لا أثر لـ«مكرمة سلمان»: «تبخّرت» كسابقاتها؟
منذ الوهلة الأولى لهذا الإعلان عن «المكرمة»، وتكليف علي محسن الأحمر، أمر الإشراف على صرفها، ذهب الجميع تقريباً نحو الحديث عن التلاعب بها ونهبها، خصوصاً وأن من سُلمت لهم يمارسون فساداً غير مسبوق بحق الأحياء، فما بالك بالأموات الذين هم في القبور؟ فقيادات «الشرعية» متورطة في فساد مالي وإداري، يبدأ من التوظيف، مروراً بنهب اعتمادات وموازنات تحت بنود ومسميات كثيرة، وصولاً إلى نهب مستحقات طلاب يمنيين يدرسون في بعض دول العالم، جعلها محل عدم ثقة.
ومنذ يوم الإعلان عن «المكرمة»، والأسر المعنية تترقب بلوغها «ليلة القدر» وتسليمها «المكرمة» التي أُعلن عنها؛ إذ إن جميع العوائل تمر بظروف صعبة يعلمها الجميع. إنتهى رمضان و«المكرمة» لم تصل. مر العيد وسيشارف على مروره أسبوع و«المكرمة» لم تصل. وحتى كتابة هذا التقرير، الجميع يسأل عن مصير «المكرمة»، في شتى وسائل التواصل، من بينها وسائل التواصل الإجتماعي، التي يتساءل الكثيرون فيها عن «المكرمة»، ويقولون بأن لا جديد وصلهم عنها، وبأنهم لا يعلمون شيئاً عن أي إجراءات اتُخذت أو ستُتخذ من قبل اللجان المكلفة بالصرف. وكثيرة هي الأسر التي تعيش في قلق بالغ، خشية سقوط أسماء أبنائها من كشف «المكرمة»، التي لم تعلن الحكومة حتى الآن عن كيفية صرفها، ومن سيحظون بها، ومن أين سيبدأ الصرف، وأين ستنتهي؟
أسئلة كثيرة تدور حول هذه «المكرمة»، وحول المحسوبية، والآلية التي سيتم اعتمادها على مستوى الجنوب، وعلى مستوى الشمال: هل سيتم اعتماد كل «شهداء الجنوب» و«شهداء الشمال» في المكرمة، أم أن «الشهداء» سيتم تجاهلهم، وسيتم إعداد كشوفات بأسماء الأحياء بدلاً من «الشهداء»؟ على مستوى الجنوب، عبر عدد من الصحافيين الجنوبيين عن استيائهم الشديد من اتخاذ «الشرعية» قراراً بتكليف من سموه «جنرال الحرب»، والذراع العسكري لحزب «الإصلاح» (إخوان اليمن)، علي محسن الأحمر، بالإشراف على لجان صرف المكرمة، متوقعين «نهبها وحرمان أسر الشهداء منها». ويذهب البعض إلى القول إن «الذين نهبوا مكرمة الأحياء لن يقصروا مع الأموات».
الصحافي، فتحي بن لزرق، رئيس تحرير موقع وصحيفة «عدن الغد»، وفي منشور له في صفحته على «فيسبوك»، قال: «السعودية أمرت بـ150 مليون ريال سعودي مكرمة لأسر شهداء وجرحى الحرب في اليمن، أمر كهذا محمود لكن أن تُسلّم لعلي محسن الأحمر هذه الأموال فهنا وجه الغرابة». وتساءل بن لزرق: «هناك صندوق خاص بأسر الشهداء والجرحى شُكّل عقب الحرب، وأصدر به الرئيس هادي قراراً، فلماذا تُسلّم هذه الأموال لعلي محسن الأحمر؟» ورأى أن «الحقيقة المرة أن شهداء الجنوب وشهداء تعز لن ينالهم شيء من هذه الأموال، وسيذهب بعضها لأتباع محسن، وسيتم استخدام هذه الأموال في تمويل الصراع السياسي الداخلي في اليمن وفي داخل المناطق المحررة، وهذا أمر مؤسف».
وعلق الكاتب الصحافي، باسم الشعيبي، من جهته، على الأمر، بصورة ساخرة من تكليف الأحمر، قائلاً إنه «سوف يفتح الطريق أمام نهب تلك المكرمة عن طريق تزوير أسماء الشهداء»، مضيفاً أنه «بعد التكليف، توقعوا أن يكون اسم الصحافي الإخواني، أنيس منصور، ضمن الشهداء».
في المقابل، أرجعت مصادر مقربة من حكومة بن دغر، في حديث إلى «العربي»، تأخر صرف «المكرمة» إلى «مماطلة الحكومة اليمنية في صرفها خلال الأشهر الماضية». وقالت المصادر إن «مكرمة الملك للجرحى وأسر الشهداء سُلمت للحكومة اليمنية قبل نصف عام، وأعلن بن دغر استلامها نهاية رمضان قبل استكمال إجراءات صرفها للجان المختصة». وأضافت: «وقع رئيس الوزراء أمر صرف للمالية قبل العيد بيومين، وسيتم صرفها قريباً وفق ما تقرره لجان مختصة مشكلة من رئيس الأركان وقادة المناطق والدوائر العسكرية المختصة».
وأشارت إلى أن «تأخير الحكومة بصرفها خلال الأشهر الماضية تسبب في حرمان الجرحى وأسر الشهداء من إكرامية ملكية ثانية كان يفترض استلامها نهاية رمضان»، موضحة أن «الإكرامية الملكية ستوزع للشهداء والجرحى المعاقين فقط، وليس لجميع الجرحى، بناء على الكشوفات المرفوعة مسبقاً من المناطق والمحاور العسكرية».
ويتوقع ناشطون يمنيون حدوث تلاعب في عملية صرف «المكرمة»، بعد استقطاع اللجان الحكومية مبالغ من مرتبات «الشهداء» والجرحى، وإسقاط بعضهم من الكشوفات. «العربي» تواصل مع مصادر في تعز، لمعرفة ما إذا كانت هناك كشوفات ترفع بأسماء «الشهداء» أو الجرحى، وما إذا كان هناك أي إجراءات بشأن «المكرمة»، فأكدت المصادر عدم وجود إجراءات من هذا النوع، «ولا كأن هناك مكرمة، وعشرات الآلاف من أسر الشهداء تترقب وصولها».
وفي مدينة عدن، نشرت إدارة أمن عدن، قبل ساعة من كتابة هذا التقرير، توضحياً يقول إن «ما تم تداوله في منشورات منسوبة إلى إدارة أمن عدن يدعو أسر الشهداء للحضور إلى مبنى الإدارة لاستلام مكرمة الملك سلمان ليس صحيحاً، وصادر عن مطابخ معادية، وصل بها الإنحطاط حد التلاعب بمشاعر أسر الشهداء عليهم رحمة الله عليهم، ولذا وجب التنويه».