الجنوبيون أمام مفترق طرق: خيبة مستمرة… أو التمرد!
بعد عقد من الزمن، لا زالت «الثورة الجنوبية» تراوح مكانها، فلا «الإحتلال» زال، ولا «الثورة» تقدمت خطوة إلى الأمام، بل ربما تراجعت إلى الوراء خطوات، في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تتقدم أميالاً إلى الأمام، في عهد «عاصفة الحزم»، التي لم تحرر الجنوب من سطوة إرث تحالف 7 يوليو 1994م، بل أعادته إلى الواجهة من جديد بشكل أكثر بشاعة. فالرجلان اللذان كان لهما السهم الأبرز في غزو واحتلال الجنوب قبل ربع قرن، عادا إلى الجنوب بصفة «شرعية».
شرعية منحت الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي خاض القتال إلى جانب علي عبد الله صالح في الحرب ضد «الإنفصاليين»، العودة بفعل «العاصفة»، وقبلها المبادرة الخليجية، رئيساً للبلاد، فيما صنوهُ الجنرال علي محسن الأحمر عاد نائباً للرئيس. أما الرجل الثالث، حديث العهد بـ«الشرعية»، أحمد بن دغر، فعاد رئيساً للوزراء، مذكراً الجنوبيين بأيام الحديد والنار وصراعات الطغمة والزمرة تارة، ومتوعداً «المجلس الإنتقالي الجنوبي» تارة أخرى.
مفارقات سياسية راديكالية ظل الشارع الجنوبي يتجرعها على مضض منذ مرحلة ما بعد «تحرير عدن»، حفاظاً على ما قيل إنها «علاقة استراتيجية تربط الجنوب بالتحالف العربي»، مع الإستمرار في المطالبة بالالتفات لقضية الجنوب، وإن بنبرة خافتة، استحالت صمتاً تاماً عند الوصول إلى مرحلة من الشراكة النسبية بين الحراك الجنوبي و«الشرعية»، إثر تعيين أبرز قيادات «المقاومة» في مناصب عليا بالسلطة المحلية في عدن.
الحامل السياسي
ومع الإعلان عن تشكيل «المجلس الإنتقالي الجنوبي» في 21 مايو 2017م، استعاد الزخم الثوري الجنوبي بعضاً من عافيته، وسرى الأمل بأن يشكل المجلس «الحامل السياسي» الذي ظل غائباً ومشتتاً لسنوات، والذي سيمضي نحو إنجاز «الإستقلال» بدعم خليجي، لاسيما مع تبرع بعض الجنوبيين بخوض حرب إقليمية بالوكالة ضد ما يسمى «المد الفارسي» في جبهات الساحل الغربي.
ومع استمرار الحرب في البلاد، و«مخاتلة» الجبهات في الشمال، واقتراب الوضع من الإنفجار في الجنوب، علاوة على تداعيات الأزمة الخليجية مع قطر، بدأ المشهد السياسي في اليمن يتعقد بوتيرة متسارعة، خصوصاً في المحافظات الجنوبية، لاسيما مع «قرع» المُخرجين الإقليميين والدوليين الفاعلين أجراس إنهاء الحرب، وبدئهم في رسم الخط البياني التفاوضي الخاص بالتسوية السياسية، التي تُعدّ، على ما يبدو، من أولويات ولي العهد السعودي الجديد، محمد بن سلمان.
لكن التسوية الداعية للقبول بـ«سلام الشجعان»، على حد تعبير رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، لا تروق كثيراً لـ«شرعية» الرئيس هادي، التي طالما نظرت إليها شزراً، من منظار الخروج على «الثالوث المقدس» المتمثل في القرار الأممي رقم (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار اليمني. كما لا تروق أيضاً للجنوبيين الموعودين بـ«الانفصال»، دون أي ضمانات حقيقية من الرياض وأبوظبي.
فمسألة إنهاء عهد الوحدة اليمنية، وفصل الجنوب عن الشمال، لا تعدو كونها ورقة سياسية مؤجلة لدى «التحالف»، الذي لا يكترث كثيراً لهذه النقطة، بقدر ما يهتم بنقل حلبة الصراع باتجاه الجنوب لخوض جولات جديدة، والرهان على ورقة الإنفصال في مرحلة «كسر العظم» بين الأطراف اليمنية «الشرعية» وغير «الشرعية»، كما يقول بعض الجنوبيين.
خيبة أمل
ويبدو أن هذه القناعة ستترسخ أكثر لدى غالبية الجنوبيين، الذين صُدموا بالبيان الصادر عن «الإنتقالي» في فعالية المعلا، والذي صِيغ بلغة عقلانية، وغير عدائية، ولا تصادمية مع «الشرعية». فجاء خالياً من الإشارات التي كانت متوقعة حول إعلان «المجلس العسكري» المنبثق عنه، في حين أنه لم يأت بجديد على صعيد الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والخدماتي الذي تعاني منه عدن وبقية المحافظات «المحررة».
