مسؤولٌ خليجيّ رسميّ رفيع: نحن و”إسرائيل” ننظر إلى المنطقة من منظورٍ متشابهٍ للغاية
متابعات| رأي اليوم| زهير أندراوس:
اصدر مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، الذي يُعتبر من أهّم مراكز الدراسات الإستراتيجيّة في إسرائيل، ولا يُخفى على أحد أنّ أبحاثه ودراساته تجد طريقها إلى دوائر صنع القرار في تل أبيب، دراسةٍ جديدةٍ تقول إنّ هناك فرق بنيوي كبير في الطريقة التي تنظر فيها كل إسرائيل والعرب إلى الخطوات باتجاه التطبيع، إسرائيل ترى فوائد عظيمة في تسليط الضوء على التعاون الاستخباري والعسكري والاقتصادي الذي سيدفع بالفعل باتجاه قبولها في المنطقة ويقلل الجهود الدولية المبذولة في عزلها ويحرر جزءًا من الضغوطات الممارسة عليها من أجل القيام بتنازلات أخرى لصالح الفلسطينيين، إسرائيل ستوسع شرعيتها الدولية من خلال إقامة علاقات رسمية مع الدول العربية الكبرى، وستجد الأعمال الإسرائيلية فرصًا جديدة في الأسواق العربية إذا أمكنها العمل هناك علانية.
لدى العرب، أوضحت الدراسة، في المقابل الديناميكا معكوسة، فتحويل التعاون من السريّة إلى العلن سيجبي منهم ثمنًا باهظًا، ولأنّ الدول العربية تحصل من إسرائيل على أغلب ما تريده بطريقة سرية فليس لديها دافع كبير لتوسيع العلاقات العلنية معها دون أنْ يكون لذلك سبب مهم. ولفتت الدراسة إلى أنّه حتى مصر والأردن، واللتان لهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتعاون أمني واستخباري موسع معها، من وراء الكواليس ترفض أنْ تبدو متصالحةً جدًا على الملأ طالما أنّ مواطنيها تعتبر تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين بكلّ هذه السلبية، كما أكّدت الدراسة.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّه في غياب التقدّم أوْ الفرصة الحقيقية بالتقدم في المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، يُبدي الكثيرون في إسرائيل مخاوفهم المتزايدة من العلاقات الناشئة في عموم العالم العربيّ، بدءً برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووصولًا إلى رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، وزعيم حزب (يش عتيد)، النائب يائير لبيد، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الكثيرين من القادة السياسيين الرواد يعتقدون بأنّ توحد المصالح المتزايد بين إسرائيل والدول العربية السنية، وسيما حول أهداف مثل كبح إيران ومحاربة التطرف الإسلاميّ، يُمكن أنْ يُستخدم كقاعدةٍ للتطبيع العربيّ الإسرائيليّ والإسهام في إحراز تقدّمٍ في القضية الفلسطينية التي طال أمدها، كما قالت الدراسة.
وشدّدت الدراسة على أنّ التقارب الاستراتيجيّ بين إسرائيل وعددٍ من الدول العربية غير قابل للشك، والتعاون من وراء الكواليس بينهم مثمر أكثر من ذي قبل. مع ذلك، قال مُعّد الدراسة، بعد أنْ أمضيتُ قسمًا كبيرًا من الأشهر الأخيرة في عواصم البلدان العربيّة وإسرائيل على حدٍّ سواء، وناقشتُ هذه القضية مع زعماء سياسيين وقادة دبلوماسيين ورجال أعمال وغيرهم، أعتقد بأنّ الآمال العريضة التي علقت على تحقيق التطبيع قبل الاتفاق مع الفلسطينيين تقوم على أساس تقدير خاطئ، على حدّ وصفه.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّ التقاء المصالح المتزايد والتقارب الاستراتيجيّ والتعاون السريّ بين إسرائيل وبين الكثير من الدول العربية يعتبر واقعًا، إسرائيل أصبحت بعيدة عن رأس سلم الأولويات الأمني كعدو بالنسبة للقادة العرب الذين يتقاسمون معها المخاوف العميقة فيما يخص إيران والإسلام المتطرف وعدم الاستقرار الإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّت الدراسة على أنّه من وراء الأبواب المغلقة يعترف هؤلاء الزعماء بأنّ إسرائيل لا تهددهم، وأنّ هناك مزايا إستراتيجية واقتصادية تكمن في التعاون الخفي معها. وحسب ما قاله مسؤول رسميٍّ كبيرٍ في الخليج لمُعّد الدراسة فيليب غوردون: نحن وإسرائيل ننظر إلى المنطقة من منظور متشابهٍ للغاية، الإسرائيليون لا يقتلون شعبنا، إيران والدولة الإسلامية يقومان بذلك، وحتى الملك السعودي سلمان، الذي لا يعترف بوجود إسرائيل بشكلٍ رسميٍّ، يعترف بأنّ إسرائيل هي حقيقة قائمة، بحسب تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ مُعّد الدراسة عمل سابقًا مستشارًا في البيت الأبيض في طاقم الأمن القوميّ، وكان مسؤولاً عن منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى عمله في وزارة الدفاع الأمريكيّة، وهو اليوم ينشر دراسات في مراكز أبحاث أمريكيّة وصحف، وانضمّ مؤخرًا إلى مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ كباحثٍ كبيرٍ ضيفٍ.