الدول الأكثر تطبيعاً والبضائع “الإسرائيلية” في سوقها العربي ( بالاسم والأرقام انفوجرافيك )
متابعات| البديل:
شهدت المنطقة العربية في الحقبة الأخيرة منذ احتلال بغداد، وحتي ثورات الربيع العربي، وما تلاها من تغيرات متتالية لأنظمة الحكم في الوطن العربي، العديد من التطورات، والأحداث الاقتصادية التي تغيرت بتغير أنظمة الحكم العربية، فما بين أنظمة تدعم الإسلام السياسي، وتوجهاته، وفى المقابل راية المشروع الرأسمالي البحت ترفعها أنظمة أخرى، وأنظمة انتقالية تمركزت في المراحل البينية لتلك التغيرات المتلاحقة.
استغل كل من الفريقين برنامجه في الترويج لنفسة على أنه صاحب البرنامج الأفضل اقتصاديا، إلا أن كلا المتنافسين أجمعا على بند واحد وهو العلاقات العربية مع الكيان الإسرائيلي، حيث بادر كل منهم بادعاء العداء للكيان الصهيوني وتطبيع الطرف الآخر معه، وحتي كتابة هذه السطور، لازال كلا الفريقين يتبني نفس الموقف، ما استدعي معرفة رأي العلاقات التجارية على أرض الواقع لما تمثله من مؤشر حقيقي عن مدي تطور العلاقة مع الكيان الصهيوني على أرض الواقع، ذلك ليس تحيزاً لطرف ضد الآخر ولكن تبياناً لحقيقة فترات التدهور والازدهار في علاقات الدول العربية، مع الكيان الصهيوني وأي تلك الأنظمة ترعي تلك العلاقات بشكل جاد وتدعمه؟.
وقسمت الدول العربية إلي مجموعات جغرافية، والبعض الآخر ممن جمعتهم الأحداث المتشابهة، وكان مدي توافر المعلومات محدد رئيسي لاختيار دول بعينها دون غيرها، اتسمت بضبابية المصادر وغياب المعلومة.
ففي دول الثورات العربية حيث مصر، وتونس، وسوريا، وليبيا، واليمن، إضافة إلي دول شمال إفريقيا، حيث موريتانيا و المغرب، والجزائر، وبالتوجه جنوباً نجد جزر القمر، وجيبوتي، والسودان وحضرت الصومال على استحياء لعدم توافر معلومات أو غياب التجارة أحدهما أو كلاهما.
بينما في الشق الأسيوي من الوطن العربي، نبدأ بأكبر تكتل اقتصادي عربي في مجلس التعاون الخليجي، والشق الآخر دول متناثرة، وأنظمة حكم متباينة كالعراق، ولبنان، والأردن، وفلسطين.
أولاً – التباين السياسي وتطور التبادل التجاري :
تنقسم أنظمة الحكم في الدول العربية، إلى جمهوري يأتي النظام الحاكم برأي الأغلبية من الشعب، وملكي وراثي، يكون التغير فيه بتغير الحاكم فقط، والدائرة المحيطة في أضيق نطاق ممكن، وليس بتغير النظام بشكل كلي، بعيداً عن مدي تطبيق مبدأ الديمقراطية في الدول العربية من عدمه.
في الـ 15 عاما الأخيرة، شهدت الأنظمة الحاكمة في الدول العربية، خاصة دول الربيع العربي، مصر، و تونس، و سوريا، واليمن، و ليبيا،تغير هيكليفي أنظمة الحكم، بين تلك المؤيدة للمشروع الإسلامي بصيغة رأسمالية، و المناهضة لها برفع راية الرأسمالية البحتة، بينما في الدول الملكية، شهدت بعض الدول في تلك الفترة، تغيرات يمكن أن نطلق عليها “تغيرات ديناميكية”، حيث يتولى ولي العهد الحكم بعد وفاة الملك، أو تنازله عن العرش برغبته، وفى كلا الحالتين يحدث تغير طفيف جداً في النظام بتغير الدائرة المحيطة بالحاكم، بشكل يشبه، تغير الأوجه، الذي يعد أقصي تغيير يشوبه قد يصل إلي تغيير الوزراء، إلا أن النظام الحاكم هنا قائم بذاته لم يتغير، مع استثناء وجود دول شهدت تحول أو تغير ديمقراطي كدولة لبنان على سبيل المثال التي سنذكرها بجانب الدول التي شهدت تغيرات ديناميكية.
