الأزمة القطرية السعودية.. ليس هناك ما يطمئن؟!
متابعات | تقارير | المسيرة نت
دخلت الازمة بين قطر والسعودية منحى خطيرا، وتجاوز الخلاف المستعر بشكل مفاجئ، سور السياسة الى حائط الانساب والاعراض بعد ان أقدم 200 داعية سعودي ينتسبون لأسرة الداعية ومؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب، أمس الاحد على استهداف ال ثاني حكام الدوحة في انسابهم، ووقعوا عريضة انكار صلتهم بمحمد عبد الوهاب الذي يتفاخر ال ثاني بالانتساب اليه واقاموا جامعا كبيرا باسمه في الدوحة.
بين غبار الازمة القطرية السعودية الكثيف ثمة امران لم يجر التطرق اليهما في وسط المعمعة التي دخلتها الازمة الناشبة بشكل سريع جدا وحدية غير مسبوقة، وهو ان السعودية المهزومة في ميادين سوريا واليمن والعراق تبحث عن جائزة ترضية تحفظ ما تبقى من ماء وجهها وهيبتها في المنطقة، وليس هناك أسهل من استثارة الخلاف السعودي القطري المتجذر كلما لاحت فرصة او حاجة لذلك.
والامر الاخر، ان سيناريو الازمة الحالية جرى اعداده لتبرير نقل قاعدة العيديد الامريكية غرب الدوحة الى السعودية او الامارات – تعد الدوحة نقل القاعدة الامريكية انكشافا لظهرها امام أطماع الرياض الراغبة في اندفاع امريكي لا العكس- في إطار التحضر لمواجهة إيران عسكريا كما تروج لذلك إدارة ترامب وأركان ادارته والنظام السعودي، فالقاعدة التي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية لم تعد مؤمنة بالكامل من الصواريخ والقدرة العسكرية الايرانية التي تعاظمت مؤخرا، ولا يكاد شهر يمر دون وقوع حادثة تحرش بين القطع البحرية الإيرانية والأمريكية في مياه الخليج ،وفي كلا الامرين ليس هناك ما يطمئن الدوحة.
تفجرت الازمة عقب تصريحات لأمير قطر لا يعتبر فيها إيران عدوا للامة الإسلامية وفق التصنيف الأمريكي السعودي فيما سمي القمة العربية الإسلامية الامريكية بالرياض، ورغم ان الكويت وعمان كانتا اول المهنئين الا انهما لم تقابلا بردة الفعل عينها
تنظم أبو ظبي الى الرياض في الازمة الحالية، وتختلف مع الدوحة بشأن احتضان الأخيرة لجماعة الاخوان المسلمين التي تناصبها العداء، وتتهمها أبو ظبي بمحاولة تنفيذ انقلاب في الدولة، وينعكس هذا التوجه عمليا في الولوج الى اتون الازمة القطرية السعودية وحجب المواقع الإعلامية القطرية وقناة الجزيرة التي تبث من الدوحة، كما ينعكس الخلاف صراعا مسلحا بين حلفاء الامارات والاخوان في جنوب اليمن.
سرعة رد الفعل السعودي الإماراتي، واستمرار الهجوم الإعلامي من قبل الدولتين على قطر رغم نفيها التصريحات، دفع سياسيون إلى القول بأن الاختراق كان مدبرًا لخلق نزاع بين المحور الخليجي، حيث رجح بعض الخبراء أن يكون مُخترق وكالة الأنباء القطرية موجود في استديوهات قناة “العربية”، حيث كان يجري بث الخبر على الوكالة القطرية وعلى قناة العربية في ذات الوقت، ناهيك عن وجود مُحلل سياسي في ذات اللحظة للتعليق على الأخبار.
وعلقت صحيفة المصريون بالقول، لا يبدو صعباً الاستنتاج أن الجهة التي قامت بالاختراق وفبركة الخطاب هي من داخل المطبخ الذي أدار هذه الحملة الإعلامية التي بدا بوضوح أنها مُعدة سلفاً وانطلقت بعد دقائق معدودة من نشر الخطاب المفبرك، وكان مقدمو البرامج متأهبين والضيوف على الهواتف مستعدين والتقارير التلفزيونية مُعدة والصحف جاهزة بالمانشيتات والمقالات والكاريكاتيرات – رغم أن الموعد المعتاد لطباعة هذه الصحف يسبق الموعد الذي نُشر فيه الخطاب المفبرك.
واذا ما صح هذا الامر فذلك يعني ان السعودية لم توفر الوقت بعد عودتها الى الحضن والحظوة الامريكية في الشروع بالانتقام من الدوحة “ال ثاني” على خلفية مواقفها ابنان ثورات الربيع العربي ،ومحاولة انتزاع الدور السعودي في المنطقة بدعم الادارة الديمقراطية في البيت الابيض آنذاك ، قبل ان يقوم الامريكيون بإزاحة الامير الاب حمد بن خليفة ال ثاني واركان حكمة.
