كل ما يجري من حولك

إغلاق “الريّان” يضع الغُـــزاة الإماراتيين في مواجهة الناس: لن نسكت بعد اليوم!

591
 
 متابعات| العربي:
مطار الريان مغلق إلى أجل مسمى منذ عامين، بُعيد اندلاع الحرب في اليمن العام 2015م. المطار الذي توقفت فيه حركة الملاحة الجوية مدة عام كامل عشية سقوط مدينة المكلا بيد تنظيم “القاعدة” في الثاني من أبريل 2015م، ظل مغلقاً للعام الثاني على التوالي بعد عملية تحرير المدينة من “القاعدة”، بسبب تحويله إلى قاعدة عسكرية للقوات الإماراتية صاحبة الدور الأكبر في عملية تحرير المكلا.
وفي حين تفهّم الأهالي استمرار إغلاق المطار منذ تحرير المكلا أواخر أبريل 2016م، لدواع أمنية شديدة الخطورة، كما تقول السلطات المحلية، أهمها: استكمال تطهير أرضية المطار ومحيطه من كميات الألغام الهائلة التي زرعها عناصر تنظيم “القاعدة”، إلا أن هذه المبررات لم تعد تلقى قبولاً في الشارع الحضرمي، ولاسيما مع مرور عام كامل على خروج “القاعدة” من المدينة، وتزايد معاناة الأهالي من استمرار الحظر الجوي للسفر إلى الخارج، المفروض على العديد من المطارات اليمنية الواقعة في المحافظات “المحررة”، الخاضعة لسلطة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، كمطاري عدن والريان، ناهيك عن الحظر الجوي الكامل للرحلات الداخلية بين المحافظات، مما ضاعف معاناة المواطنين.
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن في مارس 2015، تعطلت جميع المطارات، إلا أن مطار سيئون بقي منفذ اليمنيين الوحيد للسفر جواً، في ظل استمرار إغلاق مطار عدن الدولي.
وعود
وكان الرئيس هادي أعلن أثناء زيارته حضرموت قبل أشهر عن بدء فتح المطار في يناير الماضي، غير أن شيئاً من ذلك لم يتم. كذلك تكررت الوعود نفسها على لسان مسؤولين حكوميين خلال الفترة الماضية، وكان آخرها تصريحات لمحافظ حضرموت، أحمد سعيد بن بريك، بشر فيها بإعادة فتح المطار في منتصف يناير 2017م. وأكد رئيس حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، أن العمل جار على قدم وساق مع دولة الإمارات العربية المتحدة لإعادة فتح المطار لما يمثله من أهمية حيوية، مشيراً إلى أن المطار والميناء يعتبران واجهة المحافظة للخارج، وبدونهما لا يستطيع التجار ورجال الأعمال والمستثمرون مزاولة أعمالهم التجارية.
المطار الثالث في اليمن
ويعتبر مطار الريان الدولي المطار الثالث من حيث الحركة الملاحية على مستوى اليمن، بعد مطاري صنعاء وعدن، إذ يربط مدن حضرموت برحلات دولية لعدد من الدول في الإقليم، كدبي وأبوظبي وجدة والقاهرة، إضافة إلى الرحلات الداخلية. ومنذ تحرير المدينة من سيطرة “القاعدة” يشهد المطار أعمال توسعة وتأهيل وتحديث، على مراحل. وبلغت نسبة إنجاز تلك الأعمال أكثر من 70%، وهي تشمل المبنى الجديد وصالات المغادرة والوصول والتوسعة لمدرج المطار في الاتجاهين الشرقي والغربي، وإعادة تأهيل إضاءة المدرج والمولدات الكهربائية وتحديث شبكات الاتصالات والمراقبة.
وتم إنشاء المطار في حقبة استعمار بريطانيا لحضرموت وجنوب اليمن، كمطار ترابي، ثم جرى تشييد المطار الجديد بمنحة كويتية العام 1982م، على مقربة من المطار القديم المحاذي للبحر العربي، وأوكلت الأعمال الإنشائية لشركة المطارات الدولية الهندية، فيما تولت شكرة ألمانية التجهيزات الملاحية للمطار الذي يقع على بعد حوالى ثلاثين كيلو متراً من مدينة المكلا، بمساحة 21 كيلو متر مربع.