- دول الثورات العربية:
مرت دول الربيع العربي، بالعديد من التحولات السياسية، وتبعها تحولات في الرؤية والأهداف الاقتصادية للدولة، وتباينت تلك التحولات بمقدار التباين بين أيديولوجية الحاكم في الدولة، سواء كان فرد أو مؤسسة ومن الممكن تلخيص التحول السياسي في دول الربيع العربي في كلاً من مصر، وتونس، واليمن، وسوريا، وليبيا كالآتي:
مرت دول الربيع العربي بتحولات سياسية عدة منذ عام 20111، بين تحولات هيكلية كما حدث في مصر، وليبيا، وتحولات ديناميكية كما في تونس واليمن، بينما حافظ النظام السياسي على وضعيته في رأس الدولة في سوريا، على الرغم من الاضطرابات التي عصفت بكيان الدولة ذاتها، ولازال العمل جاري لاستعادته من كل الأطراف كلٌ لجانبه، ومع تلك التحولات قبل العام 2011 وبعده يلاحظ وجود تباين واضح في التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي.
عند الحديث عن المجموعة الأولي، نجد أن العام 2004 مثل فترة محورية لها بتوقيع مصر اتفاقية الكويز، مع الكيان الإسرائيلي،التي ظهرت نتائجها الأولية في العام اللاحق عام 2005 بمعدل نمو 143%، كنسبة إجمالية لحجم التجارة بين المجموعة الأولي والكيان الإسرائيلي، الذي بلغ أقصاهفي عام 2010 بحجم تبادل تجاري بلغ 513.603 مليون دولار حيث 0.2% من إجمالي حجم تجارة مجموعة دول الربيع العربي مع العالم في نفس العام، متأثرة بانخفاض ملحوظ مع بداية الاضطرابات في العام 2011 تتراوح نسبة تجارة تلك الدول مع الكيان الإسرائيلي بين 0.18%، و 0.12% من إجمالي تجارتها مع العالم، بينما من زاوية أخري دول المجموعة الأولي مجتمعة في العام 2010 ما نسبته 0.44% من إجمالي تجارة الكيان الإسرائيلي مع العالم.
- دول شمال أفريقيا والمغرب العربي (باستثناء دول الثورات العربية) :
مرت دول (المغرب ، والجزائر ) بتغيرات ديناميكية في الأنظمة سواء ديمقراطي أو وراثي، وفى جانب آخر فى الحالة الموريتانية تعددت التغيرات السياسية بين تغيرات هيكلية بانقلابات عسكرية وتغيرات ديناميكية بالرضوخ لمبدأ الديمقراطية والانتخابات العامة.
لعل موريتانيا هي صاحبة نصيب الأسد في التغيرات السياسية في الحقبة الأخيرة، بين انقلابات عسكرية، وانتخابات ديمقراطية، ونظراً بأن تلك القيم–التبادل التجاري- إجمالية لثلاث دول فإننا نلاحظ تطور واضح في حركة التبادل التجاري بين دول المجموعة الثانية، والكيان الإسرائيلي، التي قفزت خلال 10 أعوام من 8.599 مليون دولار إلي 61.209 مليون دولار أي بنسبة تضاعف قاربت 1400%، وإذا أرجعنا تلك القيم لحجم التجارة مع العالم الخارجي نجد أنها تطورت من 0.01% في العام 2003 إلي 0.03% في العام 2013، فعلى الرغم من تضاعف حجم التجارة مع الكيان الإسرائيلي إلا أن نسبته لم تتأثر بالتوازي مع تضاعف قيمة التبادل التجاري ولكن حافظت على استقرارها وتطورها ولو كان بشكل طفيف.
من جانب الكيان الإسرائيلي نجد أن العام 2013 صاحب الأعلى قيمة في التبادل التجاري مع المجموعة الثانية لم تتعد 0.044% من إجمالي تجارة الكيان الإسرائيلي مع العالم.
