كل ما يجري من حولك

بين الاستقلال والانجرار.. دول حائرة في أزمة قطر

564

متابعات| البديل:

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين السعودية والإمارات والبحرين من ناحية، وقطر من ناحية أخرى، لاتزال بعض الدول العربية والخليجية تحاول النأي بنفسها عن الأزمة؛ فبعضها يحاول تأدية دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة، وبعضها الآخر، فضّل التزام الصمت، على رأسها سلطنة عمان والكويت والأردن.

على خلفية الأزمة التي تشهدها منطقة الخليج العربي بعد قطع الإمارات والسعودية والبحرين واليمن ومصر وليبيا وجزر المالديف علاقتها بقطر أمس الاثنين، انطلقت التصريحات والمواقف العربية والغربية التي تدين تارة أسلوب التعامل مع الدوحة، وترحب تارة أخرى بالإجراءات العقابية، إلا أن دولًا عربية وخليجية قريبة من منطقة النزاع التزمت الصمت، حتى أنها لم تخرج ببيان يرحب أو يدين الأزمة المشتعلة، وحاولت النأي بنفسها عن موجة التصريحات المهاجمة للطرفين المتنازعين، مثل الأردن والكويت وسلطنة عمان.

الأردن

رغم أن المملكة لا تقع في المربع الخليجي، لكنها أنها قريبة جدًا من منطقة الأزمة، خاصة أن لها حدودا مشتركة مع المملكة العربية السعودية، صاحبة الكلمة العليا في النزاع الخليجي، إلا أن الأردن اختارت التريث والتفكير بجدية في قطع العلاقات مع قطر، حيث امتنعت عمان عن اتخاذ موقف متهور أو الانجرار إلى الصراع الخليجي والسير على شاكلة السعودية والإمارات.

وفي الوقت نفسه، تحرك ملك الأردن محاولا تهدئة الأوضاع في المنطقة، حيث أجرى الديوان الملكي الأردني مشاورات حول الأزمة مع القصر الأميري في الكويت، عشية إعلان وكالة الأنباء الرسمية “بترا” أمس الاثنين، أن الملك الأردني، عبد الله الثاني، سيتوجه اليوم الثلاثاء، إلى دولة الكويت، للقاء أميرها صباح الأحمد الجابر الصباح، وخلال الزيارة سيجري مباحثات تتناول العلاقات بين البلدين والتطورات الراهنة في المنطقة، لكن بعد ساعات من نشر نبأ الزيارة، خرجت الوكالة الرسمية مجددًا معلنة إلغاء الزيارة، وأن الملك طلب نشر خبر الإلغاء وحذف خبر الزيارة، دون ذكر أي أسباب.

بعض المراقبين أرجع إلغاء الزيارة إلى ضغوط سعودية إماراتية مورست على المملكة الهاشمية للامتناع عن التدخل في الأزمة، حيث أكد مصدر مطلع إن الحكومة الأردنية مضطرة للتفكير في الموضوع بجدية وتجري اتصالات مع كل الأطراف، في الوقت الذي تطالبها السعودية خلف الستارة بموقف مماثل لمحاصرة قطر سياسيًا ودبلوماسيًا تمهيدًا لإخضاعها لبند عقابي ضمن ميثاق الجامعة العربية.

سلطنة عمان

الموقف العماني كان ولايزال سيد نفسه، حيث عُرف السلطان قابوس بن سعيد، بانتهاج سياسة مستقلة ومنفصلة عن السياسة الخليجية التي تعتبر امتدادا للسياسة الأمريكية الصهيونية، وهو ما ظهر مرارًا في الكثير من الأزمات الدبلوماسية التي دخلتها المملكة السعودية وحاولت جر باقي الدول الخليجية فيها، فكانت مسقط دائمًا تغرد خارج السرب الخليجي، ونأت بنفسها عن النزاعات السياسية وحرب المصالح والنفوذ الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أثار مرارًا سخط الرياض وأبوظبي، خاصة حينما يتعلق الأمر بقرارات إجماع في مجلس التعاون الخليجية أو جامعة الدول العربية.

لم يختلف موقف مسقط كثيرًا في الأزمة الراهنة بين الدول الأربع وقطر عن مواقفها السابقة؛ كعادتها غردت خارج سرب الخلافات من خلال زيارة وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى الدوحة، حيث التقى نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأجرى الوزيران مباحثات واستعرضا العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها، بالإضافة إلى الأمور ذات الاهتمام المشترك.

الكويت

تتخذ الكويت دائمًا دور الوسيط السياسي والدبلوماسي، وهو ما فعلته أيضًا في الأزمة الراهنة؛ حيث امتنعت تمامًا عن الإدلاء بأي تصريحات أو إعلان موقفها الرسمي من قطع الدول الخليجية ومصر علاقاتهم بقطر، لتضطلع بدور الوساطة فقط، خاصة أن الدوحة والكويت تربطهما اتصالات ومباحثات عميقة منذ بداية الأزمة، ففي نهاية مايو الماضي زار أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، دولة الكويت لمدة ساعات قليلة، التقى خلالها أمير البلاد، صباح الأحمد الجابر الصباح، وتزامنت الزيارة مع انطلاق حملة الانتقادات التي شنتها وسائل إعلام سعودية وإماراتية ضد قطر، وبعد أيام من الزيارة الأولى، زار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، قطر والتقى أميرها، في الوقت الذي كانت فيه الحملة السعودية الإماراتية ضد قطر على أشدها.

دور الوسيط ليس جديد على الكويت وعمان؛ حيث سبق أن لعبته الدولتين قبل 3 أعوام، بعد أزمة سحب السفراء التي اندلعت في مارس عام 2014، عندما سحبت كل من السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من قطر، على خلفية تعاطي كل منهم مع الأزمات الإقليمية في مصر وسوريا واليمن، وانتهت بعودة السفراء للدوحة في نوفمبر من العام ذاته.

مواقف الدول الثلاث التي اختارت أن تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المتنازعة، تشير إلى تشرذم الموقف الخليجي؛ فلم تعد الدول الخليجية جميعها متوحدة حول الموقف السعودي كما كان سابقًا، خاصة بعدما أدركت هذه الدول أن الرياض تتحرك بأياد أمريكية لإرضاء الحليفة الصهيونية، وإن كان على حساب جيرانها، الأمر الذي دفع بعض المحللين والمراقبين إلى التوقع بأن يتم إفشال المخطط السعودي الإماراتي البحريني، الذي ينضوي على محاولات حشد التأييد الخليجي لمزيد من العقوبات ضد الدوحة في الاجتماع المقبل لمجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية، وهو المخطط الذي اتضح مؤشراته من خلال استقبال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج، عبد اللطيف بن راشد الزياني، في مكتبه بقصر السلام في جدة، اليوم الثلاثاء.

You might also like