قال موقع «دايلي بيست» إن ما تقوم به قوات «النخبة» الموالية للإمارات في اليمن من ممارسات، يطرح «مخاوف حول اختيار الولايات المتحدة لشركائها في الحرب ضد التطرف الإسلامي». ونقل الموقع الإلكتروني عن شهود عيان، وناشطي في مجال حقوق الإنسان مشاهداتهم لمداهمة عناصر من تلك القوات لمنازل المدنيين ليلاً بين حين وآخر، واعتقال العديد منهم، وذلك دون إبلاغ الأهالي «بأي معلومات حول مصير أبنائهم»، مشيراً إلى ما خلص إليه تقرير لجنة خبراء أممية بشأن مخاطر تفشي «حالات الاختفاء القسري» المسجلة في جنوب شرق اليمن، حيث تتواجد الإمارات العربية بقوة في مناطق كمدينة المكلا، التي تعد سيطرة حكومة هادي فيها «إسمية» فقط. وبحسب «دايلي بيست»، فإن تعدد الفاعلين العسكريين على الأرض اليمنية، من تنظيمات وحكومات، يصعب مهمة الآباء للبحث عن أبنائهم، ويجعل الحكومة المحلية تبدو في وضعية «العجز». «فلا توجد سلطات رسمية يمكن التحدث إليها» في هذا الملف، وفق ما أفاد أحد أفراد أسر المعتقلين لدى “النخبة”، مضيفاً أن «الإمارات تملك الكلمة الفصل». وفي هذا الإطار، أوضح الموقع حجم الاستياء الشعبي جراء غياب الجهة المخولة النظر في شكواهم حيال هذا القضية، لافتاً إلى أن أهالي المعتقلين، ورغم «خوفهم من العواقب»، قاموا بتشكيل لجنة لمتابعة القضية، نظمت «تظاهرات رمزية»، ورفعت «رسائل مفتوحة» إلى السلطات اليمنية، والإماراتية.
وأشار تقرير «دايلي بيست»، الذي حمل تساؤلاً مفاده: «هل يقف هذا الحليف لأمريكا خلف عمليات التعذيب وحالات الاختفاء القسري؟»، إلى الاتهامات الموجهة لقوات «النخبة»، التي أنشئت لطرد تنظيم «القاعدة» من مدينة المكلا، بخصوص احتجاز المعتقلين لديها في «سجن سري» في مطار الريان، الواقع في القسم الجنوبي من اليمن، حيث يصار إلى الزج بالمعتقلين في حاويات شحن معدنية، تفوق درجة الحرارة داخلها 50 درجة مئوية، مشبهاً تلك الممارسات، التي تشمل ممارسة «التعذيب الجسدي»، و«المعنوي»، والرامية إلى «استجواب معتقلي القاعدة»، بما كان يتعرض له معتقلو «غوانتانامو»، و«السجن السيء السمعة» الذي كانت تديره الولايات المتحدة في أبو غريب داخل العراق، وهي ممارسات تتفاوت مستويات تأييدها في أوساط السكان المحليين، لا سيما وأن بعضهم يبرر منطق التعامل مع التنظيم المتشدد الذي «كان يسيطر على كل شيء» في المكلا، وفق الموقع الإلكتروني. أما عن العدد الإجمالي للمفقودين في المكلا، ومناطق يمنية أخرى، فقد أشار الموقع إلى أنه يقدر بمئات الأشخاص، معظمهم ما زال قيد «الاختفاء القسري».

وفي سياق متصل، أورد «دايلي بيست» أن اللجنة الأممية المشار إليها قد أجرت تحقيقاً في ست حالات اختفاء قسري في اليمن بين شهري أبريل، ونوفمبر من العام الماضي، لتخلص إلى أن خمسة من الرجال الذين جرى اعتقالهم «لا علاقة لهم بتنظيم القاعدة»، فيما كان أحدهم «تاجراً مرموقاً قام ببعض الأعمال التجارية لصالح التنظيم». إضافة إلى اعتقال «النخبة» للكثيرين بتهمة التعاون مع تنظيم «القاعدة»، لفت الموقع الالكتروني الأمريكي إلى اعتقال آخرين بتهمة الانتماء إلى «حزب الإصلاح» المحسوب على تنظيم «الإخوان المسلمين».