- دول وسط وجنوب أفريقيا “العربية” :
ظهرت الدول العربية جنوب الصحراءفي وسط وجنوب القارة الإفريقية- السودان والصومال وجيبوتي وجزر القمر –في قائمة التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي على استحياء نسبي، لكن أهميتهم، وبالتحديد الثلاث الأوائل تقبعحيث المفاتيح الجنوبية لأمن مصر القومي، إلا أن الصومال، تفردت بغيابها عن تلك القائمة لعدم توافر معلومات موثقه عنها،وقد يعود ذلك إلي الاضطرابات المتواترة في الصومال من حين لآخر، وتفسر البيانات التالية مدي التباين في التجارة الخارجية مع الكيان الإسرائيلي في كلاً من جيبوتي وجزر القمر والسودان مع اختلاف الأنظمة الحاكمة
من الملاحظ وجود تفاوت واضح في حجم التبادل التجاري في العام 2010 عن باقي أعوام الدراسة، فعلى الرغم من ذلك التباين إلا أن حجم التبادل التجاري لم يتعد 2.197 مليون دولار مسجلاً 0.01% من إجمالي تجارتها مع العالم.
وفى نفس العام نجد أن تلك القيمة 2.197 مليون دولار، مثلت 0.0019% من إجمالي تجارة الكيان الإسرائيلي مع دول العالم.
- دول مجلس التعاون الخليجي:
تمثل دول مجلس التعاون الخليجي أحد أهم نماذج التكتلات الاقتصادية الناجحة، وتتميز بنظام حكم سياسي واحد ومتقارب إلي حد كبير، بين ممالك وإمارات إلا أنها تتفق فينظام تداول سياسي موحد حيث الحكم الوراثي، وهنا لايمكن القول أنه بتغير الحاكم يتغير النظام معه كما في أغلب الدول العربية، ونظراً لتلك السمه الهامة فإن التغيرات السياسية في تلك البلاد تتسم بالندرة النسبية كالآتي:
بدأت الألفية الثالثة بمعدل تبادل تجاري مع الكيان الإسرائيلي بلغ 1.730 مليون دولار، مع دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعين، وحتي العام 2003، حافظ معدل التبادل على نفس القيمة لمدة 4 أعوام، وبحلول العام 2006 تضاعف حجم التبادل بنسبة 2300%، حيث بلغ 40.653 مليون دولار، واستمر صعود حجم التبادل التجاري وصولاً لأقصاه في العام 2008 ، الذي بلغ 98.480 مليون دولار، وعلى الرغم من تضاعف حجم التبادل التجاري خلال الـ9 أعوام الأولي في الدراسة بنسبة 5700% إلا أن نسبة التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي قد بلغت من حجم التجارة العالمية لدول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام المشار إليها 2000 ، 2006 ، 2008 وأيضاً في العام 2013 على الترتيب 0.0007% ، 0.0001% ، 0.0084% ، 0.0022 ، ما بين 0.0001% و 0.0084% و 1.730 مليون دولار و 98.480 مليون دولار تراوحت نسب وحجم التبادل التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي مع الكيان الإسرائيلي في13 عاماً خلال فترة الدراسة.
وعلى الرغم من تصدر العام 2008 قمة التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي إلا أننا نجد أن قيمة التبادل التجاري مع مجلس التعاون الخليجي ، مثلت 0.08% من إجمالي حجم التبادل التجاري للكيان الإسرائيلي مع العالم.
- الدول الأسيوية العربية (باستثناء مجلس التعاون الخليجي):
تشمل المجموعة كلاً من “العراق – لبنان – الأردن – فلسطين” ومن المفارقات أن كل من تلك الدول تخضع لنظام سياسي متباين بشدة، بين نظام جمهوري بعد الاحتلال الأمريكي في العراق، ونظام ملكي في الأردن، وبرلماني في لبنان، وسلطة وطنية في فلسطين، ومع وقوع أغلبهم في خط التماس – المصالح- مع الكيان الإسرائيلي في ظل فترة يشوبها الاستقرار النسبي مع أغلب الدول العربية.