 

الإحتجاجات تتصاعد
ونظم العشرات من أبناء مدينة المكلا، صباح أمس الإثنين، وقفة سلمية أمام ديوان محافظة حضرموت في المكلا، للمطالبة بفتح مطار الريان الدولي المغلق منذ عامين دون أسباب موضوعية. ودعا المتظاهرون إلى تشغيل المطار بأسرع وقت، وأعلنوا عن خطوات أخرى سيقدمون عليها في سبيل الضغط في هذا الاتجاه.
وفي رسالة تقدموا بها إلى السلطات، طالب المحتجون بتوضيح الأسباب التي أدت إلى استمرار إغلاق المطار، وجاء في نص الرسالة: “نتقدم إليكم ونناشدكم بما يعانيه الشعب في مدينة المكلا من ناحية إغلاق مطار الريان وهو الشريان والرئة التي يتنفس منها أبناء حضرموت، من تسهيل الرحلات الجوية لطيران اليمنية، إذ عانى المواطن معاناة شديدة وصعبة من انتقال المسافرين والمرضى إلى مدينة سيئون، مما أدى إلى عدم وصولهم إلى مطار سيئون، وخصوصاً الحالات الحرجة، مما أدى إلى وفاة بعض المرضى لعدم تحملهم مشاق السفر، ولهذا نرى منكم ضرورة فتح مطار الريان نظراً لسهولة الحركة وقرب المنطقة، علماً بأننا تفاجئنا من سيادتكم بعدم مبالاتكم لمطالبنا، وهي ليست مطالب شخصية، إنما هو مطلب شعبي”.
وفي ديسمبر الماضي، نظم أهالي جزيرة سقطرى وقفات احتجاجية مماثلة، للمطالبة بإعادة فتح المطار واستئناف الرحلات الجوية عبره، لأنه الأقرب إلى الجزيرة، بعد غرق سفينة ركاب متجهة إلى سقطرى.

