قد يتغدَّى كيم جونغ اون بترامب قبل أن يتعشَّى به.. كيف؟
متابعات| العالم| هافينغتون بوست:
في أعقاب إجراء كوريا الشمالية لاختبار صاروخي آخر، وصل نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى كوريا الجنوبية يحمل رسالةً حاسمة. فقد أعلن انتهاء حقبة “الصبر الاستراتيجي” مع نظام بيونغ يانغ، معرباً عن مسار البيت الأبيض الذي يَتُوق لإبداء مدى اختلافه عن الإدارة الأميركية السابقة.
وكانت قرارات إدارة ترامب بضرب القوات الحكومية السورية وإسقاط قنبلة في أفغانستان بهدف لفت الأنظار، بمثابة أدلة تشير إلى أنه من الأفضل لكوريا الشمالية “ألا تختبر عزيمة وقوة القوات المسلحة الأميركية بهذه المنطقة”، وفقاً لما ذكره بنس.
وخلال الأسابيع الأخيرة، هدَّد ترامب على تويتر باتخاذ إجراءات أحادية ضد كوريا الشمالية. وتصاعدت حدة التوتر خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث أقام نظام كيم جونغ أون استعراضاً عسكرياً ضخماً، في ذكرى جَدِّ كيم، يوم السبت، وأجرى اختباراً صاروخياً يوم الأحد. وأشار بنس إلى أن الولايات المتحدة لن تتسامح فيما يتعلق بتلك الاختبارات، وجاء رد بيونغ يانغ بما تجيده بالفعل، وهو إصدار المزيد من التهديدات.
ونقل موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن نائب وزير خارجية كوريا الشمالية هان سونغ ريول قوله: “سوف نجري المزيد من الاختبارات الصاروخية بصفة أسبوعية وشهرية وسنوية. إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم شنَّ هجوم عسكري ضدَّنا فسوف يتمثّل ردُّ فعلنا في إجراء ضربة نووية استباقية بأسلوبنا الخاص”.
مراقبو كوريا الشمالية ينتظرون إلامَ يؤدي نفاد صبر ترامب
في لقاء مع صحيفة “نيويورك تايمز”، وصف روبرت ليتواك من مركز وودرو ولسون الدولي، الأحداثَ التي تتكشف باعتبارها “أزمة الصواريخ الكورية بصورة متباطئة”. إنها مقارنة مزعجة مفعمة بالروح القتالية من كلا الجانبين ولعبة سياسية يمكن أن تصبح خطيرة.
وقالت الصحيفة الأميركية: “ورغم أن جميع المقارنات التاريخية غير دقيقة للغاية… إلا أن هناك تشابهاً كبيراً مع إحداها. فحينما تختلط الطموحات الوطنية والشخصية والأسلحة الفتاكة معاً، تتعدد فرص التقديرات الخاطئة”.
وكثيراً ما ذكر ترامب ومستشاروه أن خطواتهم التي لا يمكن التنبؤ بها وأساليبهم في صنع السياسات تعد بمثابة فضيلة. وقد استعرضوا أيضاً القوة العسكرية الأميركية باعتبارها المحرك الرئيسي في الشؤون الدولية. ومع ذلك، فهناك سبب جعل الإدارات الأميركية السابقة تتوخى الحذر، وتتخذ نهجاً حريصاً بشأن كوريا الشمالية، وشاركت في الدبلوماسية الإقليمية، دون تواجد أسطول حربي أميركي، وفقاً لما ذكره ترامب.
وكتب أيان بوروما في صحيفة أتلانتيك: “إن آخر شيء نحتاج إليه في هذا الموقف المشحون شمال شرقي آسيا، حيث يمكن أن يتحول العمل العسكري إلى أزمة طاحنة، هو استعراض القوة”.
القيادة في كوريا الشمالية ترى أن ترسانتها النووية وصواريخها البالستية بمثابة بطاقتها الرئيسية للنجاة. فقد وطَّدت أقدامها على مدار سنوات على خريطة العالم من خلال استعراض القوة العسكرية، وحصلت على امتيازات فعلية من جيرانها من خلال امتلاك وسائل ردع نووية محتملة. وقد يكون توجيه أي ضربة أميركية إلى كوريا الشمالية مدمراً. ومن ثم، يتصور معظم المحللين أنه كلما شعر كيم بفداحة المأزق الذي يتعرض له، أصبح أكثر استعداداً لتوجيه ضربته.