خلال فترة الدراسة مرت العراق بالاحتلال الأمريكي، الذي قد تغير طبيعة علاقاتها وتوجهاتها نظراً لحالة العداء الظاهرة على الساحة بين نظام الرئيس السابق صدام حسين والكيان الإسرائيلي، وفى جانب آخر نجد الأردن، التي لم تمر بتحولات سياسية منذ تولي الملك عبدالله سدة الحكم في 1999 ورث معهاتفاقية السلام مع الكيان الإسرائيلي بالإضافة لعدة اتفاقات اقتصادية وعلى قمتها اتفاقية الكويز، بينما في فلسطين المحتلة نجد تلاحم جغرافي إجباري حيث الكيان الإسرائيلي مسيطر بشكل كامل على مقدرات الأرض والشعب وعلاقات تجارية واقتصادية إجبارية مع سيطرة جيش الاحتلال على جميع المعابر الاقتصاديةفي الأراضي المحتلة، وأخيراً لبنان صاحبة النظام البرلماني، التي مرت بعدة تحولات سياسية ديناميكية خلال فترة الدراسة مع عدة مواجهات مباشرة مع الكيان الإسرائيلي وحروب كفيلة بتدمير كافة العلاقات السياسية والاقتصادية إلا أنها قد ظهرت خلال فترة الدراسة على استحياء.
ومع فترات الشد والجذب وتوتر الأوضاع الاقتصادية والسياسية في بلدان المجموعة الرابعة والأخيرة يتضح تباين حجم التبادل التجاري كالآتي :
حتي العام 2006 لم يلاحظ إي تطور ملفتفي حجم التبادل التجاريبين، 173* مليون دولار و290 مليون دولار، تراوح حجم التبادل التجاري السنوي مع الكيان الإسرائيلي، وبمجرد حلول العام 2007 تضاعفت قيم التبادل التجاري بنسبة 1150%، الذي مثل نقطة تمركز ومستوي أو حد أدني مستجد لحجم التبادل التجاري بين الطرفين وصولاً للعام 2014 بتشكيل حد أقصي تاريخي في حجم التبادل التجاري العربي الإسرائيلي، الذي تخطي حاجز 5 مليار دولار سنوياً، ومع معدلات النمو المتواترة للتبادل التجاري خلال فترة الدراسة تراوحت نسبة التبادل التجاري لدول المجموعة الرابعة مع الكيان الإسرائيلي خلال الأعوام 2000 ، 2007 ، 2014 على الترتيب 1.38% ، 8.39% ، 2.71% من حجم التبادل التجاري مع دول العالم.
ومع استحواذ دول المجموعة الرابعة على صدارة حجم التبادل التجاري من حيث القيمة، نجد أيضاً صدارتها من حيث النسبة حيث استحوذت في العام 2014 على 3.54% من إجمالي حجم التبادل التجاري للكيان الإسرائيلي مع العالم.
ثانياً طبيعة السلع المتبادلة مع الكيان الإسرائيلي* :
بالنظر إلي حجم تبادل السلع، بين الدول العربية، و الكيان الإسرائيلي، يتبادر إلي الذهن سؤال حول طبيعة السلع المتبادلة نجد الآتيفي أكثر الأعوام تبادلاً لكل مجموعة :
- دول المجموعة الأولي “دول الثورات العربية” :
في العام 2010، بلغ حجم التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي مايقارب 514 مليون دولار كانت السلع الآتية في صدارة الميزان التجاري لكلا الطرفين في التجارة البينية
مثل الوقود والزيوت المعدنية بنسبة 52.96% مع إجمالي السلع المتبادلة مع الكيان الإسرائيلي، تلاها المواد الكيمائية غير العضوية بنسبة 3.97%، بينما شكلت باقي السلع نسب متفاوتة، وفى جانب آخر جاءت سلع أخري بأعداد كبيرة، لكن ذات قيم صغري في مجموعة أخري مجتمعين مشكلين 38.87% من إجمالي حجم التبادل التجاري.