إذ اكتفى البيان، الذي لم يتجاوز أشكال الخطاب المهرجاني التقليدي والرسائل التطمينية، بتحميل حكومة هادي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في البلاد، في خطوة اعتبر مراقبون أنها أتت نزولاً عند رغبة «التحالف»، الذي استطاع كبح جماح المجلس الذي خضع لعملية ضبط المصنع في الخليج، لأكثر من شهر، قبل عودته مؤخراً. عودة قد يُقلب لها ظهر المجن جماهيرياً، على الأقل إن بقيت على هذا الحال، بفعل سخط الشارع الجنوبي الذي قد يخاطب يوماً ما «التحالف» بلغة الثائر الأردني، عُودة أبو تايه.
شرعية منحت الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي خاض القتال إلى جانب علي عبد الله صالح في الحرب ضد «الإنفصاليين»، العودة بفعل «العاصفة»، وقبلها المبادرة الخليجية، رئيساً للبلاد، فيما صنوهُ الجنرال علي محسن الأحمر عاد نائباً للرئيس. أما الرجل الثالث، حديث العهد بـ«الشرعية»، أحمد بن دغر، فعاد رئيساً للوزراء، مذكراً الجنوبيين بأيام الحديد والنار وصراعات الطغمة والزمرة تارة، ومتوعداً «المجلس الإنتقالي الجنوبي» تارة أخرى.
مفارقات سياسية راديكالية ظل الشارع الجنوبي يتجرعها على مضض منذ مرحلة ما بعد «تحرير عدن»، حفاظاً على ما قيل إنها «علاقة استراتيجية تربط الجنوب بالتحالف العربي»، مع الإستمرار في المطالبة بالالتفات لقضية الجنوب، وإن بنبرة خافتة، استحالت صمتاً تاماً عند الوصول إلى مرحلة من الشراكة النسبية بين الحراك الجنوبي و«الشرعية»، إثر تعيين أبرز قيادات «المقاومة» في مناصب عليا بالسلطة المحلية في عدن.
الحامل السياسي
ومع الإعلان عن تشكيل «المجلس الإنتقالي الجنوبي» في 21 مايو 2017م، استعاد الزخم الثوري الجنوبي بعضاً من عافيته، وسرى الأمل بأن يشكل المجلس «الحامل السياسي» الذي ظل غائباً ومشتتاً لسنوات، والذي سيمضي نحو إنجاز «الإستقلال» بدعم خليجي، لاسيما مع تبرع بعض الجنوبيين بخوض حرب إقليمية بالوكالة ضد ما يسمى «المد الفارسي» في جبهات الساحل الغربي.
ومع استمرار الحرب في البلاد، و«مخاتلة» الجبهات في الشمال، واقتراب الوضع من الإنفجار في الجنوب، علاوة على تداعيات الأزمة الخليجية مع قطر، بدأ المشهد السياسي في اليمن يتعقد بوتيرة متسارعة، خصوصاً في المحافظات الجنوبية، لاسيما مع «قرع» المُخرجين الإقليميين والدوليين الفاعلين أجراس إنهاء الحرب، وبدئهم في رسم الخط البياني التفاوضي الخاص بالتسوية السياسية، التي تُعدّ، على ما يبدو، من أولويات ولي العهد السعودي الجديد، محمد بن سلمان.
لكن التسوية الداعية للقبول بـ«سلام الشجعان»، على حد تعبير رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، لا تروق كثيراً لـ«شرعية» الرئيس هادي، التي طالما نظرت إليها شزراً، من منظار الخروج على «الثالوث المقدس» المتمثل في القرار الأممي رقم (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار اليمني. كما لا تروق أيضاً للجنوبيين الموعودين بـ«الانفصال»، دون أي ضمانات حقيقية من الرياض وأبوظبي.
فمسألة إنهاء عهد الوحدة اليمنية، وفصل الجنوب عن الشمال، لا تعدو كونها ورقة سياسية مؤجلة لدى «التحالف»، الذي لا يكترث كثيراً لهذه النقطة، بقدر ما يهتم بنقل حلبة الصراع باتجاه الجنوب لخوض جولات جديدة، والرهان على ورقة الإنفصال في مرحلة «كسر العظم» بين الأطراف اليمنية «الشرعية» وغير «الشرعية»، كما يقول بعض الجنوبيين.
خيبة أمل
ويبدو أن هذه القناعة ستترسخ أكثر لدى غالبية الجنوبيين، الذين صُدموا بالبيان الصادر عن «الإنتقالي» في فعالية المعلا، والذي صِيغ بلغة عقلانية، وغير عدائية، ولا تصادمية مع «الشرعية». فجاء خالياً من الإشارات التي كانت متوقعة حول إعلان «المجلس العسكري» المنبثق عنه، في حين أنه لم يأت بجديد على صعيد الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والخدماتي الذي تعاني منه عدن وبقية المحافظات «المحررة».
إذ اكتفى البيان، الذي لم يتجاوز أشكال الخطاب المهرجاني التقليدي والرسائل التطمينية، بتحميل حكومة هادي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في البلاد، في خطوة اعتبر مراقبون أنها أتت نزولاً عند رغبة «التحالف»، الذي استطاع كبح جماح المجلس الذي خضع لعملية ضبط المصنع في الخليج، لأكثر من شهر، قبل عودته مؤخراً. عودة قد يُقلب لها ظهر المجن جماهيرياً، على الأقل إن بقيت على هذا الحال، بفعل سخط الشارع الجنوبي الذي قد يخاطب يوماً ما «التحالف» بلغة الثائر الأردني، عُودة أبو تايه.