ضربة إماراتية جديدة في مرمى السعودية: مصفاة نفط في حضرموت
ولحين إنجاز المشروع الذي سيستغرق تنفيذه عاماً كاملاً، أعلن بن بريك عن نية المحافظة أيضاً استيراد المشتقات النفطية من الإمارات، في إطار البحث عن وسائل بديلة لكسر الإحتكار النفطي وتغطية احتياجات المحافظة من الطاقة على صعيد الإستهلاك المحلي وقطاع الكهرباء. ومن شأن مشروع المصفاة، حال تنفيذه، المساهمة في تخفيض أسعار مادتي الديزل والبترول في حضرموت، التي تستورد احتياجاتها من المشتقات من مصفاة عدن كباقي المحافظات، غير أن موقعها الإستراتيجي كإقليم مصدر للنفط الخام يؤهلها للإقدام على خطوة إنشاء مصفاة مستقلة من خلال فتح المجال أمام الإستثمارات المحلية والعربية التي حاولت العام 2005م تنفيذ مشروع المصفاة، الذي أُجهض من قبل نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح.
وفي هذا السياق، يعتقد المهندس أبو بكر السري بأهمية هذه الخطوة في حضرموت اليوم، “شريطة التعامل مع هذا المشروع بشفافية ونزاهة عبر إتاحة الفرصة للمتنافسين، واختيار أفضل العروض، أو فتح باب الإكتتاب والمساهمة للمستثمرين الجادين”. وفي منشور على صفحته في “فيس بوك”، أشار إلى أنه “منذ أن تم استئناف إنتاج وتصدير النفط الخام من حقول المسيلة، تعيش المناطق المنتجة للنفط شحاً في المشتقات النفطية، وانقطاعات مستمرة للكهرباء، وهي مفارقة عجيبة، ولذلك فإن إنشاء وبناء مصفاة لتكرير النفط الخام بحضرموت واستخلاص المشتقات منها ضرورة وحاجة ملحة، وبالذات مع انخفاض سعر النفط الخام وارتفاع كلفة الإنتاج، لأن الإستمرار بتصدير النفط الخام بسعر رخيص واستيراد المشتقات بأسعار مرتفعة يضيع الكثير من الفائدة التي يمكن استغلالها في التنمية والبنية التحتية، علاوة على توفير المشروع للكثير من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بإنشاء هذه المنشأة الحيوية الاستراتيجية التي ستسهم بشكل كبير في الاستقرار الإجتماعي والاقتصادي، وانتظام تزويد السوق المحلي بالمشتقات من خلال توفير الوقود لمحطات الكهرباء من الديزل والمازوت، وكذلك توفير مادة الإسفلت لبناء وصيانة الطرق بكل يسر وسهولة”.
من جانبه، يرى الخبير الإقتصادي، علي باوزير، أن “مشروع المصفاة في حضرموت هو من ضمن المشاريع الكثيرة التي لم تبصر النور في هذه المحافظة، حيث فوّتت الكثير من فرص الإستثمار والتمويل للمشروع التي تقدم بها بعض المستثمرين، في الوقت الذي كان فيه موقع المصفاة قد حُدّد سلفاً بجانب ميناء الضبة النفطي، وإلى اليوم مازالت توجد هناك لائحة باسم المشروع على طريق الشحر، وأعتقد أن السبب الرئيسي لعدم قيام هذا المشروع هو النظام السابق لأنه كان لا يريد أي مشروع ناجح في حضرموت”.
بدوره، محسن نصير، مدير العلاقات العامة في “مؤتمر حضرموت الجامع”، اعتبر أن “النظام السابق وقف حجر عثرة خلال السنوات الماضية أمام تنفيذ مثل هذه المشاريع الإستراتيجية بحضرموت، فكانوا لا يريدون لحضرموت ميناء ولا مصفاة، لأن ضررها سيكون كبيراً على مصالحهم، أهم من فائدتها لمصلحة الوطن، ولأن حضرموت تمتلك مقومات دولة ولو تمت هذه المشاريع سترعبهم، وماعدا ذلك ما هي إلا أعذار واهية، لذا لم يمنحوا الترخيص الخاص بإنشاء المصفاة من الأساس، وكنا نعلم من حينها أنهم لن يسمحوا بالميناء ولا المصفاة في المكلا، وقد شهدنا بأعيننا كيف دمروا ميناء ومصفاة عدن الموجودة على الواقع فما بالك في من يريد إنشاء الجديد”.
من جهته ، يقول الناشط، محمد سالم، إن الواقع في حضرموت مختلف اليوم، لذا فهي “أجدر بأن تنتهز الفرصة والظروف المواتية لانتزاع حقوقها المسلوبة بتنفيذ مشاريع اقتصادية مستدامة تسهم في تحقيق نمو اقتصادي حقيقي، بعيداً عن وعود الحكومات المتعاقبة التي لم يكن لمسؤوليها إلا التفكير بكيفية احتكار السوق المحلي المستهلك للمشتقات النفطية، ونهب أكبر قدر ممن موارد وثروات حضرموت”.
وفي سياق متصل، يعتقد أستاذ السياسات الحكومية المحلية في كندا، جمال بن غانم، أن مشروع مصافي حضرموت “خطوة مهمة لتوجيه صفعة للحكومة اليمنية التي ما فتئت تتشدق باعتماد النظام الفيدرالي كأساس للحكم بالدولة، في حين أنها تمارس خلاف ما تقول”. وفي منشور له على صفحته في “فيس بوك”، يلفت بن غانم إلى أنه “في كندا، حصل خلاف حاد في الأيام الأخيرة بين الإقليمين النفطيين، ساسكشوان والبرتا، عندما قدم رئيس وزراء ساسكاشوان رسالة للشركات النفطية العاملة في البرتا بنقل مكاتبها الرئيسة لساسكاشون مقابل حوافز ضريبة. رئيسة وزراء البرتا نددت بهذا العمل واعتبرته عدم احترام للاتفاقيات ومحاوله لإضعاف اقتصاد إقليم البرتا. (أما) في اليمن، حكومة بن دغر استلمت 400 مليون دولار من نفط حضرموت وحضرموت تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية فلا كهرباء ولا طرقات ولا صحة ولا تعليم. هذا هو العهد الفدرالي الجديد في اليمن! في اليمن، الحكومة توجه الشركات النفطية العاملة في حضرموت بنقل مكاتبها الرئيسة من صنعاء إلى عدن التي لا يوجد فيها نفط أصلاً. هذه هي الفدرالية المنشودة!”.