- المجموعة الثانية “دول شمال إفريقيا” :
مثل العام 2013 أكبر حجم تبادل تجاري في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، بحجم تبادل تجاري يقدر بـ61.209 مليون دولار
و مثلت المنتجات الكيماوية النصيب الأكبر من حجم التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي بنسبة 57%، وفى المركز الثاني جاءت المواد الكيمائية غير العضوية، بنسبة 15%، تلاها على الترتيب الآلات، والأجهزة الميكانيكية والأسمدة، بينما جاءت سلع ومنتجات أخري ذات قيم منخفضة نسبياً مشكلة 14% من إجمالي السلع المتبادلة بين الطرفين.
- المجموعة الثالثة “دول مجلس التعاون الخليجي” :
على الرغم من الأزمة المالية العالمية في عام 2008 إلا أنه تصدر حجم التبادل التجاري في فترة الدراسة بلا منازع بقيمة 98.480 مليون دولار، وجاءت السلع والمنتجات التالية في صدارة السلع المتبادلة بين الطرفين.
تصدر الأسمنت، والمواد الصخرية كالملح، والكبريت، السلع والمنتجات المتبادلة بنسبة 51.67%، تلاها اللؤلؤ والأحجار الكريمة في المركز الثاني لتداول الكيان الإسرائيلي مع دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 35.28%، بينما شكلت نسبة 7.29% سلع ومنتجات أخري ذات قيم منخفضة.
- المجموعة الرابعة “باقي الدول العربية الأسيوية” :
هي العراق وفلسطين والأردن ولبنان أو ماكان يطلق علي أغلبها دول الطوق –مصطلح أطلقه الكيان الإسرائيلي لاستجداء التضامن الدولي ضد حصار الدول العربية لها، خاصة الدول المحيطة – حيث كانت بالأمس في خطوط المواجهة الأولي مع الكيان الإسرائيلي، واليوم تعقد علاقات تجارية بنسب متفاوتة فيما بينها، حيث جاء العام 2014 في صدارة أعوام الدراسة بحجم تبادل تجاري 5 مليار دولار تقريباً، تستحوذ فلسطين المحتلة على النصيب الأكبر فيها بما يقدر ب 3 مليار دولار وكانت السلع التالية في صدارة السلع والمنتجات المتبادلة.
استحوذت المجموعة الرابعة على النصيب الأكبر في حجم التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي، وقد ظهر ذلك في استحواذ ما لا يقل عن 53% من السلع المتبادلة في تصنيف أخري أقل من 100 مليون دولار، وهذا يشير إلي حجم التنوع المشهود في السلع المتبادلة، بينما استحوذ الوقود والزيوت المعدنية على 36.54% من إجمالي حجم التبادل التجاري بين الطرفين في نفس العام، وتلاها على الترتيب بقايا الصناعات الغذائية والأعلاف الحيوانية وأيضاً الأسمنت والمواد الصخرية كالكبريت والملح بنسب متقاربة 3.559% ، 3.053% على الترتيب.
ثانياً علاقات ثنائية في ظل ضبابية المعلومات:
على الغرم من وجود معلومات عن كل الدول العربية وتبادلها التجاري مع الكيان الإسرائيلي، إلا أن تلك البيانات غير متاحة عبر البيانات الرسمية لحكومات تلك الدول، خاصة، غير القائم بينها وبين الكيان المحتل علاقات واتفاقات رسمية على غرار مصر، والأردن، إلا أن ذلك لا ينفي أو يؤكد التبادل التجاري البيني لتلك الدول مع الكيان الإسرائيلي، ففي تقرير أعده سايمون هندرسون – مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن(1)، إنه بالرغم من عدم وجود علاقات تجارية بين بعض الدول العربية والكيان الإسرائيلي بشكل علني أو عدم توافر بيانات عنها، أن ذلك يعود لوجود سرية محكمة بين الطرفين بخصوص بعض الصفقات البينية، بينما ظل البعض الآخر محافظاً على مقاطعته الاقتصادية، والسياسية متواجدة نسبياً.
إلا أنه وبافتراض وجود علاقات سرية بن الأنظمة فإنها لا ترقي أن يحكم عليها والجزم بوجود علاقات تجارية بين الدول نظراً لضآلة حجمها نسبة إلي التجارة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال.
