«الغارديان»: مصير محمد بن نايف
وبالنظر إلى كون وزير الداخلية السعودي السابق، أحد «أكثر المسؤولين الأمنيين تأثيراً» في المملكة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وارتباطه «الوثيق» بأجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية، شددت الصحيفة على أن علاقات بن نايف بالحلفاء الدوليين للسعودية «أكثر عمقاً واتساعاً» من تلك التي يمتلكها بن سلمان، مرجحة أن يكون ذلك هو «العامل المحتمل» خلف قرار إبقاء بن نايف «معزولاً لحين اكتمال عملية تداول السلطة». وفي سياق متصل، أبرزت «الغارديان» صورة ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان، مقبلاً يد ابن عمه في إطار حرص العائلة الحاكمة على تقديم مشهد تسلم وتسليم «سلس» للصلاحيات والسلطات.
وعادت «الغارديان» إلى ما جاء في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فيما يخص تغيير أطقم حراسة محمد بن نايف داخل قصره في جدة، حيث يقيم وأفراد أسرته، بآخرين «موالين لبن سلمان». كما لفتت إلى حديث أحد المسؤولين السعوديين حين قال «إن تنافس الثنائي (بن نايف وبن سلمان) في الفترة التي سبقت التغيير أدت إلى تآكل الثقة» بين الأميرين، دون أن يصل الأمر إلى حد «سحب الخناجر» ضد بعضهما البعض، مشدداً على أنه «بات من الواضح أن نجل الملك لديه المؤهلات والمكانة التي يجب توافرها في ولي العهد، وأن الجميع يمكن أن يرى ذلك»، مع ترجيحه فرضية أن ولي العهد الجديد لا يريد لسلفه أن يتوجه إلى واشنطن، وهو في مزاج سيء، أو أن يطلع أحداً، حتى حلفاء (الرياض) في العواصم الغربية، على «أسرار الدولة». ووفق ما أدلى به المسؤول السعودي، فإن السماح لبن نايف بالمغادرة في هذا المزاج «الساخط» على
الخطوات المتخذة بحقه، «ينطوي على الكثير من المخاطرة، في مثل هذا التوقيت» الحرج.
واعتبرت الصحيفة أن الطريقة التي سوف يتعامل بها ولي العهد السعودي السابق مع الإجراءات المشار إليها في سبيله «للخروج منها»، أسوة بـ«دسائسه السياسية» في أوساط العائلة الحاكمة للرد عليها، سوف يكون «محط أنظار كل من حلفاء الرياض وخصومها» في الفترة المقبلة، حيث يرجح أن يكون موضع ترحيب في العواصم الغربية، في حال مغادرته للبلاد، وفق «الغارديان».
إلى ذلك، رأت الصحيفة أن «الاضطراب» الناجم عن عزل بن نايف من ولاية العهد، يتزامن مع «سلسلة من التحركات المذهلة» من المملكة التي جرت العادة أن تكون «حذرة» في سلوكها الخارجي، لافتة إلى قيام الرياض في عهد الملك سلمان بـ«إعادة هيكلة» علاقاتها مع الولايات المتحدة في عهد ترامب، و«مواصلة حربها في اليمن» للعام الثالث على التوالي، إضافة إلى «فتح النار الديبلوماسية» ضد قطر، ناهيك عن التحديات المحدقة بـ«مخططات الإصلاح الاقتصادي والثقافي الطموحة» في الداخل، لا سيما وأن العاهل السعودي «أطلق يد نجله» في هذه الملفات، الأمر الذي تسبب في صعوده السريع.
وعلى ضوء إيلاء ملف الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في عهد الملك سلمان أهمية قصوى، توقفت الصحيفة عند مساعي السلطات السعودية الرامية إلى إدخال «أخلاقيات العمل» في بلد تلعب فيها القوة العاملة الأجنبية والوافدة دوراً غير متناسب في الاقتصاد القومي. وفي معرض التعليق على الإصلاحات الجارية في المملكة، أوضح مسؤول سعودي رفيع قائلاً «إن ما يجري يعد ثورة ثقافية» في المقام الأول، أكثر من كونه «إصلاحاً إقتصادياً». أما بخصوص موقف بن نايف من تلك القضية، فقد أوضحت أنه «لم يعترض على برنامج الإصلاح»، إلا أنه «حثّ على اتباع مسار أكثر دقة وحذراً»، طبع الإصلاحات التي سبق للسعودية أن قامت بها على مدى عقود، ناقلة عن المسؤول السعودي قوله إن وزير الداخلية السابق اضطلع بدور «الشرطي السيء»، في إشارة إلى نهجه الأمني المتشدد، دون أن «يكون لذلك دور في الإطاحة به»، وأن تنحيته جاءت فقط لأنه كان «يقف في طريق» بن سلمان.