وبدورهم يجهد المحللون السعوديون ووسائل اعلام الرياض لدحض فكرة ان يكون الخلاف مفتعلا، ويعيدون التأكيد في كل مرة بان الخلاف طفا على السطح وانفجر بعد قمم الرياض، وفي هذا السياق تورد جريدة عكاظ سلسلة من التصرفات القطرية ،بينها أن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، زار بغداد فجأة وقبل قمة الرياض بأيام معدودة، والتقى أحد القادة العسكريين النافذين في الاستراتيجية الإيرانية، الجنرال قاسم سليماني.
كما ان لهجة وسائل الإعلام القطرية تغيرت خلال الفترة الأخيرة؛ حيث غطت قناة “الجزيرة” الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أجريت في 19 مايو الجاري، بعدما أصدرت السلطات الإيرانية 39 فيزا لمندوبين في المؤسسات الإعلامية والبحثية القطرية، وغطت الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي انتقد فيه قمم الرياض بشكل لاذع، وباتت أكبر القنوات الإعلامية القطرية “الجزيرة” تستخدم تعبير “الجيش العربي السوري” بدلًا من “الجيش النظامي”، وتوقفت عن النيل من “حزب الله”.
ومن جانبه علق امير قطر على استمرار الهجوم على بلاده بالقول “لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله”، مطالبًا مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بـ “مراجعة موقفهم المناهضة لقطر
ويرى كثيرون أن تهنئة الأمير القطري، للرئيس الإيراني حسن روحاني، عقب فوزه بولاية ثانية في الانتخابات الإيرانية، جاءت على الجرح السعودي، كما أن التهنئة الثانية التي جاءت خلال أقل من أسبوع وخص بها أيضًا تميم روحاني بمناسبة شهر رمضان، أثارت استفزاز المملكة، وبلغ حد التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية، مما قد يتسبب في انفراط عقد مجلس التعاون الخليجي.
وسوى تركيا وحزب الرئيس اردوغان لم تجد الدوحة مناصرا لها، وقال عضو البرلمان التركي، ياسين أقطاي، إن قطر تتعرض لـ “هجمة إعلامية غير أخلاقية من بعض وسائل الإعلام العربية والأمريكية” على غرار ما تعرضت له تركيا العام الماضي.
ووفقا لوكالة “ترك برس”، أكد أقطاي الذي يترأس لجنة العلاقات القطرية التركية في البرلمان، وقوف بلاده حكومة وشعبا إلى جانب “الشقيقة قطر” ضد الهجمة التي تتعرض لها.
واعتبر أقطاي، أن ما تتعرض له قطر وتركيا جزء من مؤامرة كبيرة، من قبل بعض الدول التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
قطر تواجه ثاني أخطر ازمة في تاريخها بهذا يستهل عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة راي اليوم حديثه عن الازمة بين الرياض والدوحة، ويصفها بحملة “رباعية” سعودية مصرية اماراتية بحرينية تربطها بالإرهاب.. في ظل حديث عن وجود ضوء اخضر امريكي لتنفيذ انقلاب.
ويضيف: الدول الاربع من المفترض انها أعضاء في منظومة مجلس التعاون الخليجي أولا، والتحالف العربي الذي يحارب في اليمن، مضافا الى ذلك ان هذه الدول الاربع، او اثنتين منها، ضخت مليارات الدولارات، وآلاف الاطنان من الأسلحة لتأجيج الصراع الدموي في كل من سورية وليبيا واليمن، وما زالت.
ويتفق عطوان مع ما جاء في العديد الصحف العربية وعلى لسان العديد من الكتاب في ان الازمة القطرية السعودية غير المسبوقة تأتي بعد حدثين لافتين الأول الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض، والثاني: ظهور العديد من المقالات في صحف أمريكية وغربية، وكان آخرها في مجلة “فورين بوليسي” وبقلم جون هانا، المسؤول السابق في وزارتي الدفاع والخارجية الامريكية، واحد مستشاري ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، اتهم فيها قطر بدعم الإرهاب، ويدعم خلالها توجه ترامب بنقل قاعدة العيديد الى السعودية او الامارات .
ثمة امر ايضا، بعد ان بات مستقبل المملكة السعودية منتهيا، او بحكم المنتهي على الشاكلة التي تقوم عليه الان، وبعد ان بات الأعداء الذين صنعتهم بسياساتها وعمالتها واموالها على حدودها ويتحضرون للانقضاض، ان تقدم واشنطن على تحويل قطر الى منفى حكم لآل سعود.
ليس الامر بمستحدث، فالتاريخ القريب يحكي كيف انتزعت الحجاز من يد الاشراف لتعطى لآل سعود، وجرى تعويض نجل الشريف حسين بقطعة ارض جنوب صحراء الشام تعرف اليوم بالأردن، وهكذا يكمل الزمان دورته ويذوق ال سعود على يد أمريكا ما ذاق اشراف الحجاز على يد بريطانيا.
وفي زمن شكل العرب فيه تحالفا للحرب على اليمن، وغدت إسرائيل صديقة وحزب الله وحماس منظمتان “ارهابيتان”، ما المانع إذا..