كشفت العملية التي استهدفت مقر السلطة المحلية في محافظة لحج، وتبناها تنظيم “القاعدة”، العديد من الأسرار حول الجهات التي تدعم التنظيم، وتوفر له المعسكرات التدريبية وترسم له أهداف العمليات.
العملية “الإنغماسية” – بحسب توصيف التنظيم – التي استهدفت مبنى قيادة المحافظة، الذي يضم إدارة أمن المحافظة و”الحزام الأمني”، أوقعت عشرة قتلى من التنظيم، وسبعة قتلى من الجنود، وخمسة من المواطنين.
قيادة أمن محافظة لحج تحدثت عن سبعين مهاجماً من التنظيم أرادوا السيطرة على مركز المحافظة، فيما تساءل قائد “الحزام الأمني” في محافظة لحج، هدار الشوحطي، قائلاً: “كيف تم سحب العناصر الإرهابية من لحج قبل شهر وهم متورطون عمليات اغتيالات بالمدينة، وتم تدريبهم وتجهيزهم في المخا وباب المندب، وعادوا لينفذوا العملية في المحافظة التي انطلقوا منها، محملين بصواريخ لو الحرارية وأحزمة ناسفة”.

مراقبون اعتبروا العملية فضيحة لسياسة “التحالف العربي” في إدارة المناطق “المحررة”؛ حيث اتسعت دائرة الشبهات حول دور المملكة السعودية والإمارات في تحويل جنوب اليمن إلى ساحة فوضى وصراع، بما يمنع أي محاولات لتطبيع الحياة وتوفير الأمن وبناء المؤسسات، ويسهم في تعميم التجربة السورية في اليمن بأيدي تنظيمات إرهابية تحركها عن بعد الرياض وأبوظبي. عملية لحج التي كان الهدف منها عودة التنظيم للسيطرة على المدينة التي خرج منها في أبريل من العام الماضي، بعد أكثر من عام على سيطرته على الحوطة عاصمة المحافظة، أماطت اللثام عن الجهات التي تدعم التنظيم وتمكنه من إسقاط مدن في جنوبي اليمن، والشواهد على ذلك عديدة.
ففي فبراير من العام الماضي، تم التحقيق من قبل ضباط إماراتيين مع كل من وزير الداخلية، اللواء حسين عرب، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء أحمد سيف. وبحسب التسجيل المسرب للمكالمة، إتهم الضابط الإماراتي المسؤول عن الجنوب القيادات العسكرية الجنوبية بالتقصير في صد التنظيم في منطقة أحور، وتحدث عن ضغوط تمارس من أجل تمكين تنظيم “القاعدة” من السيطرة على مناطق جنوبية، دون أن يحدد طبيعة هذه الضغوط، ومن يقف وراءها.
قيادات الحراك الجنوبي، بدورها، تتهم نائب الرئيس اليمني، اللواء علي محسن الأحمر، المدعوم من قبل المملكة السعودية، والمحسوب على جماعة “الإخوان المسلمين”، بدعم تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، وتجنيد أعداد كبيرة منهم في الجبهات. وأوضح مصدر في جبهة البقع، لـ”العربي” أن عناصر “القاعدة” تقاتل إلى جانب ألوية الحماية الرئاسية التي يقودها مهران القباطي، وبسام المحضار، المنتميان إلى الفكر السلفي.
إلى ذلك جاء في تقرير اللجنة الدولية للعقوبات الخاصة باليمن – التي أنشأها مجلس الأمن – في نهاية فبراير الماضي، أن اللجنة تحقق في اتهامات موجهة للرئيس هادي، ونائبه علي محسن، بدعمهما للإرهاب.
وبحسب مراقبين، فإن سياسة قوات “التحالف العربي” في جنوب اليمن باتت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى، ومطالبة قائد قوات “الحزام الأمني” في لحج بتشكيل لجنة تحقيق محايدة لتثبت للرأي العام من المسؤول والداعم للتنظيم، عززت من عدم الثقة بين القيادات العسكرية والأمنية في الجنوب وبين قيادة قوات “التحالف العربي”، في ظل التوقعات بتكرار مثل هذه العمليات مستقبلاً.