وكتب خبير الحد من التسلح جيفري لويس في وقت سابق من هذا العام: “تعتمد استراتيجية كيم على استخدام الأسلحة النووية في مرحلة مبكرة، قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من قتله، أو أن تتوصل القوات الخاصة إلى وحداته الصاروخية. يتعين عليه أن يضرب أولاً إذا كان يعتزم ذلك على الإطلاق”.
وربما يعني ذلك أن يلقى الملايين حتفهم في كوريا الجنوبية واليابان، وهو أمر مروع يتعين أن يضعه ترامب دائماً في الاعتبار عند اتخاذ قراراته فيما يتعلق بكوريا الشمالية. ومع ذلك، وفقاً لما يشير إليه صحفيون، فإن ترامب يقدِّم ورقة رابحة جديدة وخطيرة للكوريين الشماليين، الذين اعتادوا على التهديدات الكورية.
وكتب جيديون راتشمان، صاحب أحد الأعمدة بصحيفة فاينانشال تايمز: “هناك أعضاء بالدوائر المقربة من الرئيس الذين يعتقدون بالفعل أن إدارة ترامب تدرس ملياً إجراء ضربة أولية ضد كوريا الشمالية. ومع ذلك، إذا ما توصل كيم جونغ أون إلى نفس النتيجة، فقد يقرر إجراء ضربته النووية أولاً”.
يتمثل أسوأ عناصر خطة البيت الأبيض في زيادة الضغط على الصين، التي يتعين عليها من الناحية النظرية استغلال نفوذها الكبير على نظام كيم من أجل تركيع كوريا الشمالية. ومع ذلك، وفقاً لما ذكره الصحفي سيمون دينير من بكين، فهناك حدود فعلية لما تستطيع الصين القيام به وما تود القيام به بالفعل. فالعلاقات مع كل من سيول وبيونغ يانغ متوترة، حيث قامت كوريا الشمالية بإساءة معاملة وفد من كبار الدبلوماسيين الصينيين في وقت سابق من هذا الشهر.
وأخبر يانمي زي، خبير السياسة الخارجية بشركة جافيكال دراجونوميكس الصينية، دينير قائلاً: “قد تزيد الصين من ممارسة الضغط الاقتصادي على كوريا الشمالية، من خلال خفض حجم التجارة البينية أو تدفق السائحين أو المعونات الغذائية، إلا أن هدفها الرئيسي يتمثل في استرضاء واشنطن، وليس نزع سلاح كوريا الشمالية. ولدى بكين أسباب وسبل لتأديب كيم، ولكن اهتمامها ينصبُّ على ضمان بقاء نظامه في سدة الحكم، وبالتالي منع أي تواجد عسكري أميركي بالجنوب”.
ونقلت صحيفة ذا بوست عن شي ينهونغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمن الصينية، قوله إنه في حالة استمرار إدارة ترامب في تهديداتها الشفهية ودعم تواجد أسطولها البحري في المنطقة، قد يشجع ذلك الصين على “التحول من قمع كوريا الشمالية إلى معارضة الولايات المتحدة”.
ولن يؤدي ذلك التطور إلى مساعدة الولايات المتحدة أو كبح جماح التهديدات النووية لكوريا الشمالية.
وكتب بوروما: “التهديدات الخاوية التي تقدمها واشنطن ليست عديمة الفاعلية فحسب، بل إنها مفيدة أيضاً للديكتاتور الكوري. ويصعب للغاية معرفة ما إذا كان معظم شعب كوريا الشمالية يتبعون سلالة كيم الحاكمة، حيث إنهم مجبرون على إبداء مثل هذا الحب الأعمى. ومع ذلك، يمكن إثارة روح الوطنية الكورية بسهولة. ويتمثل الأمر الذي يوحد بين أفراد الشعب الكوري في الخوف الذي يغرسه النظام بداخلهم من الاعتداءات الأجنبية على بلادهم”.
ويبدو أن ترامب في الوقت الحالي يؤدي أداءً طيباً فيما يتعلق بتغذية تلك المخاوف.