يذكر، أن الشراكات التجارية – الرسمية – العربية الإسرائيلية بين الأنظمة والدول بعضها البعض تمثل رأس جبل الجليد في غالبية الأحيان، فمنذ منتصف القرن العشرين مثلت الشركات متعددة الجنسيات العمود الفقري للتبادل التجاري واقتصاديات الدول أو بمفهوم أدق مثلت بحد ذاتها اقتصاديات دول منفردة بذاتها، وأصبحت أحد أهم الأذرع الاقتصادية وأحد أهم المتحكمين في الاقتصاد العالمي، خاصة في الدول النامية بمرور الوقت، وبالعودة للمنطقة العربية فوفقاً لبيانات منظمة الأنتكاد للتوزيع الجغرافي للشركات متعددة الجنسيات للعام 2005 تتركز أغلب أنشطة الشركات متعددة الجنسيات في الصناعات التعدينية، فبلغ عدد الشركات في الوطن العربي في نفس العام 2400 شركة متعددة الجنسيات، تركز منها في السعودية فقط 1800 شركة، وفى نفس الدراسة(2) أشار الباحث إلى وجود وجود مميزات عدة للشركات متعددة الجنسيات في هيكل الدولة الإنتاجي، إلا أن هذا التطور مقترن بهيكلها وطبيعة إنتاجها وأهدافها الاستثمارية في تلك البلاد، وبالتالي فإن سيطرتها على أنشطة التعدين تخرج الدولة من معادلة التبادل التجاري مع الخارج في الصناعات التعدينية على سبيل المثال، وتخدم تحت راية الراعي الأساسي لها وهي الدولة الأم أو بمعني أدق الممول الرئيسي لها، حيث لا تتحكم الدول في نصيب تلك الشركات من الصناعات التعدينية ولا تحديد وجهتها إلا في أضيق الحدود حسب الاتفاقيات والتكتلات الاقتصادية، التي تمثل أهم عنصر جاذب لتلك الاستثمارات، ولا يمكن الجزم هنا بتبعية الشركات متعددة الجنسيات للكيان الإسرائيلي أو لدولة أخري لكنها تمثل أحد أهم بوابات التبادل التجاري مع الدول خارج إطار الدولة.
إجمالاً :
على الرغم من تعرض بعض الدول إلي تغيرات هيكلية، وديناميكية أثرت بشكل نسبي في الناتج المحلي الإجمالي لها وهيكلها الاقتصادي، إلا أن البند الوحيد الذي حافظ على استقراره النسبي، هو التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي، وهذا يعني وجود منظومة ثابته تضمن التدفقات في كلا الاتجاهين بما يضمن مصالح كل الأطراف، مهما تعرضت الدول لتوترات أو تغيرات سياسية، ولعل هذه المنظومة تعود إلي وجود اتفاقات ثنائية تدعم استقرار القطاعات الداخلة في تلك الاتفاقيات مثل الكويز، والاتفاقات المماثلة.
مع الإشارة إلي تصدر كل من المنتجات الكيماوية والوقود والزيوت المعدنية والأسمنت، والمواد الصخرية على الترتيب من حيث نسب حجم التبادل مع الكيان الإسرائيلي، ويشير ذلك إلي أهمية تلك القطاعات سواء من حيث التصدير أو الاستيراد للكيان الإسرائيلي.
وفى جانب آخر، في الغالبية العظمي للدول العربية يمثل التبادل التجاري مع الكيان الإسرائيلي رقم هامشي بجانب إجمالي التجارة الخارجية لها، وذلك بالرغم من وجود مكاتب تمثيل تجاري ودبلوماسي متبادلة على أقل تقدير عند الطرفين.
الهوامش :
1- سايمون هندرسون، “الروابط بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي“، معهد واشنطن، واشنطن 2015.
2- عصام عبدالرحمن حسن، “دور الشركات متعددة الجنسيات دور الشركات متعددة الجنسيات في اقتصادات الدول العربية”، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان الإسلامية، معهد بحوث ودراسات العالم الإسلامي، السودان 2010، ص 116.
*رابط إلكترونيwww.comtrade.un.org, United Nation,”UN Com Trade Report”, 2000:2015