كل ما يجري من حولك

لقاءٌ متناغِمٌ في واشنطن: كيف يسعى السيسي لأن يصبح صديقاً لترامب؟!

494

sisi-25-4777

متابعات| رأي اليوم ـ مارن هينموت وبينو شفينجهامر:

 لم يخف دونالد ترامب مطلقا إعجابه بحكام مستبدين. فبجانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصفه ترامب عقب لقاء في أيلول/سبتمبر الماضي عندما كان مرشحا جمهوريا لانتخابات الرئاسية الأمريكية بأنه نموذج رائع، أبدى ترامب إعجابه بسيطرة الرئيس السيسي على الأوضاع عقب عزل الرئيس المصري الاسبق محمد مرسي عام 2013، حيث قال: “لقد سيطر على مصر. لقد سيطر عليها حقا”.

لكن ترامب لم ينبس ببنت شفة عن معاناة المواطنين في مصر – بحسب تقديرات ناقدين – من القمع بصورة أقوى بكثير عما كان عليه الحال إبان حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، الذي تم الإطاحة به في الانتفاضة الشعبية عام .2011

ومن المنتظر أن يكون اللقاء الذي سيجمع بين ترامب والسيسي في واشنطن بعد غد الاثنين متناغما للغاية، فقد ذكرت مصادر من البيت الأبيض أن ترامب يسعى إلى عهد جديد في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وتحت قيادة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما شابت العلاقات الثنائية بعض التوتر. فعقب تولي السيسي الحكم عام 2014 علق أوباما، المنتمي للحزب الديمقراطي، مبيعات الأسلحة الأمريكية لمصر، ثم عدل عن هذا القرار عقب عامين. وكانت إدارة أوباما تنتقد باستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، إلا أنها اضطرت أيضا للاعتراف بأن مصر مهمة استراتيجيا بصورة يصعب معها وقف المساعدات التي تقدم لها بالمليارات.

وقبيل اللقاء وجهت الإدارة الأمريكية الجديدة الكثير من الثناء لمصر، حيث قال مسؤول في البيت الأبيض إن مصر مرساة للاستقرار في الشرق الأوسط وشريك مهم للولايات المتحدة، واصفا خطط الإصلاح الاقتصادية للسيسي بالشجاعة والمهمة.

أما عن حقوق الإنسان، فقد أكد المسؤول أن الالتزام بحقوق الإنسان مطلب له أولوية دائما، إلا  أنه أوضح في المقابل أنه من الأفضل التحدث عن هذه الأمور الحساسة بتكتم وعلى نحو خصوصي.

ويشعر الكثير من المصريين الآن بقمع أشد مما كان عليه الحال تحت حكم مبارك الذي تم الإطاحة به خلال الانتفاضات العربية التاريخية عام 2011 عقب بقائه في سدة الحكم على مدار 30 عاما، في الوقت الذي يواجه فيه السيسي، الذي تم الاحتفاء به كمنقذ سياسي عقب توليه الحكم عام 2014، استياء واسعا بين المواطنين بسبب معاناتهم من وطأة أشد أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ عقود.

لكن الأهم من ذلك الآن هو شرعنة حكمه عبر تحقيق ظهور ناجح بأقصى قدر ممكن في البيت الأبيض. فبينما لم يتمكن السيسي من التعاطي على نحو كبير مع أوباما، يتباهى الجنرال السابق بأنه أول رئيس دولة يهنئ ترامب على فوزه في الانتخابات.

وتعلق أجهزة الدولة في مصر، التي يتخللها الجيش على نطاق واسع، آمالا كبيرة على ترامب، الذي تتوافق صورته كرجل قوي مع تصور القيادة المصرية عن رئيس الدولة النموذجي، في ظل طموح من السيسي للقيام بأمور مشتركة مع الولايات المتحدة مع أمل في أن يصبح حليفا ربما أهم من السعودية شديدة الثراء.

وتتلقى مصر سنويا مساعدات بقيمة 3ر1 مليار دولار من الولايات المتحدة، لتكون بذلك أكبر مستقبل للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، ذلك إلى جانب مساعدات أمريكية أخرى. لكن إدارة ترامب أعلنت مؤخرا تقليص حاد في مخصصات المساعدات التنموية باستثناء المساعدات المخصصة لإسرائيل، بحسب تقارير إعلامية. لكن الوضع بالنسبة لمصر لم يتضح بعد. وبحسب مصادر في البيت الأبيض، فإن موضوع المساعدات العسكرية سيكون جزءا من المحادثات التي ستدور بين ترامب والسيسي.

ورغم احتياج السيسي لترامب، فإن الرئيس المصري بإمكانه تقديم أشياء لنظيره الأمريكي مقابل شراكته تتمثل في المكافحة المشتركة ضد تنظيم داعش وإقامة علاقات جيدة على حد سواء مع فلسطين وإسرائيل، التي ترتبط بها مصر بعلاقة سلام رسميا منذ عام 1979 عقب أربعة حروب عربية-إسرائيلية. وأبدى السيسي مؤخرا اهتمامه بالتوصل إلى حل لنزاع الشرق الأوسط، وطموحه لأن يكون وسيطا جدير بالثقة. وإذا راهن عليه ترامب فإن ذلك لن يعزز فقط من مكانة السيسي بل أيضا من الثقة بالذات في مصر بأكملها.

وفي الوقت نفسه تأمل القاهرة في أن يصنف ترامب جماعة الإخوان المسلمين، التي قدمت محمد مرسي كأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر عام 2012 على مدار عام، كمنظمة إرهابية. ويتردد في البيت الأبيض حديث عن وجود مثل هذه الخطة، لكنها لا تزال مثار جدل، حيث توجد مخاوف في وزارة الخارجية الأمريكية على وجه الخصوص من اتخاذ تلك الخطوة. وبحسب بيانات مسؤول من البيت الأبيض، فإن ترامب مهتم بسماع وجهة نظر السيسي تجاه الإخوان المسلمين.

You might also like