وبالإشارة إلى مشاركة الإمارات العربية المتحدة في الحملة الجوية على اليمن منذ مارس عام 2015، ودورها في «التنسيق مع الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، مذاك، لفت الموقع الالكتروني إلى التساؤلات المطروحة بشأن وجود «تواطؤ» أمريكي مع أبو ظبي إزاء هذه القضية، وبشأن «استخدام واشنطن معلومات استخبارية مستقاة من الإمارات، من أجل توجيه الغارات الجوية» هناك. فوفق ما أدلى به أليكس مورهيد، لـ «دايلي بيست»، «إذا صحت مزاعم حصول انتهاكات في المعتقلات الخاضعة لسيطرة الإمارات العربية المتحدة (داخل اليمن)، فإن الأمر يطرح علامات استفهام عما إذا كانت المعلومات الاستخبارية التي يتم استخراجها من المعتقلين تحت التعذيب، يجري تشاركها مع الولايات المتحدة، ليصار إلى استخدامها» من جانب الأخيرة في «عملياتها الخاصة، ضمن إطار الحرب على الإرهاب». وتابع مدير معهد حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا حديثه بالقول إنه يتعين على واشنطن أن تشعر «بالقلق» إزاء ممارسات القوات الموالية للإمارات، مطالباً بتقديم إجابات حول “مدى تورط الولايات في عمليات الاعتقال” التي تقوم بها قوات «النخبة»، وبـ «إبداء الشفافية بشأن المساعدة المقدمة للإمارات، وقواتها الرديفة في اليمن». بدورها، حذرت الباحثة في مشروع «الديمقراطية في الشرق الأوسط»، ندوة الدوسري من «التداعيات العكسية» بشأن وقوف واشنطن المحتمل خلف عمليات الاختفاء القسري داخل اليمن، مشيرة إلى «الدور الحاسم» للمجتمع المحلي في إطار جهود «مكافحة الإرهاب»، ومحاربة التنظيمات المتشددة، مثل تنظيم «القاعدة»، الذي تم دحره من مدينة المكلا بعد «توسط وجهاء القبائل المحلية»، لدى التنظيم من أجل إقناعه بمغادرة المدينة العام الماضي. وزادت الدوسري ان «جهود الوساطة المشار إليها يمكن أن تكون فعالة فقط في الحالات التي تحظى بها بدعم المجتمع» من قبائل، وعائلات، وغير ذلك، داعية واشنطن إلى الاستثمار في جهود «إعادة تأهيل» البنى التحتية، و«إرساء حكم القانون» داخل المكلا.
واستغرق «دايلي بيست» في شرح علاقة واشنطن مع «شريكها المفضل» في أبو ظبي، الملقبة بـ «اسبارطة الصغرى»، في إشارة إلى الروح العسكرية التي اتسمت بها المدينة اليونانية القديمة، على غرار الإمارة الخليجية، مع لحظ «تطوير الأخيرة لمنظومتها العسكرية»، وقيامها «بشراء معظم أسلحتها» من شركات أسلحة أمريكية، بشكل يكفل تحقيق «التوافق (التشغيلي) السلس» مع القوات الأمريكية في أفغانستان، وبلدان أخرى. أكثر من ذلك، «فقد ضخت الإمارات العربية المتحدة خلال الأعوام الأخيرة، استثمارات ملحوظة بغرض تحسين صورتها في الشرق الأوسط»، كما أن جارد كوشنير، صهر دونالد ترامب، والذي يشغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي لسياسة الشرق الأوسط «طلب مشورة» السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، وليس سفير دولة أخرى من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، إضافة إلى كون أبو ظبي لجأت إلى إحدى فرق مشاة البحرية الأمريكية من أجل تدريب قوات «الحرس الرئاسي الإماراتي»، وتعاونت مع وحدات أمريكية من أجل القيام بهجوم المكلا في اليمن، في يناير الفائت.