لهذا تخشى “إسرائيل” تحرير الموصل!!
إنجازات الجيش العراقي بالتعاون مع قوات الحشد الشعبي والعشائري ضد تنظيم داعش الإرهابي في الموصل لا تلقى ترحيبًا من الجانب الصهيوني، ويبدو أن قلق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو من تقدم قوات الجيش العربي السوري ضد التنظيم ذاته ينعكس أيضًا على الجيش العراقي.
تل أبيب والموصل
أعلن قائد عمليات محافظة نينوى، اللواء نجم الجبوري، أن تحرير الجانب الأيمن لمدينة الموصل من سيطرة داعش حسم بشكل عملي، وأكد تطويق داعش بالكامل، مشيرًا إلى أن التنظيم في أشد حالاته رداءة، وأضاف أن ردود أفعال داعش مربكة وغير مبرمجة، لأن الأرض ضاقت عليهم، معلنًا إغلاق الطريق بين تلعفر والكسك، والسيطرة على جميع الأراضي التي تقع خارج المدينة.
التطورات الميدانية المتسارعة في معركة تحرير الموصل، دفعت المؤسسة الأمنية العسكرية الصهيونية، إلى تعقب هذه التطورات بحرص شديد، فالطبيعة الميدانية للمعارك والتحديدات التي يواجهها العراقيون عوامل قارنها القادة العسكريون في جيش الاحتلال الإسرائيلي بما ينتظرهم في أي مواجهة مع قطاع غزة، حيث قال الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي “إن الجيش الإسرائيلي يحاول الاستفادة من المعارك الحربية الدائرة في مدينة الموصل ضد تنظيم داعش، في ظل وجود أوضاع قتالية شبيهة بما واجهته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية”.
كما أن هناك خشية إسرائيلية من تأثير انهيار خلافة داعش في العراق على فروعه الموجودة على الحدود مع فلسطين المحتلة، سواء في الجولان أو في سيناء وهو سبب آخر للاهتمام الإسرائيلي بمعارك تحرير الموصل.
سقوط داعش قد يعزز وجود إيران في المنطقة، وهنا يكمن مصدر القلق الأساسي بالنسبة إلى تل أبيب، وقال ألون بن دافيد، مختص في الشؤون العسكرية في القناة العاشرة ” إسرائيل ترى أن سقوط الموصل أخذ بالاقتراب، وهي تنظر إلى اليوم الذي سيلي هذا السقوط، حيث تكمن الخشية الأساسية في إسرائيل من أن إيران قد تدخل إلى الفراغ الذي سيحصل في المناطق التي سيخليها داعش، ولذلك فإنها تشعر اليوم بأن هناك فرصة في الجانب الأمريكي والروسي أيضًا لكبح ما يعتبر هنا التهديد الأكثر تأثيرًا علينا في السنوات الماضية، وهو الانتشار الإيراني”.
إسرائيل ترصد حاليًّا التهديد الذي يعد الأكبر لها وهو التوسع الإيراني، فقبل وقت قصير على إرهاصات تحرير مدينة الموصل في العراق، توجه نتنياهو ووزير أمنه أفيغدور ليبرمان بخطوة منسقة بينهما تشبه بحسب المراقبين الكماشة، الأول إلى موسكو، والثاني إلى واشنطن، لمنع أي تمركز إيراني في المنطقة يمكن أن يحدث بعد سقوط داعش، فنتنياهو حذر في وقت سابق من استبدال إرهاب إيران مكان داعش على حد قوله.