عُمّال المطار
وفي وقت سابق، أعلن الكادر الوظيفي بمطار الريان الدولي، استعداده للقيام بمهامه في تشغيل وإدارة المطار حال افتتاحه بداية العام 2017م، مطالبين بعودة الكادر الوظيفي المسؤول عن تشغيل المطار إلى مزاولة العمل في تسيير شؤون الحركة بالمطار، مع توفير سبل التأهيل والتدريب اللازمين له من أجل الإرتقاء بالعمل في مرافق المطار كافة بصورة فعّالة، إضافة إلى تعويض الموظفين عن مستحقاتهم التي انقطعت منذ إغلاق المطار من قبل المنظمة الدولية “الايكاو” على خلفية سقوط المكلا بقبضة “القاعدة”.
وفي سياق متصل، أُعلن أخيراً عن استكمال الترتيبات لافتتاح المطار من قبل الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد الجوية من خلال ابتعاث بعض المراقبين الجويين بمطار الريان في دورة إنعاشية بأكاديمية الطيران المدني بجدة في السعودية، علاوة على شراء قطع غيار لبعض الأجهزة الملاحية التي تم إتلافها في عهد “القاعدة”.
ردود فعل سياسية
وقال رئيس “الحركة الشبابية والطلابية لتحرير واستقلال الجنوب”، فادي حسن باعوم، إن الوقفة الإحتجاحية التي أقيمت، في المكلا، للمطالبة بإعادة فتح مطار الريان “خطوة شجاعة، تحسب لمن قام بها”. وأكد في منشور على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، أن “مطار الريان هو متنفس لثلاث محافظات، والسكوت عن أضرار إغلاقه أمام المرضى وأصحاب الأعمال ينم عن تبلد في الإحساس بمعاناة المواطنين، ومصالح حضرموت وشبوة والمهرة”.
من جهته، دعا أمين سر “المجلس الأعلى للحراك الجنوبي”، فؤاد راشد، قوات “التحالف العربي”، التي تتخذ من مطار الريان الدولي بالمكلا مقراً عسكرياً لها، إلى تشغيل المطار والانتقال إلى ميناء الضبة النفطي لإقامة معسكراتهم هناك.
ورأى راشد أن إغلاق المطار لأكثر من عام ونصف “لا معنى له، ولا أسباب موضوعية تدعو لذلك، سوى إلحاق الأذى بالمرضى والعجزة من أهالي مدينة المكلا والمدن المجاورة الذين يضطرون للسفر براً إلى سيئون وعدن للانتقال إلى الخارج”.
تفاعل على مواقع التواصل
وتفاعلاً مع الحملة، أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “#إفتحوا_مطار_الريان”، في إطار استمرار الضغط على الجهات المعنية لفتح المطار. ووصفت بعض التعليقات استمرار إغلاق المطار بهذه الطريقة بـ”القرار التعسفي الذي لا مبرر له”.
واعتبر الناشط صلاح الشبيبي، قرار الإغلاق وصمة عار وعقوبة لأبناء حضرموت. وفي منشور له بصفحته على “فيسبوك” دعا الشبيبي أهالي المحافظة كافة للإلتفاف حول الدعوات الرامية للضغط على السلطات، قائلاً: “بقاء مطار الريان مغلق يعتبر وصمة عار بوجه مسؤولينا. أين الوعود بفتح مطار الريان بداية العام؟ فقد مر الآن أكثر من ثلاثة أشهر والمرضی والمغتربون يعانون من مشقة السفر، لذا وجب علينا أن نتكاتف، شباب حضرموت عامة، للمطالبة بفتح مطار الريان الدولي ليعود لحركته لنقل المسافرين والمرضی”.
بدوره، يرى الناشط أنور باعثمان، أن أسباب استمرار سريان قرار الإغلاق لم تعد مقنعة. وفي منشورله بصفحته على “فيسبوك” قال باعثمان: “لقد بلغ السيل الزبى، فلم تعد الأسباب مقنعة مهما كانت، بأن يظل مطار الريان مغلقاً طوال هذه الفترة، سيدخل علينا العام الثالث والناس في حضرموت الساحل يكابدون عناء السفر، هنا تتجلى سلبية مجتمعنا وأهلنا في قبول الأمر الواقع ولو كان فيه موتهم!”.
من جانبه، يرى الناشط شوقي بازهير، أن على السلطات البحث عن بدائل لتواجد القوات العسكرية خارج محيط المطار، ويعلق في منشور له بالقول: “لقد تحول المطار إلى ثكنة عسكرية، وسجن كبير، ولا يوجد مكان بديل، كما يقولون، كونها ثكنة تموين ومنها تشن العمليات العسكرية الجوية، لكن ذلك ليس مبرراً أبداً، لذا عليهم أن يبحثوا عن بدائل، وأن يفتحوا المطار للتخفيف من معاناة الناس”.
ويؤكد الأكاديمي خالد التميمي، أن استمرار إغلاق مطار الريان يزيد من عذابات الناس ومعاناتهم في ظل ظروف الحرب في سائر أنحاء اليمن. وتابع في حسابه على “فيس بوك”: “أقول للمطبلين لقد شهدت مطارات أوروبا تفجيرات ولم تغلق المطارات، لقد عايشنا الكثير من المعاناة، ولكن لم نرَ ألماً ومعاناة مثل الألم والمعاناة التي سببها إغلاق مطار الريان، فارحموا المرضى واتركوا التنظير”.
ويتساءل المواطن فوزي باجبع: “متى سوف يفتح المطار الأسير، هل ستستمرون في استنزاف هذا الشعب؟ في حين ارتفاع أسعار التذاكر بشكل جنوني، فإلى متى سيظل هذا الشعب المغلوب على أمره يتكبد كل هذه المبالغ؟ وهو الذي لا يسافر إلا بغرض العلاج غالباً”.
You might also like