان ما يتم الانقلاب عليه بطريقة أو بأخرى.
على المستوى الأمني، تقول معلومات «العربي» إن القوة الأمنية في عدن مقسمة بين فصائل عديدة، ولا توجد أي جهة مسيطرة على الأرض بشكل واسع، ولكن الواضح أن الورقة العسكرية والأمنية في عدن لم يعد للرئيس هادي أي حضور فيها، إلا بشكل ضئيل، ولم يعد هادي يمتلك قدرة على تحريك وتوجيه أي قوة أمنية.
تساؤلات عدة تطرح وتوجه من قبل سياسيين ومراقبين، مضمونها: لماذا لا يخرج الرئيس هادي ويقول للشعب ماذا يحصل في المحافظات الجنوبية «المحررة»؟ وخصوصاً عدن؟
تجيب مصادر سياسية وعسكرية مطلعة على مجريات ما يحدث في عدن، لـ«العربي»، بالقول إن «هادي لن يعود إلى عدن، وإن عاد ستكون عودته كسابقاتها إلى قصر المعاشيق، وسيأتي الناس إليه لمقابلته بغرض التصوير والترويج عبر وسائل الإعلام، لكنه لا يستطيع تنفيذ أي شيء لصالح الدولة المؤسسية التي أصبحت ممزقة بين فصائل كثيرة في عدن».
وأما في ما يتعلق بفقدان فريق «الشرعية» للشارع الجنوبي ووقوف هذا الطرف الشعبي مع المجلس الانتقالي واستجابته وتأييده لكل تحرك يقوم به، فيرجع سببه طبقاً للمصادر إلى تمسك هادي بـ«حزب الإصلاح» وبقاء رموز «إخوانية» في واجهة «الشرعية» سياسياً وعسكرياً، وهذ لا يعجب الجنوبيين بفصائلهم المختلفة، وبالتالي ورغم اختلافهم إلا أنهم اتفقوا على أن يكونوا ضد «الشرعية» وضد كل ما يصدر عنها من قرارات تتعلق بالجنوب.
ويعتبر جنوبيون، في حديث إلى «العربي»، أن «الشرعية انتهت عندما قررت أن لا تعود إلى عدن، وعندما تركت الشعب يلاقي مصيره من الفقر والجوع والأوبئة وغياب الخدمات. وهذا جعل الناس في الجنوب غير قابلين بها والناس في الشمال قلقين من المغامرة معها»، ويضيف هؤلاء: «الشرعية اليوم موجودة في معسكرات علي محسن فقط، أما الشعب فتمرد عليها، والناس أصبحت تريد نهاية لهذه الحرب ولن تتحقق النهاية في ظل سيطرة الإخوان على قرارات الشرعية».
رؤية «الانتقالي»
وتقول مصادر سياسية مقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي، لـ«العربي»، إن رؤية المجلس الآن هي الاستمرار في تشكيل الضغط على «الشرعية» وعلى الجميع، بهدف أن يكون هذا المجلس الممثل الفعلي في أي مباحثات سلام أو تسوية سياسية قادمة، وبدون إشراك القوى المتواجدة على الأرض سينتهي أي حوار سياسي بالفشل تماماً، كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني حين أقحمت أسماء قيادات جنوبية لا تحرك الشارع في الجنوب، وكانت النتيجة هو تنصل الجنوبيين من المخرجات.
وأكدت المصادر أن الحديث عن الانفصال «قبل أوانه»، في نظر المجلس الانتقالي الجنوبي حالياً، فالجنوبيون يعلمون أن هناك آليات يجب أن تسلك. وفي تقدير المجلس الآن على مستوى المرحلة القادمة هو أنه ربما يتفق الجميع على دولة اتحاديه من إقليمين أو ثلاثة، ولكن لمجرد جلوس القوى المؤثرة في التسوية القادمة والخروج بحل «بحد ذاته سيكون جيداً»، وهو ما يتوقعه المجلس ويمضي على ضوئه. وأياً كانت مخرجات أي مفاوضات سياسية بوجود الأطراف المسيطرة على الأرض ستكون محط التزام أمام العالم، ومن الصعب إحداث خلاف وعدم تنفيذها والتهرب منها، وهذا ما يدور في نقاشات الانتقالي طبقاً للمصادر.
نهاية هادي تقترب؟
«العربي» تواصل مع مصادر سياسية في الرياض للاستفسار عن تقديرات «الشرعية» لما يجري في الجنوب، ولماذا الرئيس هادي لم يعد إلى عدن؟ وهل سيعود أم لا؟ في تقديرات هذه المصادر أن الرئيس هادي صار في ما يشبه «الإقامة الجبرية في السعودية»، وأن الرجل لم يعد باستطاعته مغادرة المملكة، بسبب مخاوف الرياض من عدم عودته إليها مرة أخرى، على حد تعبير المصادر.
ويشتكي هادي، وفق المصادر نفسها، منذ نحو عام على الأقل، من تجاهل السعودية لمطالبه، وخاصة في ما يتعلق بالدعم المالي واللوجستي للجيش المتواجد في الجبهات، وبصوت خافت يبلغ بعض زواره والمقربين منه بذلك، لكنه في المقابل لا يستطيع فعل شيء تجاه ذلك سوى الصمت حتى لا يجرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يعتبر فشل «عاصفة الحزم» فشلاً ذريعا له.
وتفيد معلومات بأن الإمارات لا تقوم وحدها بوضع العراقيل أمام عودة هادي إلى عدن، بل إن دوائر قريبة من الاستخبارات السعودية تحدثت إلى الإماراتيين سراً للقيام بوضع عراقيل أمام عودة هادي، للقول إن عودته لم تعد ممكنة وأن الوضع ليس آمناً. وتشير المعلومات إلى أن عودة الزبيدي إلى عدن والترتيب للمظاهرة تم بترتيب إماراتي سعودي.
وتكشف المعلومات أن السعوديين باتوا يتخوفون من عودة هادي إلى عدن أكثر من أي وقت مضى، وأنهم لم يعودوا يثقون باستجابته لهم في الآونة الأخيرة، فانعدام الثقة بين السعوديين وهادي أصبح متبادلاً، لأن هادي بات على يقين بأنه فقد البوصلة وخاصة بعد حرص ولي العهد السعودي شخصياً على الإيعاز له بعدم دخول معركة مع الإماراتيين.
في المحصلة النهائية، وبحسب مصادر، فإن التنسيق في منع هادي من العودة إلى عدن جار وعلى أعلى مستوى بين السعودية والإمارات، وإن ما يجري في الجنوب جزء من هذا التنسيق والأيام القادمة كفيلة بإثبات مدى صحة ذلك.