ولكن هناك خطر آخر يقلق إسرائيل، فهناك تنسيق ما بدأ يتشكل بين الحكومة العراقية والسورية، فرئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن قبل أيام أنه طلب الإذن من الحكومة السورية في مقاتلة داعش في الأراضي السورية إذا اقتضى الأمر، وحصل على موافقتها، وبالتالي هناك محور عراقي سوري إيراني بدأ يتدعم من جديد، والخشية لا تقف عند هذا الحد، ففي العراق تشكلت ذراع لمناهضة الصهيونية ترغب في اختراق مجالات الكيان عبر سوريا، حيث أعلن المتحدث باسم حركة النجباء العراقية، هاشم موسوي، عن تشكيل لواء لتحرير الجولان، وقال إن هذا اللواء مستعد ومدرب، ويمتلك خططًا عالية الدقة، وأكد أن حركة النجباء مستعدة للتعاون مع حلفائها لتحرير الجولان، وأن أي تحرك في هذا الاتجاه منوط بموافقة الحكومة السورية.
وفي حال تنفيذ هذا المشروع العراقي السوري، حيث إن حركة النجباء ضمن قوات الحشد الشعبي التي تخوض معارك ضد داعش في محيط مدينة تلعفر غرب الموصل، كما أنها من بين عدة قوات عراقية ساعدت الجيش العربي السوري على استعادة مدينة حلب، فإن ذلك سيشكل خطورة على الكيان الصهيوني، إذا ما تم إضافة التواجد القوي لحزب الله اللبناني في سوريا، وما يمثله من تواجد في منطقة الجولان المحتلة، والذي اتضح بعد اغتيال الشهيد، سمير القنطار، وكان مسؤولون صهاينة قد اتهموا الحرس الثوري الإيراني بمحاولة بناء جبهة ضد الكيان الصهيوني في الجولان السورية، إلى جانب مقاتلي حزب الله وسكان دروز محليين مناهضين لإسرائيل، وسعى نتنياهو للحصول على المساعدة الروسية في إحباط محاولات إيران وحزب الله المدعوم منها باستخدام سوريا كقاعدة لمهاجمة إسرائيل.
لكن لا يبدو أن موسكو استجابت لمطالب نتنياهو حتى من منظور زيارته الأخيرة لموسكو، فبحسب المتحدّث باسم رئيس حكومة الاحتلال، عوفر جندلمان، فإنّ نتنياهو أبلغ بوتين بأنّ “إيران تسعى لتدمير إسرائيل، وتجاهر بالأمر علانيّة، وتكتبه على صواريخها الباليستية”، بيد أن الكرملين لفت في بيان له إلى أن بوتين رفض اتهامات نتنياهو لإيران بمحاولة “القضاء على اليهود”، بعد اتهامات كالها نتنياهو لطهران خلال الاجتماع بأنها تريد “القضاء على اليهود كما حاول فعل ذلك قبل 2500 سنة الوزير هامان الفارسي” على حد تعبيره.
وفي تطور يبرز مدى قلق تل أبيب من إنجازات الجيش في العراق وسوريا، فإن رئيس الاستخبارات الصهيونية، اللواء هرتسل هليفي، قال إن الأشهر الثلاث الأخيرة كانت الأكثر صعوبة على تنظيم داعش منذ إنشائه، وفي كلمة ألقاها في مؤتمر “هرتسيليا” وفقًا لما نقله موقع “nrg” الإسرائيلي، قال هليفي صراحة إن إسرائيل لا تريد أن ينتهي الوضع في سوريا بهزيمة داعش، فانسحاب القوى العظمى من المنطقة وبقاؤنا وحيدين أمام حزب الله وإيران اللذين يمتلكان قدرات جيدة يعدّ موضع إشكال بالنسبة لإسرائيل، لذلك يتوجّب علينا أن نؤثّر حتى لا نصل إلى هذا الوضع. الجدير بالذكر أن هيلفي رافق نتنياهو في زيارته الأخيرة لموسكو.
ولكن هنا لا يجب إغفال أن لإسرائيل ارتباطات مباشرة مع مكونات في الداخل العراقي، فالعلاقات الإسرائيلية الكردية، وإن كانت سرية، إلا أنها تتمتع بقدر كبير من التعاون وتطابق الرؤى حيال الكثير من الملفات، ومن هنا نجد أن لتل أبيب اهتمامات بالعراق قد يكون الأكراد ومستقبل البلد النفطي من ضمنها أيضًا.